آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

37/04/15

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : الواجب التخييري .

فصل : إذا تعلق الأمر بأحد الشيئين أو الاشياء ، ففي وجوب كلّ واحد على التخيير ، بمعنى عدم جواز تركه إلّا إلى بدل ، أو وجوب الواحد بعينه ، أو وجوب كلّ منهما مع السقوط بفعل أحدهما ، أو وجوب المعينّ عند الله ، أقوال. والتحقيق أن يقال ... .[[1] ]

تحصل مما تقدم انه لم يتم حسب رأينا شيء من التفاسير الذي ذكرها الاعلام رض في معنى الواجب المخير بالتخيير الشرعي

والذي ينبغي ان يقال : وقد وضحنا في ضمن مقدمة الواجب ان الواجب التخييري والعيني وقبل ذلك ايضا ان الواجب في الواجب المخير هو الطبيعي والطبيعي على قسمين

الاول : قد يكون الطبيعة يمكن ادراكها ومعرفة حدودها بدون الرجوع الى الشارع المقدس وهذا في الطبائع المندرجة تحت المقولات العشر الجوهر والعرض بأقسامه ,

وكما يمكن معرفة الطبيعة بالعقل كذلك يمكن معرفة مصاديق الطبيعة بالعقل فالعقل يمكن ان يميز بين الحمرة والبياض مثلا فاذا امكن للعقل التمييز بين هاتين الماهيتين امكن له تمييز مصاديق هذه الماهية وعن مصاديق تلك الماهية ايضا , ومن هنا حيث يتمكن العقل من معرفة ما هو مصداق لهذه الطبيعة وما ليس بمصداق فيعبر عنه بالتخيير العقلي فالإنسان اذا قال جئني بكتاب احمر فالحمرة يمكن ادراكها بالعقل ومصاديقها يمكن ادراكها بالعقل فالتخيير بين المصاديق عقليا لان العقل هو الذي يحدد بان هذا مصداق او ليس مصداق للطبيعة فبعد ذلك يقول العقل انت مخير بين هذا الفرد وبين ذلك الفرد .

الثاني : اذا كانت الطبيعة من مجعولات الشارع فلايمكن تحديدها ولامعرفة حقيقتها وحدودها الا بالرجوع الى الشارع فنسأل المعصوم عن ماهو المقصود من هذا اللفظ الذي استخدمته في مقام بيان الواجب فهو الذي يحدد فاذا كانت الماهية المطلوبة محددة بتحديد الشارع لأنها من الامور الاعتبارية والامور الاعتبارية يُعلمُ وجودُها وحدودها وضيقها وسعتها من قبل من بيده الاعتبار فيكون تحديد الطبيعة ( الماهية والطبيعة هنا لانفرق بينهما ) بيد الشارع , فاذا كان الامر كذلك فمعرفة ان هذا مصداق لهذه الطبيعة الاعتبارية وذاك ليس مصداقا فهذا ايضا يعلم من قبل المولى ففي هذه الصورة يكون التخيير شرعيا , فهناك كان للعقل تمكن وقدرة في معرفة الطبيعة ومصاديقها اما هنا فبما ان الطبيعة امر اعتباري حسب الفرض وامره بيد من به الاعتبار فهو الذي يحدد المصاديق فيكون تحديد وسعة وحدود المصاديق هو بالرجوع الى الشارع فيكون التخيير شرعيا وهو الذي يحدد هذا مصداق وذاك ليس بمصداق , نعم بعد تحديد المولى حينئذ يكون التخيير بينهما عقليا ولكن في طول التخيير الشرعي لافي عرضه , والمثال المعروف للواجب المخير هو خصال الكفارة العتق والاطعام والصوم فهذه الامور الثلاثة متباينة بعضها عن بعض والواجب في مثل هذا الوارد في الواقع هو الطبيعة الاعتبارية وهو التكفير كما في الرواية يأتي الصحابي الى النبي ص يقول هلكت واهلكت عندما واقع اهله في شهر رمضان فيقول له ص كفر , فالأمر تعلق بالتكفير وماهو مصداق التكفير ايضا يسئل الشارع فيجيب الاطعام او العتق او الصيام .

عند ما نقول تخيير عقلي يعني التخيير ثابت بحكم العقل من دون الرجوع الى الشارع حيث العقل مستقلا بما اعطاه الله تعالى من القوة والطاقة يتمكن من تحديد مثلا معنى التفاح ومعنى احمر ومصداق التفاح ومصداق الاحمر فالعقل يستقل بما له من قوة بذلك , واما التخيير الشرعي فيعني ان نفس الطبيعة وانواعها ومصاديقها بيد الشارع فالفرد بيد المولى والتخيير بين فرد وفرد آخر مرتبط على فردية هذا وفردية ذاك وبما ان فردية هذا وفردية ذاك بتحديد من المولى صار التخيير شرعي[2] , هذا هو الصحيح والعلم عند الله سبحانه في تصوير الواجب التخييري لا ما افاده الاعلام رض .

ثم وقع الكلام بينهم في الاقل والاكثر فصاحب الكفاية اراد ان يُصور ان الاقل وان كان داخلا ضمن الاكثر الا انه في حده يختلف عن الاكثر بحده , وعبر عن هذا المعنى السيد الاعظم حسب ما نسب اليه ان الاقل بشرط لا والاكثر بشرط شيء وشرط لا وشرط شيء متباينان فيقول ياصاحب الكفاية انت خرجت عن محل البحث من التخيير بين الاقل والاكثر الى التخيير بين المتباينين .


[1] كفاية الاصول، الاخوند الخراساني، ج1، ص140 . ال البيت.
[2] مصب الوجوب في التخيير العقلي الطبيعة وفي الشرعي ايضا الطبيعة ولكن تحديد الطبيعة هناك بيد العقل وهنا بيد الشارع وكذلك المصاديق .