آیة‌الله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

37/03/28

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : فصل إذا نسخ الوجوب فلا دلالة لدليل الناسخ ولا المنسوخ، على بقاء الجواز[1]
كنا في مقام البحث في تحقيق جريان استصحاب الجواز بعد نسخ الوجوب , وللمحقق الاصفهاني رض في المقام تحقيق فعنده تعليقة على الكفاية وحاشية على التعليقة فتعرض للمطلب مرتين مرة في التعليقة ومرة اخرى في الهامش , افاد في التعليقة قال بناء على ان الوجوب مركب كتركب النوع من الجنس والفصل فبناء على ذلك لاشك في انه لا يبقى الجنس بدون الفصل والفصل يكون علة لحدوث حصة من الجنس وكذلك علة لبقاء تلك الحصة ولكن في التكوينيات بعض الفصول عدمه ملازم لحصول فصل اخر يعني اذا ارتفع فصل يقارنه قهرا وجود فصل آخر فبإمكان تلك الحصة من الجنس التي كانت موجودة مع الفصل السابق تبقى وتستمر  بالفصل السابق وذكر له مثالا وهو الشجر الجسم النامي فهو جسم وفصله النامي فاذا يبست الشجرة ارتفع الفصل وهو النامي ونفس ارتفاع الفصل يلازم حلول فصل آخر محل الفصل الاول وذلك الفصل الثاني انه الجسم الجامد مثلا فكان ناميا والآن صار جامدا فنفس ارتفاع النمو يستلزم حلول الجمود محله فاذا كان الامر كذلك فاذا نسخ الوجوب نسخ النوع فيحتمل ان يكون النسخ والاعدام شاملا لكلا الجزئين  الجنس والفصل فلايبقى بعد النسخ شيء لا المنع من الترك ولا الجواز وكذلك يحتمل ان يكون ذلك الاعدام مختصا بالمنع من الترك فاذا اختص به قهرا يحل محل هذا الفصل فصل اخر وهو الجواز كما ان ارتفاع النامي مستلزم لحلول الجمود كذلك رفع المنع من الترك يلازم الجواز في الترك محله وعلى هذا نشك بعدما كان الوجوب موجودا وتحقق الارتفاع ولاندري ان عدم الرفع تعلق بكلا الجزئين جواز الفعل والمنع من الترك او انه تعلق النسخ فقط بالمنع من الترك فيحل محله ذلك الفصل الآخر فيبقى الجنس وهو جواز الفعل على حاله , هكذا افاد رض في متن التعليقة وفي هذا الذي افاده لنا ملاحظتان
الاولى نقدمها والثانية هو ملتفت اليها ولذلك علق على  كلامه بتعليقة ضمن انتباهه الى تلك لملاحظة ,
اما الملاحظة الاولى  الني نقدمها مفادها ان لجنس وان كان الموجود مع الفصل حصة منه والجنس يبقى مع الفرد الثاني كما كان باقيا بالفرد الاول الا ان الباقي مع الفصل الثاني لابد ان نلتزم انه مغاير للذي كان موجودا مع الفصل الاول اذ قلنا بانه علة واذا اختلفت العلة اختلف المعلول فهذا الجواز الذي كان معلولا للمنع من الترك مغايرا للجواز الذي يأتي مع الفصل الجديد معلا علة جديدة فالحرارة الناشئة من احتكاك جسم صلب مع جسم صلب اخر تختلف عن الحرارة الناشئة من اسباب اخرى فما ذكره رض لا يكفي لرفع شبهتنا عن الاستصحاب فالاستصحاب انما هو في ما اذا كان الشك متمحضا في البقاء ولايكون في البقاء وفي المقام الشك في الحدوث  انه هل حل جواز اخر بعد ارتفاع الجواز بارتفاع الفصل السابق هل وجد او لم يوجد , فالالتزام ببقاء الجواز يكون التزام بجواز جديد وهذا ليس باستصحاب وانما هو اثبات وجود الشيء وحدوثه وليس هو عبارة عن الحكم , هذه الملاحظة الاولى
الملاحظة الثانية : ان الوجوب ليس هو مركب بل هو امر اعتباري وحتى اذا قلنا بتركيبه فهو مركب اعتباري يعني اعتبار مع اعتبار يشكل وجوبا وكل اعتبار مرتبط باعتبار اخر يكون مغايرا للاعتبار السابق , ومطلبه هذا علق عليه في الهامش ما حاصله : ان الوجوب مركب اعتباري يعني ان كل من الجواز والمنع من الترك مجعول بالجعل الاعتباري وليس بمركب حقيقي المركب من الجنس والفصل يقول ايضا يمكن التمسك بالاستصحاب ويقال ان القدر المتيقن من المرفوع بالنسخ هو المنع من الترك لأنه هو مرتفع قطعا سواء كان النسخ اوجب رفع الوجوب بجميع اجزائه او ببعض اجزائه فلا معنى لان يبقى المنع من الترك والجواز يرتفع والذي هو معقول هو ان الجواز يبقى والمنع من الترك يرتفع اذن المنع من الترك مرفوع جزما سواء كان الارتفاع مختصا به او شاملا له وللجزء الثاني فالقدر المتيقن من المرفوع والمعدوم هو المنع من الترك واما الثاني فمشكوك الارتفاع , اذن اذا كان يرفع فهو قابل للاستصحاب , هذا ملخص كلامه في الهامش في ان الوجوب مركب اعتباري وليس مركبا حقيقيا .
نقول في ذلك : ان الشارع المقدس لم ينشأ الوجوب بالتدريج بمعنى انشأ جواز الفعل ثم انشأ المنع من الترك او انشأ اولا المنع من الترك ثم انشأ الجواز ثم ركب احدهما وضم احدهما الى الاخر فتكون منهما الوجود , انما هذا يأتي في المحسوسات الموجودة في الخارج كما لو ضممنا السكر الى الخل فيكون السكنجبين فكل منهما موجود مستقل , وليس هو كذلك في الامور الاعتبارية فان اعتبار الشيء مستقلا غير اعتباره مرتبطا فلا يكون المنع من الترك المرتبط بالجواز المرتبط بالمنع من الترك عين الجواز الذي يكون بدون المنع من الترك فان كل منهما مستقل وقد قلنا ي محله ان الامور الاعتبارية ان كل ما يلاحظ معه من وجود وعدم يجعله حيثية تقيدية وليس حيثية اطلاقية , وعلى هذا الاساس الجواز المجعول مع المنع من الترك يكون مباينا ومغايرا للجواز المجعول ضمن جواز الترك فاذا كان غيره فيكون شكا في الحدوث وليس في البقاء فلا يجري الاستصحاب مضافا الى ان هذا الكلام يأتي اذا قلنا ان الشارع جعل الجواز وجعل المنع اي ان هناك جعلان وهذا باطل جزما لما قلنا من ان هيئة افعل تدل على الزام الفعل بجعل واحد لا بجعل متعدد وهذا المجعول بجعل واحد ينتزع العقل منه جواز الفعل مع المنع من الترك فيكون التعدد في الامر الانتزاعي وليس في منشأ الانتزاع , اذن اذا لم يكن هناك تعدد في منشأ الانتزاع فلا معنى لتعدد الجعل او المجعول بالقياس الى منشأ الانتزاع .


[1] كفاية الاصول, الاخوند الخراساني, ج1, ص139, ال البيت . .