آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

37/03/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : فصل إذا نسخ الوجوب فلا دلالة لدليل الناسخ ولا المنسوخ ، على بقاء الجواز[1]

قدمنا بعض المطالب في هذا البحث وفلنا ان هذا البحث يأتي سواء كان القول بان لوجوب مركب او كان بسيطا غاية الامر انه على القول بالتركيب يكون الجواز جزأ من الوجوب وعلى القول بالبساطة يكون الجواز لازما للوجوب وكذلك الرجحان فبناء على التركيب يكون جزأ وعلى البساطة يكون لازما للوجوب , كما يمكن ان يبقى الجزء بعد انتفاء المركب كذلك يمكن ان يبقى اللازم بعد انتفاء الملزوم ولكن الذي نريد ان نلتفت اليه هو ان الجزء على قسمين وكذلك اللازم على قسمين الجزء قد يكون تركيبيا وقد يكون تحليليا بمعنى ان الجزء التركيبي ان للجزء قبل ارتباطه بالجزء الاخر ان له استقلال في الكون والوجود والحصول ويمكن كذلك يبقى بعد انفصاله عن ذلك الجزء الاخر وقد يكون هذا الجزء لاوجود له قبل تحقق المركب , فبعدما يوجد الشيء العقلُ يحلله ويثبت ان هناك جزئين وكل منهما داخل في قوام المركب فالعقل يحلل وليس له وجود مسقل قبل التركيب وبعد التركيب فمثلا الآجر والاحجار قبل تكون البناء له وجود مستقل وهذا نعبر عنه بالجزء التركيبي وقد لا يكون كذلك مثل الممكن فحينما يتأمل فيه العقل يحلل الممكن الى الامكان والمتصف بالإمكان ( سواء فسرت الامكان بالحاجة او متساوي الطرفين بين الوجود والعدم فسه بما شئت فقالوا هناك ان الامكان لا يمكن تفسيره تفسيرا منطقيا ) فالممكن حينما يحلله العقل الى امرين الى الامكان والآخر المتصف بالإمكان وهو الوجود المفتقر الى العلة لتحققه ولا يوجد للإمكان ولاللمكن تحصُل قبل الاتصاف بالممكن , والوجوب بالغير لا ينافي الامكان لذاتي فالإمكان الذاتي ثابت للمكن والعقل يحلل الشيء الممكن الى الاماكن والى الذات المتصفة بالإمكان , هذا الجزء التحليلي , وكذلك اللازم والملزوم له وجود مستقل مع قطع النظر عن الملزوم يوجد معه او يحدث التلازم بعد تحقق الارتباط وقد يكون هذا اللازم صالحا للبقاء مع الانفصال عن الملزوم وقد لا يكون صالحا للبقاء وتحقق الملزوم , فان كان الملزوم علة محدثة ومبقية للازم فحينئذ البقاء كالحدوث في اللازم مفتقر الى الملزوم فلا يعقل ان يبقى اللازم مع انفصاله عن الملزوم اذ ان فرض الكلام هو ان الملزوم علة لحدوث اللازم وكذلك علة لبقاء اللازم فالعلة الموجدة للمكن قد تكون علة لوجود الممكن والعلة لبقاء الممكن شيئا اخر كما في الحائط فحدوثه بفعل البناء واما الاستمرار والبقاء هو للتماسك الموجود في الاحجار فهو العلة او المقتضي لبقاء الجدار على حاله وليس البناء الذي بنى وذهب ,

فالنتيجة ان كل من الجزء واللازم يمكن ان يكون صالحا للبقاء بعد الانفصال وقد لا يكون صالحا للبقاء بعد الانفصال . وقلنا ان البحث يجري على الفول بتركيب الوجوب فيكون الجواز او الرجحان جزأ فلابد للقائل بالبقاء ان يثبت صلاحية البقاء للجواز او الرجحتن بعد انفصالهما عن المنع من الترك , وكذلك ان قلنا ببساطة الوجوب فلابد ان يدعي القائل بدلالة الناسخ او المنسوخ على بقاء الجواز ان ذلك الجواز لازم للوجوب او الرجحان لازما للوجوب وان ذلك اللازم صالح وممكن لان يبقى بعد انفصاله عن الملزوم بدون هذا غير واضح .

وقلنا ان هذه ربط المسالة بمسالة بقاء الجنس بعد انفصاله عن الفصل اجنبية عن محل الكلام فالربط لا ينبغي ان يحدث في كلمات الاعلام

والوجه فيه ان الجنس والفصل من اقسام الاعراض والاجناس العالية واما الوجوب واجزائه هو عبارة عن الامر الوجودي الذي اوجده من بيده صلاحية من بيده ايجاد رجان او وجوب او جواز الفعل فهذا ليس داخلا في شيء من المقولات العشرة فلا علاقة ببين البحثين .

ثم جاء في كلام صاحب الكفاية وغيره انه لا دلالة للدليل الناسخ ولا للدليل المنسوخ على البقاء , اما دليل الناسخ فواضح من ان هذا الدليل الناسخ الدال على نسخ الوجوب وارتفاعه هل يدل على نفسخ الوجوب بجميع اجزائه بناء على التركيب او بلازمه وملزومه بناء على البساطة او لا يدل , هذا هو معنى دليل الناسخ

اما دليل المنسوخ فكيف يدل على البقاء فلا معنى لذلك ولكن المقصود حسب ما نتخيل والعلم عند الله ان الدليل المنسوخ هل يدل على ان في المنسوخ مايمكن ان يبقى بعد ارتفاع الوجوب او لا يدل يعني بناء على التركيب هل الدليل المنسوخ يدل على اجزاء الوجوب او لا يدل , او انه بناء على البساطة فدليل الوجوب المنسوخ يدل على ان هذا اللازم وهو الجواز او الرجحان صالح لان يبقى بعد ارتفاع الوجوب , فبهذه البيانات شخصنا محل البحث حتى نتجنب بعض الادلة التي لا ينبغي ان تذكر في المقام ولا بعض الاشكالات التي تذكر , فندخل في الدليل هل يوجد دليل لفظي او لا او هل يوجد اصل عملي وهو الاستصحاب او لا .

وطرح في كلمات الاصوليين بعنوان البحث عن الوجوب فقط , وبمقتضى بياننا يجري البحث في جميع الاحكام الخمسة وليس فقط في الوجوب , مثلا في الحرمة فاذا نسخت الحرمة فهل تبقى المرجوحية التي هي جزء من الحرمة بناء على التركيب او تبقى المرجوحية بعد نسخ الحرمة بناء على ان الحرمة بسيطة ولازمها المرجوحية ,

وكذلك في الاستحباب وهو الرجحان مع جواز الترك عن بقاء الجواز مع نسخ الاستحباب وكذلك يمكن البحث عن بقاء الجواز بالمعنى الاخص الذي هو قسيم الاحكام الاربعة والجواز بالمعنى الاعم الذي هو مشترك بين الاحكام الاربعة , ولكن الاعلام طرحوا قط بقاء الجواز بعد نسخ الوجوب وكأنه يقاس عليه البقية , ونحن كذلك نتبع الاعلام , لأنه يحتاج الى غير في الادلة والنتيجة واحدة ,

 


[1] كفاية الاصول، الاخوند الخراساني، ج1، ص139، ال البيت .