آیة‌الله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

37/02/26

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : امر الآمر مع علمه بانتفاء الشرط.
يمكن ان نقول ان قوله صدقت الرؤيا قرينة على انه كان مأمورا بالذبح وليس بالمقدمات فما جعله صاحب المعالم قرينة غير واضح وتعارض بمثله
 وقلنا ان كلا الامرين ما أفاده في المعالم وكلام صاحب هداية المسترشدين مبني على ان يكون تصديق او صدق الرؤيا هو عين مارآه الانسان في المنام نفسه ولا يختلف عن ما يحصل في اليقظة عما يراه في المنام في جهة من الجهات حينئذ يأتي كلام صاحب المعالم ويأتي اشكال صاحب الحاشية .
ولكن قلنا ليس معنى صدق الرؤيا تحقق عين مارآه في عالم المنام بل ان المقصود من صدق الرؤيا ان له نحو من الواقع نفسه او ضده او قريب منه ونحو ذلك مقابل كذب الرؤيا حيث تكون خيال بحت لا يحصل له اي شيء يناسبه في الواقع مثلا  ذكر في بعض الكتب ( انه جاءت امرأة الى رسول الله ص قالت له يارسول الله رأيت في المنام كأن سقف البيت قد سقط علينا قال لها النبي ص هل ان زوجك مسافر قالت نعم قال سيرجع سالما ) فليس هناك ترابط بين سقوط السقف وبين رجوع الزوج سالما[1], الرؤيا الصادقة قد يكون لها تأويل وقد لا يكون لها تأويل وقد يكون عين ما يحدث وقد يكون نقيض ما يحدث فالرؤيا الصادقة يعني ليس خيالا بحتا وليس معنى صدق الرؤيا ان الحاصل في اليقظة عين او شبيه الذي يراه في المنام , حتى في القرآن  كما في الآية في سورة يوسف ورؤيا يوسف ع ورؤيا الفتيان ( وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانَ قَالَ أحدهما إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ )( يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ )[2] فهذه رؤيا صادقة اي انها ليس خيالا بحتا .
فما افاده في المعالم والتعليق من صاحب الحاشية رض مبني على ان يكون معنى صدق الرؤيا ان يحدث عين مارآه الانسان في المنام وهذا ليس بصحيح وهذه الكتب العلمية والمعقولية تشهد بخلاف ماذهب اليه العلمان ثم يمكن ان يقال ان قصة ابراهيم ع خارجة عن محل البحث وذلك لان كلامنا هو ان امر المولى امرا حقيقيا بالفعل وليس امرا امتحانيا والاوامر الامتحاتية خارجة عن محل البحث والامتحان بمعنى الاختبار المتأخرون قالو به والا فهو بمعنى الابتلاء فالله يبتلي الانسان بشيء وهو مأخوذ من باب الافتعال من المحنة وهي المشقة وقد تكون المشقة حقيقية وقد تكون لغاية الاختبار
والاوامر الاختبارية خارجة عن محل البحث و لا يكون اصل التكليف متحققا بنفس الفعل ونما يكون لغاية اخرى ليس بغاية تحقق نفس متعلق التكليف وهناك قرائن في كتاب الله العزيز وغير كتاب الله العزيز بان هذا كان امتحانا لخليل الرحمن كما في ( ان هذا لهو البلاء المبين ) فاين هذا من كلام ابن الحاجب واين تلك الاشكالات فكلها اجنبية عن محل البحث
والاوامر الاقتضائية التي لا يكون مطلوب الآمر تحقيق نفس متعلق الامر هذا الذي قلنا انه غير معقول , يريد نفس الفعل وشرط من الشرائط او ما يتوقف عليه تحقق الامتثال مفقود والمولى يعلم انه مفقود فهذا الذي فيه الكلام فاذا كان الامر من الله تعالى موجها الى خليل الرحمن هذا يكون من هذا القبيل يعني انه بلاء فقط او امتحان كما يقول صاحب الحاشية فهذا خارج عن محل الكلام يعني لم يكن الفعل نفسه مطلوبا وهذه المسألة خارجة والبحث هو حيث يكون مطلوب الآمر تحقيق متعلق التكليف وهذا ليس المطلوب تحقق متعلق التكليف
 ثم هناك مطلب اخر وهو جاء في كلمات صاحب المعالم وغيره وهو الفداء من اي شيء كان ( وفديناه بذبح عظيم ) فاذا لم يكن مأمورا بالذبح فكيف يكون الفداء ؟ فهذا غير واضح علينا , فهو يقول انه فداء على المقدمات , فهذا عجيب منه قده فاذا كلاهما تحقق فلا يسمى فداء , الفداء معناه الاول يترك ( يروح ) ويحل في مقامه غيره , فاذا قلت ان اصل الامر متعلق بالمقدمات فكيف يكون ذبحا عظيما فداء على المقدمات  , ثم تراجع في المعالم وقال لعله فداء دله ابراهيم عما سيؤمر به , ونقول انه لم يؤمر به فذبح الولد غير مطلوب فاذا كان غير مطلوب فالفداء عما ليس مطلوبا منه , هذا ما قاله الاعلام في هذا البحث
فكيف يكون الفداء , خصوصا كما عند اهل التفسير ان المقصود من ذبح عظيم هو سيد الشهداء ع كما يستفاد من بعض الروايات وهو احد احفاد اسماعيل ع , فهذا ذبح عن اي شيء اما ما ظنه فليس اصلا ليس واقع واذا كان المفدى عنه ظن فالظن تحقق واذا الفداء غير متحقق والمفدي عنه متحقق فهذا لم يصير فداء واذا كان المقصود الفداء على المقدمات فالمقدمات قد تحققت والفداء تحقق فكيف يكون احدهما فداء وعوضا عن الاخر كيف يكون هذا  الفداء معناه فدية عن ذلك , ففي باب الكفارات الفدية عن العقوبة التي كانت تنتظره هذه الفدية على ما يترتب علية من معاقبة ذلك الذي كان يترتب عليه , فما ذكره صاحب المعالم غير واضح .  


[1] هناك فرصة للطلبة لمراجعة الكتب العلمية في ايام الخميس والجمعة فكتب الفلسفة تعرضت لمسألة الرؤيا كصاحب المنظومة  في اخر المنظومة فقال من الرؤيا قد يكون خيالا بحتا اي انه ليس له اي تأويل اصلا وقد يكون منها له تأويل  الرؤيا الصادقة قد يكون لها تأويل وقد لا يكون لها تأويل وقد يكون عين ما يحدث وقد يكون نقيض ما يحدث فالرؤيا الصادقة يعني ليس خيالا بحتا وليس معنى صدق الرؤيا ان الحاصل في اليقظة عين او شبيه الذي يراه في المنام , حتى في القرآن  كما في الآية في سورة يوسف
[2] قران مجيد, سورة يوسف, اية14.