آیة‌الله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

37/02/10

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : امر الآمر مع علمه بانتفاء الشرط .
قلنا ان صاحب الحاشية يقول ان المكلف ان لم يعلم بشرط التكليف او المكلف به ولكنه يعلم بالحكم الظاهري فهذا المقدار يكفي لان يقدم على الامتثال
هذا الجواب بقطع النظر عن اشكالنا السابق يرد عليه ان الحكم الظاهري بناء على القول بالتخطئة والقول بالطريقية الى الاحكام ان المكلف يعلم ما يستنبطه من الحكم ولكنه مطابق للواقع او لا فانه لا يدري فيكون المضمون مطابقة الحكم للواقع واصل الحكم يكون معلوما هذا معنى الحكم الظاهري اما بناء على القول بالسببية فيكون هذا هو الحكم الواقعي الذي استنبطه الفقيه اما على القول بالتصويب فما استنبطه الفقيه هو الحكم الواقعي عند الله سبحانه , فصاحب الحاشية يريد ان يثبت ان المكلف عالم بالاستنباط بما استنبطه وهذا بعيد عن مقتضى دليل ابن الحاجب فابن الحاجب لا يريد ان يقول انه ما يستنبطه الفقيه معلوما له او ليس بمعلوم وانما يريد ان يقول ان المكلف في مقام امتثال الحكم الشرعي متى يعلم في مقام الامتثال انه وجه الخطاب اليه قبل العمل لا يعلم فربما بعض شرائط التكليف تكون مرتفعة واثناء وبعد العمل يكون التكليف مرتفعا فمتى يعلم في مقام الامتثال وصاحب الحاشية صاحب هداية المسترشدين ذهب الى مقام الاستنباط فابتعد قلمه الشريف عن محل كلام ابن الحاجب فجوابه لا ينفعنا
واما علم الهدى فيقول اذا فقد العلم فالضن يقوم مقام العلم وذكر مثال اذا رأى الانسانُ السبعَ من بعيد متجها اليه فهو يظن انه يصل ولا يعلم اذ يحتمل ان يمنع السبع مانع من الوصول اليه ومع ذلك يعتمد العقلاء على هذا الضن اي وصول السبع اليه فلذلك يحكمون بوجوب التحرز من السبع فالضن يقوم مقام العلم عند فقد العلم وفي المقام المكلف اذا فقد العلم بالتكليف المتوجه اليه ولكنه ضان وهذا المقدار يكفي .
 هذا الجواب من علم الهدى انه غير مطابق لرأيه الذي قرره في بحث حجية خبر الواحد خصوصا في مسائل التبانيات التي كتبها لأهل التبان فقال هناك لا يجوز العمل بخبر الواحد والعمل به مثل العمل بالقياس عند غير الامامية وان الخبر الواحد لا يفيد الضن ولا يجوز العمل بالضن مطلقا وتمسك بقوله سبحانه ( ان يتبعون الا الظن وان هم الا يخرصون )[1] فمنع من العمل بالضن مطلقا وبمقتضى هذا البيان منه  هنا كل المكلفين قديما وحديثا يعملون بالضن فاين هذا من ذاك الذي ذكره
فالنتيجة فهذا الذي ذكره يناقض مبناه الشريف ,فجوابه غير واضح
اما اصل دليل ابن الحاجب ايضا  غير صحيح ولنا عليه ملاحظه وهي ان محل الكلام ان المولى اذا علم ان الشرط منتف ( شرط من شرائط التكليف او من شرائط الامتثال حسب اختلاف نظريات الاعلام ) هل يصح او يعقل منه الامر او لا ؟ اذا تريد ان تثبت جواز الامر كما هو مبناك عليك ان تاتي بمثال ان الله تعالى كان عالما بشرط التكليف او المكلف به في فلان مورد ومع ذلك وجه التكليف اليه هذا وانت لم تفعل هذا ونما فعلت ان المكلف به في مقام الامتثال فكيف يعلم انه مكلف مالم نقل بانه التكليف يصح مع علم الآمر بانتفاء الشرط فهذا اجنبي عن محل البحث , فان كان لك حق ان تثبت هذا فعليك ان تأتي بمثال بانتفاء شرط التكليف او المكلف به ومع ذلك امره .
الملاحظة الثانية : على ابن الحاجب فنقول هناك حكم عقلي او عقلائي وجميع النظم الحكومية والاجتماعية والعشائرية والشخصية مبتنية على ذلك الحكم العقلائي وهو ان كل مكلف مالم يعلم بان التكليف مرتفع عنه عليه ان يقدم على الامتثال حتى في المولى العرفي فلوا قال لعبده اذهب الى الكوفة واشتر لي الكتاب الفلاني  ولم يذهب العبد وقال لعله اموت في الطريق وماعلمت ان التكليف قطعا متوجه الي فلا يسمع منه هذا الاعتذار , وهكذا في  الامور العائلية , فهذا الاحتمال الذي يقلب العلم الى ضن فاذا اعتنى به احد سيُلام من العقلاء جميعا , وهكذا من لم يذهب الى دائرته للعمل في اليوم الثاني باعتذار انه لعل تأتي زلزلة وتهدم الدائرة فهذا ايضا يُلام من قبل العقلاء فمن هذه الامثلة نستفيد ان هناك حكما عقلائيا عاما وهو اذا كان الانسان مكلفا بضاهر الحال بتكليف فليس له ان يرفع اليد عن الامتثال الا اذا احرز ان شرطا من شرائط التكليف قد ارتفع اما اذا لم يحرز فعليه ان يقوم  بالامتثال وهذا الدليل يكفي لدفع دليل ابن الحاجب .


[1] قران مجيد, سورة الانعام, اية7 .