آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

37/01/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : امر الآمر مع علمه بانتفاء شرطه .

قال قده في المقام بحثان وكل منهما راجع الى شرط المأمور به كما في كلمات المتأخرين من استاذتنا

المقام الاول ان يكون المولى يعلم بانتفاء المأمور به يعني نفس الفعل الذي يكون فعل العبد فهو عالم بان فعله مفقود ولايقصد المولى ايجاد الفعل وانما يقصد غاية اخرى فهل هذا صحيح او ليس بصحيح ؟

يقول ان الضاهر انه جائز بحيث لا مانع من يأمر المولى عبده ويعلم ان شرط فعل العبد لا يتحقق من العبد والشرط بالمعنى الاصولي وليس الفلسفي أي ما يتوقف عليه اصول الفعل من العبد باي شكل من الاشكال التوقف كعدم المانع اذا كانت هناك غاية اخرى , ويقول لا يحضرني من توقف في ذلك الا المعيدي وصاحب المعالم في اواخر كلامه (اشارالى هذا المطلب في مقام دفع الدليل الرابع من ادلة من جوز الامر مع علم الامر في انتفاء امره ) .

لخصنا ما فاد وما افاد المسوغ والمانع يقول انه اغراء بالفعل والواقع انه ليس مطلوبا واجاب عنه صاحب القوانين ان اقصى ما يلزم منه المجاز وتأخر القرينة عن وقت الخطاب الى وقت الحاجة

كل ذلك غير واضح علينا لا اصل المانع ولا كلام صحب القوانين كما سيتضح ضمن بعض المطالب

المطلب الاول : صيغة الامر او مادة الامر ان الموضوع له هو الطلب او انشاء الطلب على اختلاف تقدم في بحث الاوامر وقال صاحب الكفاية ان هناك طلب حقيقي وطلب انشائي وطلب .. وقال الموضوع له هو الطلب الانشائي ونحن نغض النظر عن وصف الطلب بالإنشائي او الحقيقي يقول ان صيغة افعل ومادة الامر موضوعة للدلالة على الطلب اما الطلب حقيقتا موجودا في نفس المولى او غير موجود فهذا خارج عن الموضوع له ومثال ذلك لفظ الماء موضوع لمعنى معين جسم بارد سيال بالطبع واما الماء موجود او غير موجود فهذا لا يدل عليه لفظ الماء ومادة وصيغة الامر موضوعة للطلب يعني خلقت العلاقة بين اللفظ والمعنى مفهوم الطلب , فلفظ الامر استعمل في المعنى الموضوع له اما وجود الماء وعدم وجوده فلا دخل له في الموضوع له , مرارا قلنا ان الوجود الحقيقي للمعنى الذي له منشأية الاثار فهو خاضع لأسبابه واما العلقة الوضعية فهي توجد بين اللفظ وبين نفس طبيعي المعنى والا لو قلنا ان الوجود الحقيقي الذي له منشأيه الاثار المتوقعة من الشيء هو الموضوع له فيصير دائما الموضوع له جزئي حقيقي لأن الماء الموجود باي وجود كان سواء كان وجود نفس امري الوجود الذهني نفس ذلك جزئي حقيقي فدعوى ان لفظ الماء موضوع لطبيعي الكلي حار بادر كذا كل ذلك غلط , الوجود هو لنفس المعنى الوجود الذي ينشأ من اسبابه ليس داخلا في الموضوع له ولاجزء ولاشرط الموضوع له .

بعد هذا التمهيد البسيط ان لفظ الامر موضوع لمعناه وذلك المعنى وجوب طلب اختر ما شئت اما انه موجود او غير موجود لا يتوقف عليه الوضع ولا الاستعمال يتوقف عليه , فهذه الدعوى وهي استعمال المادة او الصيغة للأمر مع فقدان الطلب في ذهن المولى هذا مجاز ؟ هذا لامعنى له , الصيغة او المادة موضوعة لمعنى الصيغة اومعنى الامر قل ما شئت[1] , فأولا يسأل عن الموضوع له , فالوجود النفس الامري ( وجود كل شيء بحسبه ) فذلك الوجود غير داخل في الموضوع فاذا كان غير داخل , يقول كيف يستعمل المولى والطلب الحقيقي غير موجود عند المولى وتأخرت القرينة من حين الاستعمال والى حين الحاجة , هذا الكلام كله هواء في شبك , صاحب المعالم لم يقل لا حقيقة ولا مجاز لكنه ادخله في مبحث اخر

المطلب الثاني : انه مع قطع النظر عما قلنا وقالوا , ان المولى حينما يأمر بالفعل والمكلف لا يتمكن من فعله يقول ان هاهنا المقصود ليس الفعل وانما امر اخر كالامتحان او توطين النفس او غير ذلك وهذا معناه ان للآمر وجود غايات مختلفة وقد يكون البعث يريد تمرين العبد وتمرينه على شيء معين ويحصل على ذلك على الاجر في الدنيا والاخرة وهذا تخلف الغاية وخروج عن محل البحث , وليس معناه ان المولى لايريد ولم يستعمل الصيغة في معناه , وبعبارة واضحة ان الآمر والمتكلم قد ينشأ الامر ويكون الباعث مثلا أأتني بماء او يقول ادفع العطش او يكون الباعث يريد ان يكون الماء امامه وقد يكون الباعث شيء اخر وقد يكون الباعث ليمتثل ليحصل على الأجر

المطلب الثالث : قالوا قد يأمر المولى لأجل (كما يقول صاحب الكفاية والمعالم وغيرهم ) قد يكون امتحانا واختبارا

واشكلوا عليه ان الامتحان مستحيل على الله تعالى لأنه يعلم بكل شيء والمولى العرفي هو الذي يحتاج الى الامتحان لأنه يريد اختبار العبد .

وهذا المطلب غير واضح علينا لان الامتحان معناه الاختبار هذا في المعنى العرفي والا ان المعنى الحقيقي للامتحان ليس هو الاختبار لفظ الامتحان لغتا هو التمحيص والتوسعة ( شرح الله صدره للإسلام)[2] أي وسع قلبه , الامتحان اذا كان معناه الاختبار أي هو يريد ان يعرف فهذا يستحيل على الله تعالى اما اذا كان يريد ان يظهر عظمة العبد للعباد فهذا لا مانع منه وكذلك اذا كان المفقود طلب الفعل الحقيقي والموجود فقط هو استخدام صيغة الامر فهذا ليس امتحان فهذا واقع استعمل في انشاء الطلب .


[1] تعرض الاعلام في محله انه اولا يسأل عن المعنى اللغوي ما هو الموضوع له ثم يسال بهل البسيطة انه موجود او غير موجود واذا كان موجودا يسال ماهي حقيقته.
[2] الزمر/السورة39، الآية22.