آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الفقه

45/08/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: لباس المصلي/جواز لبس الحرير في الحرب/

 

ذكرنا في الجلسة السابقة أن صاحب الجواهر أحال المسألة إلى التعارض بدعوى أن التعارض حاصل بين الطائفة الدالة على المنع مطلقاً، والطائفة الدالة على الجواز في الحرب، فتكون المعارضة في صورة الصلاة في الحرب.

والسيد الأعظم (رض) لم يقبل دعوى المعارضة؛ لأن الروايات المانعة عن الصلاة بالحرير ناظرة إلى الحكم الوضعي والروايات المجوزة للبس الحرير في الحرب ناظرة إلى الحكم التكليفي، فلا تعارض ثمة.

ثم قال بالتساقط مع فرض وجود التعارض وحينئذٍ تجري البراءة عن كون الصلاة مشروطة بغير الحرير.

ولكن التمسك بالبراءة في محل الكلام ليس واضحاً، والوجه في ذلك أن ذمة المكلف قد اشتغلت بعد دخول وقت الظهر بالصلاة، فبالصلاة بالحرير في الحرب يكون في المقام شك في فراغ الذمة.

إن الآيات الدالة على وجوب الصلاة لها إطلاق وذلك الإطلاق يشك في كونه مقيداً في حالة الحرير، وحينئذٍ تجري البراءة، ولكن قلنا مراراً في الفقه والأصول أن الآيات الشريفة لا يتمسك بإطلاقها وإن ملأ الشيخ الأنصاري (رض) مكاسبه بذلك.

ولكن قلنا في الجلسة السابقة إن الحكم الوضعي متلبس بالحكم التكليفي، وعليه يكون التعارض موجوداً بين الحكم التكليفي الملازم للحكم الوضعي والحكم التكليفي الآخر.

وأما بالنسبة لصاحب الجواهر (رض) فقد رفضنا كلامه لأنه ترجيح بفهم الأصحاب وفهمهم ليس حجة بنفسه في المقام، وليس الأمر إجماعاً وإن اتفقوا، فليس الكلام حيث فقد الدليل بل حيث تعارضت الأدلة، وهو هنا اجتهاد لا تعبد حتى يعتمد على كلام الفقهاء.

وعليه نعود إلى الاحتمالات الباقية في المسألة ومنها:

صحة الصلاة بدعوى أن الروايات المجوزة للبس الحرير في حالة الحرب تعم حالة الصلاة وغيرها.

وفيه أن كلمة الحرب حكمه حكم المشتق وإن كان مصدراً، فيكون حقيقة في خصوص المتلبس، فلا بد في المقام أن يكون المكلف في حال القتال والدفاع، وعليه فدعوى شمول هذا المعنى لحالة الصلاة غير واضح.