آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الفقه

45/08/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: لباس المصلي/جواز لبس الحرير في الحرب/

 

تعرض الأعلام لعدة مطالب في بحث لبس الحرير، منها معنى الحرب المقصود من الروايات الدالة على جواز لبسه فيها.

والذي نفهمه من كلمة الحرب في الروايات الشريفة هو مفهوم الحرب المتعارف في ذلك الوقت، أي الحرب بالأسلحة البيضاء ـ كما يسمى في زماننا هذا ـ أو الاحتكاك والتعارك المباشر بين الطرفين.

نعم، مفهوم الحرب بأصله شامل للحرب التي تقام في زماننا هذا بأسلحة مثل الصواريخ، بحيث يكون فيها رمي الطرف الآخر عن بعد عدة أميال.

ولكن قول العلماء أو فتواهم بجواز الصلاة بالحرير في الحرب، يقصدون به الحرب الوجاهية، كما تقدم القول، ولا يشمل كلامهم مطلق الحرب بما فيه الحرب في زماننا هذا.

ولذا لا بد من البحث عن الصلاة بالحرير في الحرب القديمة، والبحث عنها في الحرب الجديدة.

وفي جانب آخر بحث العلماء عن الصلاة في الحرير في الضرورات غير الحرب، كالبرد والحر أو فقدان ساتر العورة، وهي حقاً لا بد من أن تكون محل بحث.

وقد ذكر صاحب الوسائل (رض) روايات ثلاث للاستدلال على جواز الصلاة بالحرير عند الضرورة، رواياتٍ عامةً وهي الروايات السادسة والسابعة والثامنة من الباب الثاني عشر من أبواب لباس المصلي:

قولهم عليهم السلام: ليس شيء مما حرم الله إلا وقد أحله لمن اضطر إليه.

وقولهم عليهم السلام: كل ما غلب الله عليه فالله أولى بالعذر.

وقولهم عليهم السلام: رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما أكرهوا عليه، وما لا يطيقون وغير ذلك.

والاستدلال بهذه الروايات الشريفة تام لا إشكال فيه.

لكن المحقق الهمداني (رض) صاحب مصباح الفقيه أفتى بصحة الصلاة بالحرير حال الضرورة، لكنه ادعى أن الروايات الدالة على منع لبس الحرير منصرفة عن حالات الضرورة والاضطرار.

وأشكل السيد الأعظم عليه بأن الروايات الدالة على حرمة اللبس مختلفة عن الدالة على جواز لبسه عند الضرورة، فمن أين جاء الانصراف؟

وكلام السيد الأعظم غير واضح؛ لأن الانصراف كما يتصور في رواية واحدة كذلك يتصور أيضاً في روايتين.

كما أن كلام الفقيه الهمداني مشكل من جهة أن الانصراف الذي يكون دليلاً على حمل اللفظ على بعض المصاديق هو الانصراف الناشئ من كثرة استعمال اللفظ في هذه المصاديق، وليس الأمر كذلك هنا، فدعوى الانصراف عن الضرورة ليس واضحاً.

وعلى كل حال فتوضيح هذه المطالب التي ذكرناها إن شاء الله يكون في الجلسات القادمة.