آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الفقه

45/06/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: لباس المصلي: الصلاة في غير مأكول اللحم جهلاً أو نسياناً

ورد في كلمات الأعلام بحث حول حديث لا تعاد، وكذلك في معتبرة عبد الرحمن التي ذكرناها في الجلسات السابقة.

وهذا البحث قد تعرضنا له سابقاً في بعض الجلسات مع الأخوة الأفاضل.

[معنى كلمة الطهور]

وقد ذكرنا هناك كلاماً حول كلمة الطهور الذي يشملها هذا الحديث.

حيث فسره الأعلام قديماً وحديثاً بالطهارة من الحدث والخبث، وهذا التفسير غير واضح؛ لأن الطهور لغةً هو ما يتطهر به وما يتطهر به عموماً هو الماء.

نعم، أيضاً يشمل هذا اللفظ التراب ولكن التيمم ليس رافعاً للحدث، ولذا بحث بعض الأعلام صحة لمس مَن تيمّم لكلمات القرآن أو اسم الجلالة، وقد أجابوا هناك بأن التيمم ليس رافعاً للحدث.

وعلى كل حال فالطهور هو الماء والتراب.

وهذا المعنى هو الظاهر من الدعاء الذي أنشأه أمير المؤمنين عليه السلام أمام محمد بن الحنفية، والذي كان الإمام عليه السلام يعلمه سنن وآداب الوضوء، فقال عليه السلام: الحمد لله الذي جعل الماء طهوراً، ولم يجعله نجساً.

فقد جعل الإمام عليه السلام الماء كلمة الطهور مقابل النجس.

فتفسير هذه الكلمة بأنه الطهارة من الحدث والخبث غير واضح أبداً وإن أصر عليه أعلامنا الأبرار.

[تخصيص نفي الصلاة بلا طهور بالجهل]

وأما الروايات التي دلت على نفي الصلاة بلا طهور فهي دالة على كون الصلاة باطلة إذا كان تاركاً لاستخدام هذا الطهور، وهي تشمل كل صور ترك استخدام الطهور.

ولكن يصح تخصيصها بنحو معتبرة عبد الرحمن حيث أمضى الإمام عليه السلام الصلاة فيما لو كان ترك الطهور عن جهل.

وهذه الصحيحة وإن كانت قابلة لتعم الشبهات الموضوعية والشبهات الحكمية؛ باعتبار أن الإمام عليه السلام لم يعيّن كون الجهل بالموضوع أو بالحكم.

وقد ذكرنا أن المقرر في البيان أن الفعل إذا لم يذكر مفعوله، صح أن يشمل كل ما يصلح أن يكون مفعولاً له.

لكن الظاهر من سؤال السائل خصوص الشبهة الموضوعية، لأن سؤاله كان عن موضوعات مخصصة، فتخصيص السؤال خصص جواب الإمام عليه السلام فلا يعم الشبهة الحكمية، كما أفاد الأعلام ومنهم السيد الأعظم.

وعلى كل حال، فبيان النسب بين الروايات التي ساقه الأعلام لتعميم الحكم إلى الشبهة الحكمية والموضوعية غير واضح.

والحديث الصحيح يعم كلا الشبهتين.

فإلى الآن ما وصلنا إليه هو المنسوب إلى المشهور وهو التفصيل بين الجهل والنسيان، والحكم بالصحة في الأول والبطلان في الثاني.