آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الفقه

45/05/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:لباس المصلي/ الصلاة في المشكوك بكونه من مأكول اللحم/

 

ذكرنا في الجلسة السابقة دليلاً اعتمده الأعلام على صحة الصلاة بالثوب المشكوك كونه من مأكول اللحم، وهو استصحاب العدم الأزلي.

وملخصه أن الثوب المشكوك والذي هو مصب الحكم مركب من جزأين: الأول أنه من حيوان والثاني أن الحيوان لا بد أن يكون من مأكول اللحم.

والثاني يحرز باستصحاب عدم كونه من غير مأكول اللحم.

هكذا صيغ الدليل وقد توسع الأعلام في البحث، ونحن إنما نتابع هؤلاء الأعلام في التوغل في البحوث شحذاً للأذهان وتعمقاً في الأدلة؛ إذ ليس الغرض مجرد الوصول إلى فتوى.

[عرض السيد الأعظم للدليل]

على أية حال، فقد حاول سيدنا الأعظم تلخيص أصل الدليل، فقال إن موضوع الحكم ـ ويقصد كل ما يحتاج إليه الحكم سواء كان شرطاً أو جزءاً أو معداً كما صرّح ـ قد يكون بسيطاً وقد يكون مركباً.

فلو قلنا أنه بسيط وشككنا في تحققه فيكفي فيه استصحاب العدم، وهذا لا إشكال فيه.

ولو قلنا أنه مركب فإذا أُحرز جزءٌ بالوجدان وشك في الجزء الآخر فحينها يجري الاستصحاب فيه.

وقد أشكلوا على هذا الدليل بأنه لا يكفي إحراز الجزئين بل لا بد من إحراز الرابط بينهما وتصدى لهذه الإشكالات العلمان النائيني والسيد الأعظم.

[تقريب العلمين للإشكال]

ولكن تقريب البحث في كلام العلمين غير واضح عند خادمكم.

فقد قربوا الإشكال بأن موضوع الحكم مركب من جزأين كل جزء على حدة، لكن بد من أمر ثالث وهو اجتماعهما، وهذا أمر آخر.

واستصحاب عدم الاجتماع يبطل هذا الدليل القائم على هذا المركب.

وردّه المحقق النائيني (رض) بأن الشك في الارتباط ناشٍ عن الشك في الجزأين، ورفع الشك فيهما يؤدي إلى رفعه فيه.

أما السيد الأعظم فلم يرتض كلام أستاذه النائيني، بل أجاب عنه بما يتلخص بأن موضوع الأثر هو هذان الجزآن وليس هناك شيء آخر دخيل في موضوعية الموضوع وسوف يأتي تفصيل كلام سيدنا الأعظم.

[تقريب شيخنا الأستاذ للإشكال]

وهذا الكلام من السيد الأعظم مبني على التقريب الذي ذكرناه، والإشكال لا بد أن يقرب ببيان آخر، وملخصه:

أن المركب بحسب التتبع ثلاثة أصناف:

مركب تكويني بحت، كالسكنجبين المركب من الخل والعسل.

ومركب اعتباري بحت، كالصلاة المركبة من الحركات والأذكار.

ومركب من التكويني والاعتباري كالمعاملات التي فيها جانب تكويني كالإيجاب والقبول وجانب اعتباري كترتيب الأثر الشرعي على الإيجاب والقبول.

وكل هذه الأصناف لا يكفي فيها مجرد وجود الجزأين بل لا بد من الارتباط بينهما، وهذا الارتباط يختلف حسب المركبات.

هذا هو التقريب الصحيح للإشكال، وبناء عليه لا يتم كلام النائيني ولا كلام سيدنا الأعظم، ويبقى الإشكال مستحكماً كما سنبيّن.