آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الفقه

45/04/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: لباس المصلي/الصلاة في المشكوك بكونه من مأكول اللحم/

لا يزال الكلام في أدلة القائلين بصحة الصلاة في الثوب المشكوك كونه من مأكول اللحم أو غيره.

[إشكال ثالث للمحقق النائيني]

وقد تقدم الكلام في ذكر إشكالين للمحقق النائيني (رض)، وله إشكال آخر.

وملخصه:

أن الحكم له مرحلتان، مرحلة الجعل ومرحلة المجعول، ولكل من المرحلتين آثارها.

وكل من مرحلة الجعل ومرحلة المجعول قابل لجريان استصحاب الوجود واستصحاب العدم.

والأول كما لو شككنا في بقاء الجعل فيكون استصحاب الوجود.

وإذا كان أصل الجعل مسبوقاً بالعدم وشككنا في تحقق الجعل، فيجري فيه استصحاب العدم.

وكلا الاستصحابين يجريان في مرحلة المجعول أيضاً.

ففي مرحلة المجعول فإن كان محرزاً وشُك في بقائه فيجري استصحاب المجعول.

وكذا لو شككنا في تحقق المجعول، وهو ككل موجود مسبوق بالعدم فيجري استصحاب العدم.

ومعلوم أن الحكم إذا كان بإحدى المرحلتين موضوعاً لأثر شرعي، فيمكن إثبات ذلك الأثر باستصحاب مرحلتي الجعل والمجعول.

ثم بعد هذا التمهيد منه، قال رحمه الله إن إثبات أثر من آثار المجعول أو نفيه باستصحاب عدم الجعل أو العكس لا يكون إلا أصلاً مثبتاً، ولا نقول بإثبات اللازم بالأصل المثبت.

والمستدل أراد أن يثبت الأثر باستصحاب عدم الجعل واستصحاب عدم المجعول كصحة الصلاة وغيرها من الآثار.

هذا ملخص كلام شيخنا النائيني.

[رد السيد الخوئي على الإشكال]

سيدنا الأعظم أجاب عن إشكال أستاذه النائيني (رض) بأن الفرق بين مرحلة الجعل ومرحلة المجعول لحاظي، وإلا فهما حقيقة واحدة.

وعليه ففي المقام استصحاب وجودي واحد وعدمي واحد، لا أن الاستصحاب الوجودي في مرحلة المجعول على حدة وفي مرحلة الجعل على حدة، وكذا العدمي.

هذا ملخص كلام سيدنا الأعظم.

وهذا الإشكال والرد وإن كانا غير واضحين عندنا لأنهما مبنيان على وجود مراتب للحكم، لكن مناقشتنا لهما ستكون بناء على ما يذهب إليه العلمان من وجود مراتب للحكم.

أما إشكال النائيني (رض) فقد أثبت التعارض بين الاستصحابين باعتبار أنه له مرحلتان مستقلتان وأثبت أن الاستصحاب إنما يجري بلحاظ الأثر المترتب على الجعل أو المجعول.

وهو غير واضح، لأن نفس الجعل ونفس المجعول هو حكم شرعي سواء كان بلحاظ الجعل أو بلحاظ المجعول.

فلا نحتاج إلى إحراز أثر مترتب على هذا الحكم ليجري الاستصحاب، بل هو بنفسه قابل للاستصحاب.

نعم، هناك آثار عقلية تترتب على الاستصحاب، كما أراد المستدل أن يرتب الأثر على استصحاب عدم جعل الحرمة.

وأما بالنسبة لسيدنا الأعظم فإنه في هذا المقام خالف رأيه.

فهو يرى الفرق بين مرحلة إنشاء الحكم وهو مرحلة الجعل وبين فعلية الحكم فرقاً حقيقياً.

والحال أنه هنا في مقام الجواب جعل الفرق بينهما لحاظي!

هذا كله بناء على وجود مراتب للحكم.