آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الفقه

45/03/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الصلاة في المشكوك بكونه من مأكول اللحم

 

لا يزال الكلام في مناقشة حكيم الفقهاء (رض) في استدلاله على المانعية.

وقد ذكرنا في الجلسات السابقة بعض الروايات التي استدل بها.

وقد ذكرنا أن حكيم الفقهاء ربط حكم الإمام عليه السلام بالمنهي المعدوم، واعترضنا أن الإمام عليه السلام ربط البطلان بالحكم الشرعي بغض النظر عن تفسير معنى النهي.

وملاحظة أخرى نضيفها في المقام، أن الفعل تجري عليه أحكام المنهي عنه إذا كان المكلف عالماً ملتفتاً غير غافل عن الحرمة، فحينئذ يتحقق الترك والامتثال للنهي.

فحكيم الفقهاء إذا أراد الربط بالنهي عليه أن يثبت كل هذه القيود، وليس في الرواية شيء من هذه القيود.

وانطلاقاً من هذا لا بد أن نتأمل في باقي الروايات التي استدل بها (رض)، فمنها:

الرواية الثالثة من الباب السابع من أبواب لباس المصلي:

رواها الشيخ الطوسي بإسناده عن علي بن مهزيار، قال: كتب إليه إبراهيم بن عقبة: عندنا جوارب وتكك تعمل من وبر الأرانب، فهل تجوز الصلاة في وبر الأرانب من غير ضرورة ولا تقية؟ فكتب عليه السلام: لا تجوز الصلاة فيها.

 

ومعلوم أن ذكره للضرورة في سؤاله عن الأرانب لأن العامة يحللون أكله ولبسه.

والإمام عليه السلام لم يفرق في الأرنب مذكاة كانت أم لا، وسؤال السائل لا تجري فيه مقدمات الحكمة لكن الإمام عليه السلام عندما يأخذ الأرنب في الجواب في مقام بيان الحكم الشرعي تجري في كلامه مقدمات الحكمة.

وبواسطتها نثبت بطلان الصلاة في الأرنب مطلقاً سواء كانت مذكاة أم لا.

وحكيم الفقهاء (رض) فقد ربط عدم المنهي عنه بحكم الإمام عليه السلام، مع أن الإمام عليه السلام ربط نفس الحكم المستفاد من النهي بلبس الأرنب.

سواء قلنا أن الحكم المستفاد من النهي هو عدم الصحة أو الحرمةُ أو عدم الجواز.

وكذلك الرواية الرابعة من نفس هذا الباب:

عن أبي علي بن راشد قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): الثعالب يصلى فيها؟ قال: لا ولكن تلبس بعد الصلاة، قلت أصلي في الثوب الذي يليه؟ قال: لا.

وهذه الرواية فيها سؤالان: الأول سؤال عن الصلاة بثوب من الثعلب، والثاني سؤال عن الصلاة بثوب يلي ثوباً من الثعلب، سواء كان ملاصقاً للجسم أو لا.

والذي أتخيله والعلم عند الله، أن حكمة من حكم المنع أن السائل والمعصوم عليه السلام كانا يعيشان في المدينة وهي بلاد حارة، فكثيراً ما يتعرق الإنسان.

وجواب الإمام عليه السلام جاء مطلقاً يعني سواء كان مذكى أو لا.

وكذلك الرواية الخامسة من نفس الباب:

رواها الشيخ الطوسي عن علي بن مهزيار، عن أحمد بن إسحاق الأبهري قال: كتبت إليه: جعلت فداك عندنا جوارب وتكك تعمل من وبر الأرانب، فهل تجوز الصلاة في وبر الأرانب من غير ضرورة ولا تقية؟ فكتب: لا تجوز الصلاة فيها.

وهو سؤال مطابق لسؤال إبراهيم بن عقبة الذي مر في الرواية الثالثة من نفس الباب.

فكل ما ذكرناه من مناقشة مع الحكيم (رض) هناك يجري هنا أيضاً.