آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الفقه

37/08/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : التيمم _ فيما يشترط في صحة التيمم _

افاد السيد اليزدي اذا كان المكلف لديه مايتيمم به بمقدار كف واحد كما لو فرضنا مقدار طابوقة واحدة وقد احيط بأمور اخرى لا يمكنه التمكن من وضع اليدين عليها , فاذا امكنه وضع يده _ والكلام لا يكون في المثال لأنه مبني على تقق الموضوع _ فيقول هنا يصح التيمم بالتعاقب فيضع يده اليمنى ثم اليسرى .

طرح هذه المسالة مبني على مشكلة وهو هل المطلوب شرعا وضع اليدين معا على مايتيمم به او انه يجوز على التعاقب ثم ان التعاقب قد يكون في اصل الضرب او قد يكون بوضع اليد وبالمسح مثلا يضع يده اليمنى ثم يمسح به طرف الجبين ويضرب يده اليسرى ثم يمسح الطرف الآخر من الجبين ثم بعد المسح يضرب احدى يديه اليسرى مثلا ويمسح ظهر اليمنى ثم يضب او يضع اليمنى على الارض ويمسح ظهر الكف اليسرى فهل يصح ذلك او انه لابد من وضع او ضرب اليدين معا على الارض ثم مسح الجبينين معا باليدين معا ثم مسح الكفين بالتعاقب .

حكيم الفقهاء قال لم اجد من تعرض لهذا , ولم يفسر هذه الجوانب .

السيد الاعظم كلامه في الجانب الاول فقط وهو في الجانب الاول فقط وهو هل المعية في الضرب معتبرة او غير معتبرة واستقر رأيه على انه لا دليل على المعية .

وكلامنا فعلا في الجانب الذي تعرض له الاعلام وهو ضرب اليدين على الارض هل مطلوب فيه المعية او انه كيف ما تحقق الضرب فهو صحيح ؟ .

ذكر السيد الاعظم ثلاث ادلة على اعتبار المعية ورفضها كلها .

الدليل الاول : قال ربما يستدل انه كان متعارفا انه ضرب اليدين معا فاذا كان التعاقب جائزا لصرح الائمة ع فلابد من حمل الآية والروايات على اطلاقها وهو نحمل على ما كان شائعا في افعال المؤمنين في زمن ومحضر الائمة ع .

وردَ رض هذا الدليل ببيان : ان الاطلاق في الآية والروايات تام ولكن انهم كانوا يضربون اليدين معا بنحو المعية لا دليل عليه , فجوابه مؤلف من ركنين الاول هو تمامية الاطلاق والثاني ان لم يثبت ان الاصحاب من تلامذة الائمة ع كانوا ملتزمين من ضرب اليدين معا على الارض فلو كان الامر كذلك لوجد عليه شاهد .

وهذا كلامه بانه لم يوجد شاهد صحيح فلم نجد ما يدل على ذلك , اللهم الا ان يستدل بالسيرة على نحو القهقرة جيلا قبل جيل وهكذا نستكشف ذلك ولكن هذا ينفع ان افد الاطمئنان ولكنه ليس ظهورا حتى يمكن ان يجعل حجة لمواجهة الخصم فالاطمئنان حجة لك وعليك وليس على خصمك فما افاده السيد الاعظم بانه لا دليل على ان الاصحاب رض كان عملهم ايام الائمة هكذا هذا صحيح لا غبار عليه .

مرارا قلنا ان الآيات الشريفة كلها _ الا اوفوا بالعقود وليس بالسهولة التمسك بها بل بصعوبة , اما احل الله البيع وحرم الربا فقد رفضناها لأنه لو تأمل في التفسير انها حكاية من الله تعالى لقول اكلة الربا وليس تشريعا _ ليس فيها اطلاق اصلا فلا يمكن التمسك بالإطلاق الا اذا قيل ان الاطلاق بالوضع كما كان عليه القدماء مع ابناء العامة من ان الاطلاق بالوضع فحينئذ اصل التقييد يحتاج الى قرينة لا الذي عليه استقرت نظرية علمائنا الابرار منذ سلطان العلماء من ان الاطلاق يكون هو يحتاج الى الدليل وهو اتمام مقدمات الحكمة وهذا لا يمكن اثباته بالآية الشريفة , فغريب من السيد الاعظم التمسك بإطلاق الآية .

اما الروايات فيوجد فيها ان الامام ع ضرب او وضع كفيه او أمر بضرب يديه او كفيه فأيضا البعض منها انه يستشم منه ان الامام ع فعل ذلك أي المعية ولكن لم نجد في الروايات انه ضرب يديه معا الا رواية واحدة سنتكلم فيها ان ثبت سندها ودلالتها تدل على كفاية التعاقب , وبهذا يتبين وجه المناقشة في الذي ذكره السيد الاعظم من الروايات ما يدل على ضرب الكفين معا .

واما دعوى الاجماع على اعتبار المعية فيقول رض ان هذا دليل لبي ويؤخذ منه القدر المتيقن .

نقول ان القدر المتيقن هو ما اذ كان الانسان متمكنا من وضع الايدين معا ومحل الكلام هو حيث لا يتمكن المكلف من وضع اليدين معا على الارض , وايضا نقول كيف ترضى بتمامية الإجماع مع وجود هذا الاطلاقات , فانت تقول اطلاق الآية وروايات انه رواية تدل على وضع اليدين معا ثم تقول يوجد اجماع فهذا غير واضح .

اما الروايات فهي :

الرواية الاولى : (محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن صفوان ، عن الكاهلي قال : سألته عن التيمم ؟ فضرب بيديه على البساط فمسح بهما وجهه ، ثم مسح كفيه إحداهما على ظهر الأخرى )[ [1] ] فالموجود يده فقط ولكن اليد الثانية كانت معا او لا فلم تذكر ولم تتعرض له الرواية لأنه نقل فلا يتمسك بالأطلاق لاثبات التعاقب فضلا عن اثبات المعية فهو نقل لفعل الامام ع , يقول فضرب يده على البساط فمسح بهما وجهه فليس في الرواية ما يدل على المعية ولا على عدم المعية .

الرواية الثانية : وعنه ، عن أبيه ، وعن علي بن محمد ، عن سهل بن زياد جميعا ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن ابن بكير ، عن زرارة قال : سألت أبا جعفر ( عليه السلام ) عن التيمم ؟ فضرب بيده الى الأرض ثم رفعها فنفضها ، ثم مسح بها جبينه وكفيه مرة واحدة )[[2] ] فأيضا لا يمكن الاستدلال بها .

الرواية الثالثة : (وعنه ، عن القاسم بن عروة ، عن ابن بكير ، عن زرارة ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) في التيمم قال : تضرب بكفيك الأرض ثم تنفضهما وتمسح بهما وجهك ويديك )[ [3] ] . فضرب الكفين يمكن ان يكون معا ويمكن ان يكون على التعاقب فلا دلالة على ما قاله السيد الاعظم .

الرواية الرابعة : ( وعنه ، عن ابن سنان ، عن ابن مسكان ، عن ليث المرادي ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ، في التيمم قال : تضرب بكفيك على الأرض مرتين ، ثم تنفضهما وتمسح بهما وجهك وذراعيك )[[4] ] فأيضا لا يمكن استفادة المعية ولا غير المعية .

الرواية الخامسة : التي يمكن استفادة التعاقب منها (وعنه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن محمد بن مسلم قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن التيمّم ؟ فضرب بكفيه الأرض ، ثم مسح بهما وجهه ، ثم ضرب بشماله الأرض فمسح بها مرفقه إلى أطراف الأصابع ، واحدة على ظهرها ، وواحدة على بطنها ، ثم ضرب بيمينه الأرض ، ثم صنع بشماله كما صنع بيمينه ، ثم قال : هذا التيمم على ما كان فيه الغسل ، وفي الوضوء الوجه واليدين إلى المرفقين ، والقى ما كان عليه مسح الرأس والقدمين فلا يومم بالصعيد )[[5] ], هذه يمكن استفادة الاطلاق ولكن لا يدل على التعاقب اما الضربة الثانية للكفين واليدين فهي صريحة في التعاقب , وهذه الرواية تحمل على التقية لأنه ربما كان في مجلس الامام ع من كان يتقى من شره فهذه الرواية تدل على التعاقب في الجملة في ما كان يخص ضرب الكفين فقط وليس في ايدينا رواية تدل على لزوم المعية حتى يحتاج الفقيه الى الجواز في حالة العجز عن ضرب اليدين معا , والسيد الاعظم اعرض عن ذكر هذه الرواية وفي مقابل ذلك يدعي بوجود روايات تدل على ضرب اليدين معا , ولم نجد نحن هذه الروايات في التي بين ايدينا .


[1] وسائل الشيعة، العاملي، ج3، ص358، ب11، ابواب التيمم، ح1، ط ال البيت.
[2] المصدر السابق، ص359، ح3.
[3] المصدر السابق، ص60، ح7.
[4] المصدر السابق، ص361، ب12، ح2.
[5] المصدر السابق، ص262، ح5.