آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الفقه

37/08/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : التيمم _ فيما يشترط في صحة التيمم _

افاد السيد اليزدي انه اذا كان الانسان محبوسا في مكان مغصوب استشكل بالتيمم بالأرض التي محبوس فيها وكذلك في ذيل المسالة استشكل في الوضوء بالماء الذي يكون في المكان المغصوب وقال انه اشد .

ويظهر من المحقق الكركي في المقاصد من انه لا مانع من التيمم بالتراب الذي يكون في المكان المحبوس فيه وملخص ما أفاده هو ان هذا المقدار من التصرف هو مضطر اليه والاضطرار رفع المنع فهذا التصرف وهو ضرب اليدين والتيمم والوضوء بالماء فهو مباح ولو لعارض وهو الاضطرار فاذا كان ذلك فلامانع من الحكم بصحة التيمم .

حكيم الفقهاء اشكل على كلام الكركي يقول انه مضطر بالتصرف في الفضاء الذي لا يمكنه ان يكون الا فيه واما ما زاد عن اشغال الفضاء من ضرب اليدين ونحو ذلك من التصرفات فهو غير مضطر اليه وليس مجبورا عليه فما افاده الكركي انما يتم من حيث الفضاء فقط .

نقول ان اشكال حكيم الفقهاء اخص من المدعى فوضع يديه والنوم على الارض مضطر اليه وليس الحكم بالاضطرار مختصا بالفضاء ولعل السيد الحكيم يقصد ان ما يحتاج اليه في التيمم هو خارج عن الاضطرار ليس مقصوده انه فقط الفضاء فلعل التأمل في كلامه يمكنه استنتاج ذلك وبدون ذلك الاستنتاج فكلام حكيم الفقهاء غير واضح .

واما كلام المحقق الكركي رض غير واضح علينا ايضا فان الاضطرار انما هو في ما هو مضطر اليه ومازاد على محل الاضطرار من التصرفات من اكل المال الموجود في المكان المغصوب الذي ليس مضطرا الى اكله وكذلك استخدام الاواني والفرش مما هو ليس مضطرا اليه كما ايضا في تشغيل المروحة اوز الضوء فكلامه اخص من المدعى فكلامه هو انه مض1طر الى التصرفات التي يتوقف عليها التيمم وليس الامر كذلك اذن كان عليه ان يفصل ان كان ما يحتاج اليه من الوضوء او التيمم ومضطر الى هذا التصرف فضرب اليد على الارض ووضعها هو مضطر اليه ووضع اليد الذي يعتمد عليه للتيمم فذلك هو اما الذي يريد ان يضع يديه على الارض ليتكأ عليها لأجل القيام ونحو ذلك فهذا الوضع هو مضطر اليه اما الجالس الذي يضع يديه على الارض فهذا خارج عن محل الكلام فدليل المحقق ان تم فهو اخص من المدعى الذي هو التصرف الذي يفتقر اليه الانسان لأجل التيمم هذا النحو من التصرف مباح او غير مباح فيقول انه مضطر اليه مضطر الى مالايمكنه اجتنابه ذاك مضطر اليه اما وضع اليدين لأجل التيمم فهو غير مضطر اليه , فما زاد عن الاضطرار لا يشمله حلية الاضطرار .

اما السيد الاعظم فقد افاد على ما نسب اليه هو ان التصرف الذي هو محرم ليس منه ما يتحقق به التيمم , يقول ان التصرف في مال الغير محرم بلا اشكال ولكن الادلة التي يستدل بها على هذا الحكم وهو حرمة التصرف في مال الغير غير شاملة لمثل هذا التصرف وذلك لان الادلة قاصرة عن الشمول لذلك اما سندا او دلالة , التصرف الذي يكون لأجل التيمم بالأرض هذا النحو من التصرف فانه غير داخل في الدليل اما لان الدليل ضعيف السند او ان الدليل منصرف عن مثل هذا التصرف ومن هنا الانسان اذا يمشي يضع يديه على حائط احد او جلس في الطريق متكئً على حائط الغير لم يفتي احد بالحرمة ولم يستشكل احد لان دليل الحرمة لا يشمل هذا النحو من التصرف , ثم قال عندنا روايتان احداهما مشتملة على التوقيع الشريف عن ولي الله الاعظم عجل الله فرجه الشريف ولكنه من كتاب الاحتجاج للطبرسي وهذا كله مراسيل فلا يعتمد عليه ( فلا يحل لأحد أن يتصرف في مال غيره بغير إذنه ) [[1] ]هذا التوقيع يعترف السيد الاعظم بمضمونه انه يعم هذا التصرف لأنه يقول لا يحل له ان يتصرف ولاشك في ان وضع اليدين والاتكاء الى الحائط تصرف ولايمكن ان ينكره السيد الاعظم ولكن مشكلة هذه الرواية الارسال في السند ,

الرواية الاخرى في كتاب القصاص (وعنه ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي اسامة زيد الشحام ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وقف بمنى حين قضى مناسكها في حجة الوداع ـ إلى أن قال : ـ فقال : أي يوم أعظم حرمة ؟ فقالوا : هذا اليوم ، فقال : فأي شهر أعظم حرمة ؟ فقالوا : هذا الشهر ، قال : فأي بلد أعظم حرمة ؟ قالوا : هذا البلد ، قال : فان دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقونه فيسألكم عن أعمالكم ، ألا هل بلغت ؟ قالوا : نعم ، قال : اللهم اشهد ألا من كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها فانه لا يحل دم امرئ مسلم ولا ماله إلا بطيبة نفسه ، ولا تظلموا أنفسكم ولا ترجعوا بعدي كفارا)[[2] ]ومحل الشاهد هذا الكلام المروي عن النبي ص لا يستشكل من حيث الشمول فيقول منصرف عن مثل هذا فالمقصود من الحرمة هنا هو التصرف الذي يكون اعتداءً واما اذا لم يكن بعنوان الاعتداء كما في الاتكاء الى الحائط ووضع اليدين على الارض فاذا لم يكن هذا بدافع العدوان على صاحب المال فلادليل على حرمته , هذا ما جاء منه مع توضيح منا .

في ما جاء في كلامه عدة نقاط ينبغي فصل بعضها عن بعض

النقطة الاولى : يقول انه لا يقول احد بحرمة الاتكاء ووضع اليد على الحائط وانت مار قرب بيت احد مع انه لا يطرق الانسان على بيت الآخر ويستأذن للاتكاء على حائط البيت , فكأن السيد الاعظم اخذ شيئا مسلما في الشريعة ويتخذ من ذلك حجة على ان التصرف الذي لا يكون بعنوان العدوان فهو جائز .

النقطة الثانية : يعترف بان رواية الاحتجاج ان الناقل للتوقيع ان دلالتها تامة على المدعى وهو لا يجوز التصرف مطلقا ولكن ان السند ضعيف , والنقطة الثالثة ان هذا الحديث المروي عن النبي الاعظم وهو الذي قاله في حجة الوداع يقول ان هذا مورده ما اذا كان التصرف عدوانيا واما اذا لم يكن عدوانيا فلابأس .

اما كلامه الاول وهو ان الانسان مار يضع يده على حائط انسان او ... فهذه غير واضحة فنحن نؤمن من حيث النتيجة وهي جواز الاتكاء ولكن ذلك لا لأجل انه لا يوجد دليل شامل بل ان سيرة العقلاء مستقرة بان الانسان يرضى في مثل هذا التصرف ومن هنا جاء ذلك التصرف الذي استشكلنا فيه وهو حق المارة من اكل الفاكهة , فمادام انه مأذونا فهذا خارج عن محل الكلام ففي مثل هذا الاستدلال غير واضح علينا , فالدليل الاول غير واضح .


[1] الاحتجاج، الطبرسي، ج2، 299، مطابع النعمان .
[2] وسائل الشيعة، العاملي، ج29، ص10، ب1، ابواب القصاص، ح3، ط ال البيت.