آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الفقه

37/08/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : التيمم _ فصل : يشترط في ما يتيمم به _

(مسألة 3): إذا كان عنده ماء وتراب وعلم بغصبية أحدهما لا يجوز الوضوء ولا التيمم ومع الانحصار يكون فاقد الطهورين، وأما لو علم نجاسة أحدهما أو كون أحدهما مضافا يجب عليه مع الانحصار الجمع بين الوضوء والتيمم وصحت صلاته[[1] ].

قلنا ان الامتثال الاحتمالي انما يقوم مقام الامتثال القطعي اذا لم يكن الامتثال الاجمالي مشتملا على المخالفة الاحتمالية ايضا واما مع اشتمالها فلا يحكم العقل بقيام الامتثال الاحتمالي مقام القطعي كما في المقام وكذلك ما افاده رض من انه لايكون للتراب اثر الا التيمم كما فرض في المسالة السابقة انه اذا لم يكن على وجه الارض بحيث يمكنه ولا يمكنه السجود عليه فحينئذ العلم الاجمالي , فما فرضه يكون فيه نقاش من حيث الصغرى والكبرى فأما من حيث الصغرى اذا كان السجود في مكان مرتفع والسجود ممتنع قلنا لا فأن الاثر ليس منحصرا في جواز السجود فقط وانما بيعه والاتكاء عليه واباحته لآخر فهذه آثار مترتبة على التراب وليس السجود فقط والتيمم واما الكبرى من انه اذا كان عاجزا وغير متمكن من الامتثال التفصيلي ينتقل الى الامتثال الاحتمالي فهذا غير واضح فالكبرى نؤمن بها ولا كن حيث لايكون ارتكاب المحذور احتمالا موجود في الامتثال الاحتمالي كما في المقام فما افاده غير واضح فالنتيجة العلم الاجمالي موجود .

ولكن افاد حكيم الفقهاء انه لابد ان يكون التيمم قبل الوضوء يعني ليس المكلف مخيرا كما هو عند السيد اليزدي الذي عنده مخيرا بين الوضوء والتيمم والسيد الاعظم سكت عن ذلك فيبدوا انه موافق فكأنه ضمنا ان العمين يلتزم بالتخيير والاحتياط يتحقق بتقديم ايهما على الاخر .

السيد الحكيم يقول اذا توضأ قبل التيمم والآن يريد ان يتيمم فالآن عنده علم اجمالي آخر اما بنجاسة اعضاء التيمم او بنجاسة التراب فكيف يمكنه التيمم فهذا العلم الاجمالي هو بعد استخدام الماء بخلاف الاول الذي بنى عليه السيد اليزدي الذي هو قبل استعمال الماء , فمتعلق العلم الاجمالي الثاني هو نجاسة اعضاء الوضوء ان كان الماء نجسا وان كان التراب هو نجسا فهذا الطرف الثاني للعلم الاجمالي , فبذلك يعلم ببطلان التيمم لأنه يكون باطلا لان التراب نجس واما التيمم باطل لان اعضاء التيمم نجسة فلايتحقق الاحتياط ونحن نريد ان نحقق الاحتياط الذي هو كما قلنا ان يعمل الانسان عملا يطمئن معه بفراغ ذمته على كل تقدير واما اذا قدم الوضوء واخر التيمم فهنا يصح الوضوء ان كان الوضوء تم طاهرا واما اذا كان نجسا على الاحتمال الثاني فلا يتحقق منه التيمم الصحيح اما لفقدان الطهارة في الاعضاء او لفقدان الطهارة في التراب وبهذا جزم رض ورفض التخيير الذي هو ضاهر كلام السيد اليزدي والذي يبدوا هو ايضا من كلام السيد الاعظم .

فما افاده السيد الحكيم غير واضح والوجه فيه :

انه ان توضأ قبل التيمم فهنا استصحاب طهارة الاعضاء موجود وهذا الاستصحاب لايجري في طرف التراب لأنه غير معارض فيحكم بطهارة الاعضاء انما هو يشك في طروا النجاسة على الاعضاء ان كان الماء نجسا واما اذا لم يكن نجسا فالأعضاء طاهرة كما كانت اولا فيجري الاستصحاب وهذا الاستصحاب لايجري في طرف التراب فرضا لأنه ذاك الطرف هو طرف العلم الاجمالي والاستصحاب في طرف العلم يكون معارضا , مثلا الماء والتراب فالعلم الاجمالي الاول لايجري الاستصحاب لا في هذا الجانب ولا في ذلك الجانب فذلك الاستصحاب ارتفع فاستصحاب طهارة الماء وطهارة التراب غير موجود باعتبار انه ساقط بالمعارضة واما هذا الاستصحاب وهو استصحاب طهارة الارض فهذا ما المانع منه ؟ .

بل هنا محذور شرعي آخر وهو في تقديم التيمم على الوضوء وهو اذا اراد ان يتيمم فهو شاك في مشروعية التيمم وعليه لا يتأتى قصد التقرب والتعبد , نعم اذا كان الشك في الوجوب وعدم الوجوب فهنا احتياطا ليس فيه ضرر لان احتمال التكليف موجود واما مع الشك في المشروعية فحينئذ لا يأتي الاحتياط وتقديم التيمم مع احتمال طهارة الماء بان يكون فرضه الوضوء فشك في مشروعية التيمم اصلا فإذن ما افاده السيد الحكيم عليه ملاحظتان :

الملاحظة الاولى : ان هذا العلم الاجمالي الثاني الذي آمن بتنجزه لاوجود له يرتفع باعتبار انه بدوي بعد الالتفات الى الاستصحاب يرتفع واذا ارتفع خرج احد اطراف العلم الاجمال ,

واما الملاحظة الثانية : فهو شك في مشروعية التيمم قبل ان يتوضأ واما بعد الوضوء فلا فانه اصل التيمم حتى مع وجود الماء في بعض الحالات يصح وذلك لكونه مثلا لتجديد الطهارة , فالصحيح لابد من تقديم الوضوء على التيمم , ومن هنا تبين ان التخيير الذي آمن به السيد اليزدي والسيد الاعظم سكت عنه والسكوت دليل على الموافقة , اذن العلم الاجمالي منجز ولابد من تقديم الوضوء وليس الامر بالعكس


[1] العروة الوثقى، السيد اليزدي، ج2، ص201.