آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الفقه

37/07/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : التيمم _ اباحة مكان التيمم ومايتيمم به _

فصل : يشترط فيما يتيمم به أن يكون طاهرا، فلو كان نجسا بطل وإن كان جاهلا بنجاسته أو ناسيا ... . ويشترط أيضا إباحته وإباحة مكانه والفضاء الذي يتيمم فيه .[[1] ]

افتى الاعلام انه اذا تيمم وكان في فضاء مغصوب فبما ان وقوفه في الفضاء المغصوب وكذلك الحركات التيممية يعني الحركات التي يتألف منها التيمم مثل ضرب او وضع اليدين وسحب الكفين على الجبين وسحب كل من الكفين على الآخر كل ذلك حركات وتصرف في الفضاء فكما انه تيمم فهو تصرف في الفضاء فلا يكون مقربا لله سبحانه فهو مبعد _ حسب تعبير حكيم الفقهاء _ وحسب تعبير السيد الاعظم _ لا يصلح ان يكون مصداقا للواجب _ , وهذه ايضا الفتوى للسيد اليزدي .

وفي مقام محاولتنا لفهم كلام الاعلام نقول : انه كما ان للجوهر جنس وللجنس انواع وللأنواع اصناف وللأصناف افراد فكذلك في المقولات العرضية يأتي هذا الترتيب فكما يتصور هذا الترتيب في مقولة الجوهر فهو يتصور في كل مقولة من المقولات العرضية , وربما يخفى على المتسامح في التأمل هذا الاختلاف , فاذا كان الامر كذلك فاذا كان فردان من الجوهر زيد وبكر فهنا لا يسري حكم احدهما للآخر ولا يحكم احدهما بحكم الآخر فكل واحد مسؤول عن كلامه وتصرفه , فكذلك لو فرض ان الحركة المعينة من مقولات العرضية من مقولات الفعل فاذا كانت من مقولات الفعل فهذا جنس وله انواع حركة , نوع من مقولة الفعل الحركة وهناك انواع اخرى من هذه المقولة وهذا النوع من مقولة الفعل وهو عبارة عن الحركة له اصناف حركة دائرية وحركة مستقيمة وحركة الى الارتفاع وحركة الى النزول ونحو ذلك من اصناف هذا النوع ولكل واحد من هذه الاصناف افراد فاذا كان هناك حركة من صنف واحد ولكنه لكل منهما فرد واحد الفردين محكوما بالحرمة فلا تسري الحرمة من احد الفردين الى فرد آخر فهذا لا يعقل فاذا كان الامر كذلك فناتي الى حركة المتيمم في الفضاء المغصوب فحركة اليد او اليدين بما هو تصرف وحركة في الفضاء فهذه الحركة مصداق للغصب فهي محرمة وتوجد حركة اخرى وهي لمس الجبينين بالكف او لمس ظهر كل من اليدين بالأخرى فهذه حركة من مقولة الفعل ومن نوع هذه المقولة , اذن عندنا فرد حركة اليد في الفضاء وفرد آخر وهو سحب الكف على الكف فسحب الكف على الكف ملازم لحركة اليد في الفضاء فهناك فردان احدهما ملازم للآخر مستحيل ان يتحقق بدون الآخر فاذا كان لايمكن ان يتحقق بدون الآخر فحينئذ نقول احدهما محرم والآخر يبقى على حكمه فليس فردا واحدا حتى تقول الحرمة ثابتة ويحكم بالبطلان , ولذلك التزمنا بصحة الوضوء مع غصبية الفضاء مع انه توجد في الوضوء حركات فالغسل حركة والمسح حركة والتزمنا بصحة الوضوء فما افتى الاعلام من بطلان التيمم غير واضح علينا .

ثم ان تنزلنا عن هذا النقاش والتزمنا بما آمن به الاعلام _من ان الحرمة ثابتة فنفس حركة اليد على الجبين او على الكف نفسه حركة تيممية ونفس هذه الحركة في استخدام الفضاء _ فان تنزلنا عن انه فردان وآمنا جدلا فنقول اذا كان الانسان عالما بالغصبية وبالحرمة[ [2] ] اذن العلم بالغصبية لا يلازم العلم بالحرمة وكان على الاعلام التنبيه على هذه النقطة , فاذا كان جاهل بالغصب او جاهل بالحرمة فتيمم هل يحكم بصحة التيمم او لا ؟.

السيد الاعظم يقول ان هذه الحركة محرمة واقعا فلا تصلح ان تكون مصداقا للواجب والسيد الحكيم يقول ان هذا العمل حرام واقعا فهو مبعد للعبد عن ساحة قدس المولى فلا يمكن ان يكون مقربا الى المولى .

وهذا غير واضح علينا وعلى مبانيهم من القول بمراتب الحكم _ السيد الاعظم يقول بمرحلتين الانشاء والفعلية وحكيم الفقهاء يقول اقل تقدير ثلاثة اقتضاء وانشاء والفعلية والبعض يقول اربعة الرابع التنجز والبعض يقول خمسة كما في كلمات صاحب الكفاية _ فالذي يقول بمراتب الحكم يلتزم من ان الاثار المتوقعة من الحكم تترتب اذا وصل الحكم الى مرتبة الفعلية والا اذا كان مضطرا يموت عطشا فأبحتم له شرب الماء المغصوب فهل هذه حرمة فعلية ويعاقب عليها ؟ ! او اذا تخيل هذه المرأة زوجته وهي ايضا تخيلت انه زوجها وحصل اللقاء وشهد عليها اربعة فهل تقيم عليها الحد ؟! ,

فالنتيجة ان الآثار المتوقعة من الحرمة تترتب على الحرمة الواصلة الى مرتبة الفعلية بناء على القول بمراتب الحكم فاذا كان الامر كذلك فاذا كان الانسان جاهل بالحرمة والغصب فكيف ترتبون آثار الحكم عليه وهو بطلان العمل مع الجهل ؟ .

 


[1] العروة الوثقى، اليزدي، ج2، ص161.
[2] قد يكون عالما بالغصبية وليس عالما بالحرمة كما لو ضن انه غاصب مال الناصبي وهو يجوز فالعلم بالغصبية لايستلزم العلم بالحرمة لان الرواية المعتبرة تقول خذ مال الناصبي حيث ما وجدت وادفع لنا الخمس يطيب لك الباقي.