آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الفقه

37/07/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : التيمم _ طهارة مايتيمم به _

فصل : يشترط فيما يتيمم به أن يكون طاهرا، فلو كان نجسا بطل وإن كان جاهلا بنجاسته أو ناسيا ... .[1]

المشكلة الاخرى في المسالة ان السيد الاعظم يقول ان الطيب في الآية الشريفة معناه الطاهر شرعا فهل يريد ان يدعي الحقيقة الشرعية [2] في لفظ الطيب من ﴿ تيمموا صعيدا طيبا[3] فلم اعرف ان كلمة طيب شرعا معناه الطاهر فورد لفظ الطيب في الآية الشريفة والاحاديث وروايات ونصائح الائمة ع ورد فيها الطيب كما في قول امير المؤمنين ع ( ما من رجل طاب مطعمه ومشربه الا طال وقوفه بين يدي الله تعالى )[4] فهل يكون طاهرا يعني اذا أكل النجس لا يطول وقوفه بين يدي الله ! فهذا غير واضح علينا .

وتفسير الطيب لغة هو مالا تشمئز النفس منه اي ما يستلذ به ولا يتنفر منه الانسان ,

والذي ينبغي ان يقال هو ان هناك ارتكاز في نفوس المتشرعة وهو انه لا يتوضأ ولا يتطهر الا بالطاهر سواء يراد به الطهارة الحدثية او الخبثية , وهذا الارتكاز مثل ما ادعاه بعض الفقهاء في مسالة اخرى وهي انه اذا لمست النجس او المتنجس اليابس لا يوجب نجاسة الجزء اللامس فاذا كان رطبا تسري النجاسة , والروايات تقول اللامس يتنجس بدون ان تشترط الرطوبة بين الطرفين فهناك انتبه بعض الاجلاء الابرار انتبه الى نقطة وهي ان هناك ارتكاز في نفوس المتشرعة وليس يدعي الحقيقة الشرعية فهذا جاء جيلا بعد جيل فكل جيل اخذ من الجيل السابق الى ان تصل النوبة الى الشارع المقدس المعاصر للائمة ع فاذا كانت الملامسة مع رطوبة احد الطرفين فتحصل النجاسة واذا لم تكن بل كانت يبوسة فلا تتحقق النجاسة , فكذلك ندعي في المقام ان الارتكاز لدى المشرعة انه لا يتطهر سواء كان الطهارة خبثية او حدثية الا بالطاهر وهذا مترسخ في النفوس المتشرعة وهذا الترسخ اخذناه من الجيل السابق وهم من الجيل الاسبق الى ان تصل النوبة الى الجيل المعاصر للنبي ص والائمة الاطهار ولا وجه الى ما ذهب اليه الاعلام رض.

اذن نلتزم بانه يشترط ما يتوضأ به ويغتسل به ويتيمم به لابد ان يكون طاهرا وهذا ليس لأجل الاجماع فلم ندع الاجماع كما ادعاه الاعلام رض ولا ادعي دلالة النص اللفظي على ذلك انما هو للارتكاز في نفوس عموم المتشرعة العامة والخاصة .

والغريب ان السيد الاعظم قال في ضمن كلامه ان الطهارة شرط في مايتييم به اذا كان التيمم بالتراب اما اذا كان التيمم بالجسم المغبر فلا يشترط الطهارة وذلك لإطلاق ما دل على ان التيمم يكون بشيء مغبر .

فنقول لما تتمسك بصعيد طيبا فهناك لما لا تقول بالإطلاق فلماذا هنا فقط تتمسك بالإطلاق فهناك رفضت التمسك بالإطلاق في ( جعلت لي الارض مسجدا وطهورا )[5] ؟ ! ثم عنده اهم دليل هو الاجماع فقال الاجماع ومضافا الى الاجماع يذكر بعض الادلة يعني لم يرفض الاجماع وقلنا اثبات الاجماع التعبدي دونه خرط القتاة فلا يوجد اجماع وهو آمن بوجود الاجماع فاذا كان هناك اجماع فحينئذ اين ذلك الاطلاق ! ثم يقول ان الثوب اليابس والنجس لا يشترط ان يكون يابسا اصلا فمعناه ان الجسم الذي عليه الغبار يصح التيمم به ولو كان نجسا اي يصح التيمم بالغبار الموجود عليه ولم يفرق بين ان يكون يابسا او يكون رطبا يقول وذلك لإطلاق[6] ما دل على صحة التيمم بشيء مغبر والاطلاق كما يقتض أي التيمم بالنجس سواء كان النجس يابسا او كان رطبا , اذن لا علاج لهذه المشكلة الا ان نلتزم بأمرين اما جواز التيمم بالنجس واليابس واما باشتراط الطهارة لكن بما قدمناه من بيان وهو ارتكاز العرف المتشرعي , ولا شك في ماقلناه في اعتبار الطهارة هو طبق الاحتياط [7] .

ثم انتقل السيد اليزدي رض انه اذا تيمم بالنجس جاهلا او ناسيا مع ذلك بطل التيمم وعليه لابد ان يعتبر نفسه غير متيمم وان صلاته باطلة وغير ذلك ممايترتب على التيمم , والاعلام رض قالوا للإطلاق منهم حكيم الفقهاء .

فنقول انك ادعيت الاجماع وقلت هو الاساس في الدليل فكيف تقول هنا للإطلاق فانه قال فلان وفلان وفلان ادعى الاجماع وكان هو الدليل والباقي كلها مؤيدات فكيف تدعي الاطلاق فهل الاطلاق في المؤيدات ! فالمؤيدات ليس دليلا.

السيد الاعظم قال الطهارة شرط واقعي وليس علميا فهي شرط ان كان جاهلا او غافلا _ في الشرط العلمي يكون مادام علما شرط واذا كان غافلا فلا كما استفيد من الادلة في مسالة التقصير وغيرها من المسائل _.

وما افاده غير واضح فأولا لابد ان يثبت هذا الشرط ثم بعد ذلك يمكن ان تقول انه واقعي او ليس بواقعي , فاذا لم يكن لديك اطلاق انما لديك اجماع وهو ليس فيه اطلاق ولا عموم فيؤخذ منه القدر المتيقن فتكون النتيجة عكس فتوى الاعلام وهي ان القدر المتيقن الشرطية حال العلم وحال الالتفات , فلابد ان تأتي بالدليل الذي يثبت الشرطية بنحو اوسع اي انه يثبت الشرط حتى في حالة الجهل بالحكم او بالموضوع او النسيان ,

فالصحيح هو بعدما اثبتنا شرطية الطهارة بمقتضى الارتكاز فصحة التيمم في صورة الجهل بالحكم او الموضوع يحتاج الى دليل ومقتضى القاعدة الأولية هو عدم الاجزاء لأننا اثبتنا الشرطية والمشروط عدم عند عدم شرطه فلا نحتاج الى دليل للحكم بالبطلان لا اطلاق ولا غيره والحكم بالصحة جهلا او نسيانا لحكم او الموضوع كل ذلك يفتقر الى الدليل يعني يكون تخصيصا في دليل الشرطية , اذن ما افتى به السيد اليزدي صحيح لكنه من هذا الطريق الذي ذكرناه.


[1] العروة الوثقى، اليزدي، ج2، ص199.
[2] لم تثبت عنده الحقيقة الشرعية لا في الصلاة ولا في الصوم ولا في الوضوء ولا .. فكيف يثبت الحقيقة الشرعية في الطيب.
[3] النساء/السورة4، الآية43.
[4] بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج42، ص276، ط دارالاحیاء التراث.
[5] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج3، ص350، أبواب التيمم، باب7، ح2، ط آل البیت.
[6] الاطلاق يشمل الرطب اليابس.
[7] ليس دائما هو طبق الاحتياط انما قد يكون ترك التيمم يؤدي الى ان يكون الانسان فاقدا للطهورين فهنا ليس للاحتياط فحينئذ يدور الامر بين محذورين وليس احدهما احوط لكن اذا كان هناك مكان نجس ويابس ومكان طاهر ففي مثل ذلك اذا كان يمكنه ان يتيمم بالنجس واليابس فهنا يأتي الاحتياط من ان يكون مايتيمم به طاهرا.