آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الفقه

37/06/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : التيمم _ ما يصح التيمم به _

قلنا افاد الاعلام انه يجب ازالة الطين عن المكان الذي نستخدمه من الكف لأجل التيمم بعدما جوزنا التيمم بالطين , وهذا الذي جوزناه يجب ان نستثني نقطتا واحدتا وهي ان الطين حينما يكون على الكف قد يكون مستوعبا _ نقصد بالاستيعاب يوجد شيء من الطين في الخطوط الموجودة على الكف والخطوط هي التي تتشكل من عمق هذه المادة بحيث هي ادق من الشعرة من الكف _ فاذا كان الطين في الجزء العميق وليس على البارز فلا مانع من التيمم به ولا يجب ازالته لان المسح يتحقق في الواقع في الاجزاء البارزة وليس في تلك المناطق العميقة ولو كانت دقيقتا مثل الشعرة او اخف لان المانع الذي ذكرناه تبعا للأعلام وهو الحائل بين الماسح والممسوح والحائل انما يكون حائلا اذا كان موجودا في الجزء الذي يلمس الممسوح حين المسح والملموس حين اللمس , وهذا المعنى وان لم اجده في كلمات العلمين السيد الاعظم وحكيم الفقهاء واليزدي وهذا وان لم يصرح به ولكنه موجود في عمق تفكيرهم رض , هذا تتمة المسألة السابقة .

(مسألة 7): لا يجوز التيمم على التراب الممزوج بغيره من التبن أو الرماد أو نحو ذلك، وكذا على الطين الممزوج بالتبن، فيشترط فيما يتيمم به عدم كونه مخلوطا بما لا يجوز التيمم به إلا إذا كان ذلك الغير مستهلكا[[1] ]

المسالة الاخرى وهي اذا كان التراب مخلوطا بغيره كالرماد الذي لا يجوز التيمم به او الحشيش او اجزاء التبن فأفتى السيد اليزدي انه لا يجوز التيمم به الا اذا كان مستهلكا .

ولكن الخلط والامتزاج له اقسام القسم الاول ان يكون التراب مستهلكا في الرماد والثاني ان يكون الرماد مستهلكا في الارض والثالث ان لا يكون هناك استهلاك لا لهذا ولا لذاك فقالوا ان كان التراب مستهلكا فلا يصح التيمم به لأنه يكون حينئذ تيمم بالرماد وكذلك اذا كان هناك اجزاء ناعمة من التبن او الحشيش والارض مستهلك فيه وكذلك في حالة اذا لم يكن اي من الخليطين مستهلكا في الاخر واما اذا كان غير التراب مستهلكا كالتبن والرماد او الطحين مثلا فافتى الاعلام بجواز التيمم .

ونحاول فهم كلمة الاستهلاك وملخص ما نريد ان نقوله انه لا يتحقق الاستهلاك الحقيقي هنا لأنه الاستهلاك الحقيقي معناه الانعدام فقطعا ان هذا ليس منعدما فيمكن للشخص ان يقول ان الرماد موجود فيه او التبن او الطحين موجود فيه قطعا فذراته موجودة في التراب قطعا فمع ذلك كيف يصح التيمم ؟ ونقول كما قلنا في مباحثنا السابقة وهو انه قد تكون الحقيقة باقية ولكن تتغير الصفة واذا تغيرت الصفة يتغير الحكم كما قلنا في الغباران كان الغبار مع الارض لا يجوز اكله واذا كان متنجسا يبقى على نجاسته الا ان يتم تطهيره بإحدى المطهرات ولكن حينما يرتفع الغبار ناعما جدا من هذه الارض النجسة في الجو فحينئذ نحكم بالطهارة ونحكم بالطهارة وعدم الحرمة وكذلك حينما نتنفس من الهواء يوجد اجزاء ولو كانت قليلة ودقيقة جدا من الارض في الهواء ولكن الحكم يختلف فكان نجسا واصبح طاهرا فكان محرما اصبح محللا وكان مفطرا فاصبح غير مفطر ونحو ذلك من الاحكام تتبدل باختلاف الحالات فكذلك الرماد فأجزائه ناعمة فالغبار حينما تنتشر اجزائه في الجو فهو وان كانت حقيقة الرمادية باقية ولكنه تحول من حالة الى حالة اخرى فاصبح حالته اخرى وحكمه آخر وهذه الاجزاء التي يمكن ان ترتفع في الجو فقد تكون منتشرتا في التراب فحينئذ وان كانت هذه الاجزاء موجودتا ولكنه اختلف الحكم فكان لا يجوز التيمم به والآن يجوز التيمم به , بل اذا لم نلتزم بهذا البيان فمعنى ذلك لا يجوز التيمم ولا الوضوء ولا الغسل اصلا لان الماء الموجود بين ايدينا في داخله يوجد فيه شيء من التراب ويوجد شيء من الهواء فهذه العناصر الاربعة الاساسية على وجه الارض _ الارض والتراب والهواء والنار _ فلا توجد صافيتا وانما هيئة ممتزجتا بالآخر _ لذلك قال ابن سينا على ما نقله عنه الاعلام في المعقول انه قال بحثت عن التراب الخالص غير مخلوط بالعناصر الاخرى فحفرت من الارض مقدارا فوجدت هناك التراب خالصا من الهواء والنار والموجد بين ايدينا كله خليط _ فلا يكون الماء خالصا ولا التراب خالصا اذا قلنا ان المقصود ان يكون كل من الماء والتراب خالصا لأجل الوضوء او التيمم , وحل المشكلة هو ماقلناه وهو انه باختلاف الحالات يختلف الحكم وهذا الرماد قبل ان يصبح مثل الغبار كان لا يجوز التيمم به ولما اصبح مثل الغبار ناعما فيختلف حكمه عن منشأه كذلك هنا اختلف الحكم فنحكم بصحة التيمم به ضمن الارض والتراب ولا مانع من ذلك .

وبقي قسم آخر من الخليط وهو اذا كان الخليط مكشوفا مثل الحشيش موجودا على الارض او ذرات التبن ولكن حينما نضع الكف على الارض حينئذ لا تصل جميع اجزاء الكف الى الارض ولكن في هذه الحالة قد يكون من اجزاء الكف التي نستخدمها في المسح تصل الى الارض والاجزاء الاخرى التي لا نحتاج اليها في المسح لا تصل الى الارض ففي مثل ذلك هل يصح التيمم او لا يصح ؟ فهذا يرتبط بالبحوث القادمة وهو هل يشترط في التيمم ان تصل الكف بجميع اجزائها الى الارض او يكفي وصول قسم من الكف وهو الذي نستخدمه للمسح على الجبهة والكفين او لا ؟ فان التزمنا بهذا فوجود الخليط على وجه الارض الغير مانع من وصول القسم المستخدم للمسح فلا يكون مانعا فهذا مرتبط بالمسألة القادمة .

 


[1] العروة الوثقى، السيد اليزدي، ج2، ص198، ط جماعة المدرسين.