آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الفقه

37/06/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : التيمم _ ما يصح التيمم به _ فاقد الطهورين .

الكلام في فاقد الطهورين وقلنا ان القوم سلكوا مسالك في نفي الوجوب ومنهم من ادعى الاجماع بل في كلمات بعضهم اننا لا نعلم في ذلك مخالف اصلا اي لا يجب عليه فعل الصلاة في الوقت عند فقد الطهورين .

وحاول السيد الحكيم اثبات وجوب الاداء في مورد وهو ما اذا كان المكلف واجدا للطهور ثم بعد ذلك فقده سواء كان بعد الوقت او قبل الوقت ففي هذه الصورة يستصحب الوجوب الثابت قبل فقدان الطهور فيجب عليه لأداء .

وهذا غير واضح علينا حسب الصناعة :

لأنه اذا كان فاقدا للطهور قبل الوقت وانت وغيرك تقولون ان الوقت شرط في الوجوب فاذا لم يدخل الوقت فكيف يثبت الوجوب حتى تستصحبه ؟! فلامعنى حينئذ لجريان الاستصحاب بعد دخول الوقت فهو حين تمكنه من الطهور لم يكن هو مامورا بهذه الصلاة التي دخل وقتها _ وكان حسب الفرض انه صلى الصلوات السابقة _ فبعد دخول الوقت حل وقت الوجوب حسب تعبيرهم ولكنه فاقد للطهور فلامعنى لهذا الاستصحاب , واما اذا كان فقدان الطهور بعد دخول فكذلك فإما ان يكون بعد مضي وقت كاف لفعل الصلاة اي انه كان يتمكن ان يتوضأ او يغتسل او يتيمم ويصلي ثم حصل له فقدان الطهور فهذا خارج عن محل الكلام فهذا قد حقق الوجوب مع القدرة على الامتثال لان الكلام في ما اذا لم يكن الامر كذلك , اما اذا كان الفقدان في وقت لا يتمكن المكلف فيه فعل الصلاة مع الطهور فهنا كيف يثبت الوجوب مع عدم تمكنه من الفعل حتى تستصحب الوجوب فهذا غير واضح , وكأنه قده كان ملتفتا الى كلامه لذلك في نهاية كلامه امرنا بالتأمل .

والذي ينبغي ان يقال : ان قلنا بما قال القوم من ان الوجوب مشروط بالوقت والقدرة فمقتضى الصناعة عدم الوجوب اذ المفروض حين دخول الوقت لم يكن متمكنا من فعل الصلاة والعجز عن الشرط عجز عن المشروط فاذا كان عاجزا فكيف يجب عليه فعل المشروط ولا يقاس هذا الشرط على باقي الشرائط لأنه في باقي الشرائط جاء الامر من المولى بالاكتفاء بالصلاة دون ذلك الشرط كما في العجز عن التوجه الى القبلة او عن الساتر او الطمأنينة او طهارة البدن والثوب فهناك ادلة واردة انه لا تسقط الصلاة _طبعا مع ملاحظة بعض الامور الاخرى كما في تأخير الصلاة الى آخر الوقت فذاك خارج عن محل الكلام _ .

وفي المقام رغم ورود روايات في حق العاجز عن الصلاة لم نتمكن من اثبات رواية واحدة تدل على سقوط شرطية الطهارة عن الصلاة مع العجز عن الغسل او التيمم , واما ان احتمال انه هذه الحالة نادرتا من ان يكون المكلف عاجزا عن الطهور بجميع اقسامه هذا مجرد احتمال فنحن والدليل فليس لدينا دليل فعلى هذا الاساس فمقتضى القاعدة والصناعة لا وجوب للصلاة عليه _ هذا على تعبيرهم ان الوجوب مشروط بالوقت والقدرة _ ومادام القدرة مفقودة فلا وجوب , واطلاقات اقيموا الصلاة وغيرها لا تفيدنا في المقام لأنها مقيدة بالوقت والقدرة حسب رأيهم لان القدرة على الفعل المشروط مع الشرط شرط في تحقق او توجه التكليف الى العبد فهنا ليس العبد ما مورا .

واما على المختار من ان الزمان وباقي الامور انها قيود اما للمكلف به او قيود للمكلف وليس لأصل الوجوب _ بالبيانات التي قدمناها في محلها من ان الوجوب هو جزئي حقيقي غير قابل للتقيد وانما قابل للتعليق _ ومع قطع النظر عن هذا الجانب نقول ايضا ان التشريعات قد تمت وجف القلم فالرسول الاعظم ص يقول ( وعن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : خطب رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) في حجة الوداع فقال : يا أيها الناس ما من شيء يقربكم من الجنة ويباعدكم من النار إلا وقد أمرتكم به وما من شيء يقربكم من النار ، ويباعدكم من الجنة إلا وقد نهيتكم عنه ، ألا وإن الروح الامين نفث في روعي )[1] فقد جف القلم وليس في كل لحظة ينشأ وجوب جديد فقد انشأ الوجوب قبل زوال الشمس فالزوال وغير الزوال من قيود الصلاة فهي اما للمكلف او قيود للمكلف به كل في مورده نلتزم به , فوجوب الصلاة ثابت لا نحتاج الى الاستصحاب ولا نحتاج الى التأمل في ثبوت ذلك بدليل اجتهادي وجوب الصلاة ثابت حين زوال الشمس .

ويبقى الكلام في القدرة على المشروط شرط مطلقا حتى مع فقدان الشرط فمعنى ذلك سقوط التكليف لأنه غير قادر على المكلف به , وعلى هذا الاساس ان الصناعة الاصولية والفقهية عدم ثبوت الوجوب من جهة عدم القدرة على المكلف به لا من حيث عدم التشريع , فالقدرة على المكلف به شرط في التكليف والعجز عن الشرط عجز عن المشروط , فعلى كلا المبنيين مقتضى الصناعة هو عدم وجوب الاداء ولكن مع ذلك نقول :

ان التتبع في الآيات والروايات يجعل الفقيه المتأمل على قناعة ان الشارع لا يرضى بترك الصلاة مطلقا بحيث لو دخل الوقت وهو متمكن من الصلاة بدون طهارة مع ذلك الشارع لا يرضى .

ويؤيد هذا انه اذا فقد باقي الاجزاء والشرائط لا تسقط عنه الصلاة ومن هنا يقوى احتمال انه لم يتعرض الشارع المقدس والائمة الاطهار في ما وصل الينا لم يتعرضوا الى هذا الشرط لندرته جدا والا فالتيمم بالملابس او باي شيء ولم يتركوا مجالا لفقدان التيمم ابدا , اذن التتبع يعطي الاعتقاد الجازم بان الشارع لا يرضى بترك الصلاة ولا شك انه هو الاحوط ولذا نلتزم بوجوب الاداء بالنحو الذي يتمكن منه ولكن هذا مبني على القناعة الشخصية للفقيه واعتقد ان القناعة موجودة عندنا فلا اقل القول بالاحتياط والجزم بسقوط الاداء يحتاج الى جرأة ,

فصلاة المطاردة موجودة وواجبة مع ان العدو يريد قتلك وهكذا صلاة الغريق وهو في حالة الغرق , ولم يُبحث عنه هناك لأجل ان يتوضأ او لا يتوضأ لأنه في حالة الغرق فكيف يمسح ويغسل فهو فاقد للطهورين , فعلى هذا الاساس نلتزم ولو التزام حكمي بوجوب اداء الصلاة والحكم بسقوط اداء الصلاة جرأة على الشارع , فهناك يقول صلاة الغريق فالتعرض لها هو افتاء بوجوب الصلاة مع عدم الطهور , هذا تمام الكلام في اصل وجوب الاداء .

والبحث في وجوب القضاء في حالتين الحالة الأولى انه صلى بدون طهور وفي الحالة الثانية الاعتماد على فتاوى الفقهاء او ضنا منه ان الصلاة ساقطة عنه فلم يصلي مع ذلك بعد انتهاء الوقت هل يجب عليه القضاء او لا يجب ويظهر من البعض عدم وجوب القضاء منهم السيد اليزدي واما السيد الاعظم يريد ان يتمسك برواية لإثبات الوجوب وهي :

والرواية هي: رواية زرارة عن ابي جعفر ع (محمد بن الحسن بإسناده عن الحسين ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أُذينة ، عن زرارة ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، أنه سئل عن رجل صلى بغير طهور أو نسي صلوات لم يصلها أو نام عنها ؟ قال : يقضيها إذا ذكرها في أي ساعة ذكرها من ليل أو نهار )[2]


[1] وسائل الشيعة، العاملي، ج17، ص45، ابواب استحباب الاجمال في طلب الرزق، ب12، ح2، ط آل البيت.
[2] وسائل الشيعة، العاملي، ج8، ص253، ابواب قضاء الصلوات، ب1، ح1، ط آل البيت.