آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الفقه

37/06/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : التيمم _ ما يصح التيمم به _ فاقد الطهورين .

كان الكلام في ما استدل على سقوط الصلاة عند العجز عن الطهور وكنا في مقام المناقشة على ما ذكره السيد الاعظم حيث انه استدل برواية عن الصدوق في الفقيه

الرواية : ( قال: وقال الصادق ( عليه السلام ): الصلاة ثلاثة أثلاث: ثلث طهور، وثلث ركوع، وثلث سجود )[1] واشكلنا عليه بان الرواية مرسلة في الفقيه وليس لك الاستدلال بها ولكن هذا الاشكال غير وارد على السيد الاعظم وذلك لأننا انخدعنا بكلام المقرر فهو قال في الفقيه ولم يذكر السندين الآخرين والا فالرواية موجودة في التهذيب وفي الكافي وفي هذين المصدرين الرواية مسندة بسند معتبر وذكر صاحب الوسائل في مقامين احدهما في ابواب الركوع الرواية الاولى باب التاسع وكذلك ذكرها في باب الثامن والعشرين من ابواب السجود الرواية الثانية هناك ذكرها رض صاحب الوسائل هذه الرواية بسندين تامين , فإشكالنا على السيد الاعظم من حيث السند غير وارد .

والاشكال عليه من جهة الدلالة حيث قلنا انه لابد من تفسير الثلث اما من حيث الاهمية او من حيث الاجر وليس من حيث اصل الصلاة فان الطهور ليس جزءا من الصلاة قطعا فهو شرط , فهو من حيث الاهمية والاجر وليس الجزئية والا لكان رفضا للأدلة وكتاب الله العزيز حيث دل ان الوضوء والتيمم والغسل هو قبل الصلاة حيث قال سبحانه ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ[2] فكل ذلك دليل على ان الطهارة خارجة عن ماهية الصلاة وليس داخلة في الصلاة اذن دعوى ان الطهور ثلث الصلاة ليس دلالة الرواية مقبولة فلابد من تفسير الرواية بان الطهارة من الحدث اهميتها اهمية ثلث الصلاة او اجرها ثلث اجر تمام الصلاة وليس الجزئية .

والذي نرفضه في هذا الاستدلال مطلب آخر ومال اليه السيد الاعظم وغيره من الاعلام فقد قال الوجوب مشروط بالتمكن من الطهارة فهذا جدا غير واضح لان الوجوب قد أُنشأ ويتحقق بمجرد دخول الوقت فقد قال المعصوم ع (وعنه ، عن محمّد بن أبي حمزة ، عن ابن مسكان ، عن مالك الجهني قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن وقت الظهر ؟ فقال : إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر ؟ فقال : إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين )[3] فحينئذ اصل الوجوب ان كان مشروطا فهو مشروطا بالوقت وليس بالطهارة والطهارة شرط للواجب وليس للوجوب , فالاستدلال بهذه الرواية او غيرها من انه لا تشريع بدون الطهارة فجدا غير واضح علينا .

نعم قياس الاشكال على هذا الاستدلال انه كما ورد لا صلاة الا بطهور فقد دل الدليل لا صلاة الا بفاتحة الكتاب او لا صلاة الا بركوع او الا بسجود او لا تعاد الصلاة الا بكذا مع انه الوجوب ثابت مع عدم التمكن من القراءة ومن الركوع وكذلك بدون السجود فنقول ان هذا الاشكال غير وارد باعتبار انه دلت الادلة على انه اذا الانسان عجز عن الركوع والسجود فان له بدليل وهو الايماء وكذلك القراءة فان بدلها بدون قراءة او الصلاة جماعة فمثل هذه البدلية لم تثبت في الطهور , فالنتيجة لا يمكن الاشكال على الاستدلال بما دل على انه لا صلاة الا بفاتحة الكتاب ولا صلاة الا بركوع او بسجود فالإشكال غير وارد , اما الاشكال الذي ذكرناه فهو وارد وانه شرط للواجب وليس للوجوب .

ثم حاول الاستدلال على ثبوت الوجوب بقاعدة الميسور بما ورد عن النبي ص ( اذا امرتكم بشيء فاتوا منه ما استطعتم ) .

الاستدلال بهذا الحديث ليس صحيحا والوجه في ذلك لأنه

اولا : ضعف سند الحديث

ثانيا : ان الرواية ناضرة الى الاجزاء وليس الى الشرائط فقال اذا امرتكم بشيء فاتوا منه اي من ذلك الشيء المأمور به ما استطعتم وفي المقام ليس الكلام في الجزء انما الكلام في الشرط لان الرواية لا تدل في فأتوا منه اي من ذلك المأمور به مع فقد الشرائط ايضا فالرواية الدالة على قاعدة الميسور ان ثبتت فهي تدل في صورة العجز عن بعض الاجزاء وليس العجز عن بعض الشرائط فالعجز عن الشرائط كله منتف وليس انه يكون بعضه ثابتا والمشروط ثابت بدون الشرط .

النتيجة الاستلال بقاعدة الميسور ليس بصحيح ولكن يبقى الكلام في ان الصلاة لا تترك بحال وقلنا ان السيد الاعظم قال لم يرد هذا النص في رواية لا ضعيفة ولا قوية وهذا الاشكال منه رض غير وارد لأنه تتبعنا فهذه المقولة الفقهية مستفادة من مجموع ما ورد في روايات الصلاة .

فالنتيجة لا دليل على ان سقوط الوجوب مع العجز عن الطهور وانما الكلام في هل تصح الصلاة بدون طهارة ويسقط الوجوب فالكلام في سقوط الوجوب .

 


[1] وسائل الشيعة، العاملي، ج1، ص366، ابواب الوضوء، ب1، ح8، ط آل البيت.
[2] سورة المائدة، آية 6.
[3] وسائل الشيعة، العاملي، ج4، ص128، ابواب مواقيت الصلاة، ب4، ط آل البيت.