آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الفقه

37/06/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : التيمم _ ما يصح التيمم به.

ذكرنا الرواية الاولى وقلنا انها معتبرة سندا مع ان السيد الاعظم قال بانها ضعيفة , وقلنا انها واضحة الدلالة في الجواز الغسل والوضوء بالثلج وكذلك الرواية الثانية والثالثة ولكن الرواية الثانية ضعيفة من جهة وجود معاوية ابن شريح , ولكن الكلام في دلالة الرواية والسيد الاعظم يرفض الاستدلال بها من حيث الدلالة والسند وهي:

الرواية الثانية : وهي ضعيفة السند بمعاوية ابن شريح فهو لم يوثق ( وعنه ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن معاوية بن شريح قال : سأل رجل أبا عبدالله ( عليه السلام ) وأنا عنده فقال : يصيبنا الدمق والثلج ونريد أن نتوضأ ولا نجد إلا ماءاً جامدا ، فكيف أتوضأ ؟ أدلك به جلدي ؟ قال : نعم )[1] لان السائل فيها يقول يصيبنا الدمق والدمق قلنا هو البرد القارص وقلنا بعضهم اعتبر الكلمة غير عربية وقلنا انه غير واضح وانما هي كلمة عربية والمعنى الاشتقاقي للدمق هو الهجوم المفاجئ ومن معنى اسم الجنس هو البرد القارص هكذا ورد في المصادر الا ان في مجمع البحرين وما قيل عن البعض الاخر ان الكلمة معربة.

والدلك بالجلد مع تحقق معنى الوضوء والغسل هذا هو المقصود من سؤال السائل فهو يقول اتوضأ والوضوء اخذ فيه غسل الوجه واليدين والغسل لا يتحقق الا بتحريك الماء على المحل المقصود واما اذا لا يتحقق التحريك فلا يسمى غسلا فالسائل يقصد انه يحرك الثلج ويتحقق بدلك الثلج على الجسم يتحقق تحريك الماء ولو كان التحريك قليلا جدا فالإمام قال يصح ذلك الوضوء , ولكن هذه الرواية ضعيفة السند.

الرواية الثالثة : (وبإسناده عن محمد بن علي بن محبوب ، عن محمد بن أحمد العلوي ، عن العمركي ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر ( عليه السلام ) ، قال : سألته عن الرجل الجنب ، أو على غير وضوء ، لا يكون معه ماء وهو يصيب ثلجا وصعيداً ، أيهما أفضل ، أيتيمم أم يمسح بالثلج وجهه ؟ قال : الثلج إذا بل رأسه وجسده أفضل ، فإن لم يقدر على أن يغتسل به فليتيمم )[2] وهي ضعيفة السند من جهة محمد ابن احمد العلوي

اما الرواية الرابعة فهي ايضا ضعيفة من جهة عبد الله ابن الحسن الذي لم نجد له توثيقا , ومضمون هاتين الروايتين هو تحقق الغسل والوضوء بواسطة تحريك الثلج ومعلوم انه اخذ في مفهوم الغسل والوضوء غسل المواضع والغسل لا يتحقق الا بتحريك الماء فإذن هاتان الروايتان تدلان على كفاية تحريك الماء المتحقق بتحريك الثلج وانه كاف بتحقيق معنى الوضوء ومعنى الغسل

فمن مجموع الروايات يستفاد هذا المعنى انه لا مانع من يتوضأ او يغتسل بواسطة الثلج بمعنى تحريك الماء على الجسم بواسطة واستحالة الثلج وهذا المعنى مسلم لا يمكن رفضه حتى ولو لم تكن هذه الروايات لأنه قلنا اخذ الغسل في مفهوم الغسل والوضوء وهذا متحقق,

ولاكن لنا ملاحظتان في ما نسب الى السيد الاعظم

الاولى : انه يقول ان المقصود بالثلج هو هذا الذي يتجمد في الفضاء وليس المقصود بالثلج هو الماء المتجمد على الارض بالآلات او باي نحو , فهذا المعنى مرفوض باعتبار ان هذه الروايات التي قرأناها المقصود من الثلج فيها هو المتجمد على الارض وليس هو البخار والرطوبة المتجمدة في الفضاء والذي يكون بالتجمد يصبح مثل القطن وينزل الى الارض , فما افاده غير واضح.

الملاحظة الثانية : _ انه يقول المقصود بالثلج هو الماء المتجمد في الفضاء _ فنقول انه لا يوجد في الفضاء ماء لان في الفضاء الذي يتجمد هو البخار او الرطوبة اذا اثر البرد فيها فيتحول الى الثلج وينزل على هيئة القطن المنفوش وهو متكون من الرطوبة والبخار والبخار ليس ماءً اذ لو قلنا ان البخار ماء والرطوبة ماء فالبخار المرتفع من الاماكن النجسة والبول والبلوعة فلابد ان نحكم بنجاسته وقلنا ان نفس البول هو مرتفع بصورة البخار فلازم ذلك نحكم ببطلان الصوم باستنشاق البخار او بلعه مهما كان رقيقا لأنك تقول انه ماء فحكمت عليه انه شرب الماء فكيف يكون صائما وهو يشرب الماء فهذا اذن غير واضح.

وبذلك نلتزم ان هذا البخار والرطوبة في الجو متولدة من الماء وليس ماءً وهو شيء اخر ولذلك نلتزم بالاستحالة فالبول اذا تحول الى البخار فهو طاهر لأنه ليس بولا وكذلك الرطوبة المرتفعة في الجو من الامكنة المتنجسة ليس نجستا لأنها رطوبة وان كانت ناشئتا من النجس ولكن الناشئ غير المنشأ بخلاف الغبار فقد التزمت بان الغبار والتراب والارض والطين هذه شيء واحد حقيقتا وتختلف هذه الامور باختلاف الحالات والتزم بوحدة الحقيقة والتزم بما يترتب على وحدة الحقيقة وهو ان الانسان اذا بلع الغبار فالبعض قال لا يوجد دليل على انه مفطر ولكن نحن قيدنا في الرسالة العملية اذا احسست بالطعم عند البلع بحيث يتحقق عنوان الاكل ونحو ذلك وحينئذ نحكم بنجاسة الغبار المرتفع من العذرة ونحو ذلك لأنه عينه , فما افاده السيد الاعظم غير واضح , بقي الكلام في التيمم بالثلج.


[1] وسائل الشيعة، العاملي، ج3، ص357، ابواب التيمم، باب10، ح2، ط آل البيت.
[2] وسائل الشيعة، العاملي، ج3، ص357، ابواب التيمم، باب10، ح3، ط آل البيت.