آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الفقه

37/06/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : التيمم _ ما يصح التيمم به .

قلنا لا ينبغي لفقيه ان يتوقف في صحة التيمم بالطين في الجملة انما الكلام في بعض الجهات

منها ان التيمم بالطين هل في عرض الغبار او هو يتقدم على الغبار او ان الغبار يتقدم عليه والفقهاء منهم السيد الاعظم يريد ان يقول الغبار مقدم على الطين وذلك ان الكلام الذي وجد في ما هو المنسوب الى السيد الاعظم هو ان الطين صعيد والتراب والارض شيء واحد والغبار ليس صعيدا فمن هنا ينبغي ان يتقدم التيمم بالطين على التيمم بالغبار لولا ان الروايات الصحيحة السند دلت على تقديم التيمم بالغبار على التيمم بالغبار .

نقول اثبات هذه الدعوى تتوقف على امرين احدهما ان الغبار ليس من الصعيد وهو خارج عن ماهية الصعيد والتراب

والثاني ان الطين صعيد .

وحاول اثبات ان الطين صعيد بأمرين :

اولا : بالرواية ( وعنه ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن مطر ، عن بعض أصحابنا قال : سألت الرضا ( عليه السلام ) عن الرجل لا يصيب الماء ولا التراب ، أيتيمم بالطين ؟ قال : نعم صعيد طيب وماء طهور )[1] وهي عن الرضا ع الامام قال ان كنت في اجمة او نحو ذلك ولم يكن لديك ماء تتوضأ به فتييم بالطين فانه صعيد , وهذه الرواية وان اطلق فيها لفظ الصعيد على الطين الا انها مرسلة وضعيفة السند هذا اولا .

وثانيا : التأمل في الغبار والطين والارض يقتضي ان الغبار والطين والارض شيء واحد من حيث الجوهر والحقيقة انما الفرق هو بحسب الحالات والاوصاف والحكم الشرعي يتغير باختلاف الحالات ونلتزم باختلاف الحكم لأجل اختلاف الحالات تعبدا وان كانت الحقيقة واحدة ولا يمكن الالتزام بتعدد الحقيقة بان يقال بان الغبار ليس من الارض وان قلت ذلك فان كانت الارض نجسة او منشأ الغبار كان نجسا واندفع من تلك النجاسات غبار فلابد ان تحكم بطهارة هذا الغبار لأنه حصلت استحالة فهذا غبار العذرة وليس بعذرة فاذا كان مختلفا لابد ان تحكم بالطهارة كما حكمنا بطهارة البخار المرتفع من الماء النجس او المتنجس , فهنا البخار مرتفع من العصير المغلي خمرا فلاتحكم بالنجاسة ولا بالحرمة واللازم عليك ان تحكم بطهارة الغبار المرتفع من العذرة وغير ذلك وانت لا تقول به !.

وايضا ان قلت انهما حقيقتان مختلفتان ( الارض والغبار ) فانت ونحن نفتي بحرمة اكل الطين والغبار _ الا طين الامام الحسين بشرائط معينة _ وانت لا تحكم بحلية بلع الغبار فلوا كان الغبار غير الارض فالدليل على حرمة اكل الطين لا يشمل الغبار ؟ ! فاذا كان شيئا آخر فلابد ان تحكم بجواز اكل الغبار وطهارته وانت تفتي بالطهارة ولا تفتي بجواز الاكل , وهذا يعني انه عين ذاك لا انه حقيقتان , اذن التمسك بهذه الرواية التي ورد اطلاق لفظ الصعيد وتقدم الطين على الغبار من جهة انه صعيد والصعيد حقيقته غير حقيقة الغبار هذا غير واضح علينا ,

ثم افاد رض انه لو اشترطنا العلوق في التيمم بالأرض[2] فاذا اشترطنا العلوق فيكون مقتضاه تقدم التيمم الغبار على الطين لان الغبار يوجد فيه العلوق والطين لا يوجد فيه العلوق فنفس الطين يتعلق باليد ولكنه ليس اثره والغبار اثر الارض فهو يعلق والطين لا يعلق اثره .

هذا الذي ذكره غير واضح :

اولا : فالعلوق محل كلام يأتي في محله

وثانيا ان العلوق ايضا يأتي في بعض اقسام الطين وانت تريد ان تثبت ان الطين لا علوق فيه فهذا غير واضح .

بقي الكلام في الترتيب بين الطين وبين الغبار : قلنا عدة روايات رواية 2, والرواية 3 , والرواية4 من الباب التاسع دلت على لزوم تقديم التيمم بالغبار على الطين وهذا الحكم ملتزمون به وعليه فتوى اعلامنا الابرار وفتوى السيد الحكيم والسيد الاعظم ولكن هناك من حاول اثبات العكس وهو ان التيمم بالطين يتقدم على التيمم بالغبار وذلك للرواية (وعنه ، عن الحسن بن علي ، عن أحمد بن هلال ، عن أحمد بن محمد ، عن أبان بن عثمان ، عن زرارة ، عن أحدهما ( عليهما السلام ) ، قال : قلت : رجل دخل الأجمة ليس فيها ماء وفيها طين ، ما يصنع ؟ قال : يتيمم فإنه الصعيد ، قلت : فإنه راكب ولا يمكنه النزول من خوف وليس هو على وضوء ؟ قال : إن خاف على نفسه من سبع أو غيره وخاف فوت الوقت فليتيمم ، يضرب بيده على اللبد أو البرذعة ويتيمم ويصلي)[3] وهذه الرواية ورد فيها ان زرارة سئل الامام ع انه اذا دخل الشخص اجمة ولا يجد فيها الا الطين فقال ع يتيمم به ثم قال ان لم يتمكن من النزول فماذا يفعل لخوف او نحوه قال يتيمم بالغبار فبمقتضى هذه الرواية قدم الطين على الغبار والسيد الاعظم رفض هذا الاستدلال لسببين الاول هو لوجود احمد ابن محمد ابن هلال العبرتائي وهو ضعيف .

فنقول ان تلك الرواية التي عن الإمام الرضا ع فلماذا قبلتم هناك واستدللتم بها ؟ .

وعلى كل حال ان العمدة والتأمل في البحث عن الدلالة فالسيد الاعظم يقول ان الرواية لا تدل على تقديم الطين على الغبار انما تدل لو قلنا ان السؤال الاول والثاني لشخص واحد فالسؤال الاول دخل الاجمة ولا يجد الماء فقال يتيمم بالطين واذا كان لا يتمكن من النزول فليتمم بالغبار فاذا كان السؤال عن شخص واحد فيمكن استفادة التقديم ولكن يقول ان الضاهر ان السؤال عن شخصين احدهما يدخل الاجمة وهو غير خائف فحكمه النزول والتيمم بالطين والسؤال الثاني هو اذا كان الانسان خائف ولا يتمكن من النزول فيتيمم من الغبار في لبده وسرجه ونحو ذلك , فهذه الرواية بما انها متعرضة للسؤال عن شخصين فليس فيها دلالة على التقديم .

 


[1] وسائل الشيعة، العاملي، ج3، ص354، ابواب التيمم، ب9، ح6، ط آل البيت.
[2] يأتي البحث انه بعضهم قال لابد ان يعلق اصل الشيء باليد حينما نضرب اليد على الارض.
[3] وسائل الشيعة، العاملي، ج3، ص354، ابواب التيمم، ب9، ح5، ط آل البيت.