آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الفقه

37/05/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : التيمم _ ما يصح التيمم به .

فصل : في بيان ما يصح التيمم به يجوز التيمم على مطلق وجه الأرض .... ، ومع فقد ما ذكر من وجه الأرض يتيمم بغبار الثوب أو اللبد أو عرف الدابة ونحوها مما فيه غبار ...[1]

الكلام في التيمم بالطين : لا ينبغي الريب في جواز التيمم بالطين في الجملة للروايات الدالة على ذلك وفتوى الاصحاب ومع صحة الروايات واكثر من رواية فهذا يكفي للجزم بصحة التيمم ولكن الكلام في نقاط محددة منها ماهو معنى الطين والثانية هل الطين مقدم على الغبار او هما في مرتبة واحدة والطين مع الارض الجافة او المبتلة هل في مرتبة واحدة او هناك ما يقدم بعض على بعض ؟

اما الكلام في النقطة الاولى : وهي تحديد معنى الطين والذي يمكن ان يقال حسب فهمنا هو ما اشرنا اليه في الجلسات السابقة هو ان الارض والتراب والطين هي شيء واحد في الحقيقة ولكنها اختلاف بعضها عن بعض بحسب الحالة وصفة معينة وهذا الاختلاف يوجب اختلاف في الاحكام العقلائية العرفية والشرعية ايضا فذاك مطلب اخر ولكن من حيث الجوهر الطين هو الغبار والتراب هو والطين الغبار والطين هو التراب والغبار , والارض يصدق على هذه الامور الثلاثة , وذلك لما نرى من ان الطين هو التراب اذا دخله الماء واصبح التراب مثل العجين بحيث يمكن صنعه باختلاف الاشكال باليد فاذا كان هذا هو المقصود بالطين فجوهر الطين مع جوهر التراب واحد والحالة مختلفة فكان ترابا ودخل فيه الماء فاصبح لزجا على غرار الطين فهذا يسمى طينا .

وعلى هذا الاساس يطلق على الصعيد ايضا في الروايات كما في الروايتين الضعيفتين

الرواية الاولى ( وعنه ، عن الحسن بن علي ، عن أحمد بن هلال ، عن أحمد بن محمد ، عن أبان بن عثمان ، عن زرارة ، عن أحدهما ( عليهما السلام ) ، قال : قلت : رجل دخل الأجمة ليس فيها ماء وفيها طين ، مايصنع ؟ قال : يتيمم فإنه الصعيد ، قلت : فإنه راكب ولا يمكنه النزول من خوف وليس هو على وضوء ؟ قال : إن خاف على نفسه من سبع أو غيره وخاف فوت الوقت فليتيمم ، يضرب بيده على اللبد أو البرذعة ويتيمم ويصلي )[2] .

الرواية الاخرى ( وبإسناده عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد ، عن أبيه ، عن عبدالله بن المغيرة ، عن رفاعة ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : إذا كانت الأرض مبتلة ليس فيها تراب ولا ماء فانظر أجف موضع تجده فتيمم منه ، فإن ذلك توسيع من الله عز وجل ، قال : فإن كان في ثلج فلينظر لبد سرجه فليتيمم من غباره أو شيء مغبر ، وإن كان في حال لا يجد إلا الطين فلا بأس أن يتيمم منه )[3] اطلق لفظ الصعيد على الطين وهو ليس من جهة ان غيره ليس صعيدا بل اذا قلنا ذلك فهذا يعني ثبوت المفهوم للوصف في المقام يلزم منه ان لا تكون الارض صعيدا ولا التراب ولا الغبر صعيدا وهذا لا يمكن الالتزام به فان الروايات دالة على صحة التيمم بالتراب على انه صعيد , اذن اطلاق الصعيد على الطين ليس له مفهوم ومن هنا يتبين ما مال اليه السيد الاعظم حيث قال انه لو لا الروايات الدالة على تقديم التيمم بالغبار على التيمم بالطين لقدمنا الطين على الغبار لأنه اطلق لفظ الصعيد على الطين , ونحن قلنا انه لفظ الصعيد اطلق على الطين بلحاظ جوهره وليس له وصف حتى يقال ان الغبار ليس صعيدا والطين صعيد وكلمة الصعيد اطلقت على الطين ايضا لحكمتين احداهما بيان ان جوهر الطين هو جوهر باقي اقسام الارض فيكون ذلك اشارة من الامام ان الحكم المبحوث في الآية الشريفة فتيمموا صعيدا طيبا يعم الطين من جهة جوهره واما ان يكون لفظ الصعيد كناية عن النظافة كما قلنا في محاولتنا لفهم الآية الشريفة وعلى كلا التقديرين انه ليس للوصف مفهوم ولا يقتضي هذان الخبر تقديم الطين على الغبار .

بقي شيء : ان الارض المبتلة غير الطين وهي ان تكون الارض صلبة لا تدخل القدم فيها ولكن عليها رطوبة فهذه ارض مبتلة وليس هذا طينا فالرواية الرواية الرابعة تقول ابحث عن اجف موضع للتيمم ثم بعد ذلك اذا لم يوجد الا الغبار والطين فتيمم بالغبار والا فبالطين , فلفظ الارض المبتلة شيء والطين شيء اخر فما يلوح من كلمات بعض الفقهاء من ان الارض المبتلة طين هذا غير واضح علينا .

ثم انه قلنا لا ينبغي الريب في صحة التيمم بالطين فان الروايات المعتبرة تدل على ذلك كما في الروايات الاتية :

الرواية الأولى (وبإسناده عن محمد بن علي بن محبوب ، عن معاوية بن حكيم ، عن عبدالله بن المغيرة ، عن ابن بكير ، عن زرارة ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : إن كان أصابك الثلج فلينظر لبد سرجه فيتيمم من غباره أو من شيء معه ، وإن كان في حال لا يجد إلا الطين فلا بأس أن يتيمم منه )[4]

الرواية الثانية ( وعن محمد بن علي بن محبوب ، عن معاوية بن حكيم ، عن ابن المغيرة ، عن ابن بكير ، عن زرارة ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : إذا كنت في حال لا تجد إلا الطين فلا بأس أن تتيمم به ) [5]

الرواية الثالثة : ( وبإسناده عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد ، عن أبيه ، عن عبدالله بن المغيرة ، عن رفاعة ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : إذا كانت الأرض مبتلة ليس فيها تراب ولا ماء فانظر أجف موضع تجده فتيمم منه ، فإن ذلك توسيع من الله عز وجل ، قال : فإن كان في ثلج فلينظر لبد سرجه فليتيمم من غباره أو شيء مغبر ، وإن كان في حال لا يجد إلا الطين فلا بأس أن يتيمم منه )[6] تدل على جواز التيمم بالطين وصحته وانما الكلام يبقى في البحث عن الترتيب هل ان الارض المبتلة والطين في عرض واحد او ان الارض مطلقا مع الطين في عرض واحد او الغبار والطين في عرض واحد او احدهما يقدم على الاخر نتكلم فيه.


[1] العروة الوثقى، السيد اليزدي، ج2، ص193، ط جماعة المدرسين.
[2] وسائل الشيعة، العاملي، ج3، ص354، ابواب التيمم، ب9، ح5، ط آل البيت.
[3] وسائل الشيعة، العاملي، ج3، ص354، ابواب التيمم، ب9، ح6، ط آل البيت.
[4] وسائل الشيعة، العاملي، ج3، ص353، ابواب التيمم، ب9، ح2، ط آل البيت.
[5] وسائل الشيعة، العاملي، ج3، ص353، ابواب التيمم، ب9، ح3، ط آل البيت.
[6] وسائل الشيعة، العاملي، ج3، ص354، ابواب التيمم، ب9، ح4، ط آل البيت.