آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الفقه

37/04/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : التيمم _ ما يصح التيمم به.

فصل : في بيان ما يصح التيمم به يجوز التيمم على مطلق وجه الأرض على الأقوى سواء كان ترابا أو رملا أو حجرا أو مدرا أو غير ذلك، وإن كان حجر الجص والنورة قبل الإحراق ، وأما بعده فلا يجوز على الأقوى كما أن الأقوى عدم الجواز بالطين المطبوخ كالخزف والآجر...[1]

استدراك : قلنا في ضمن كلماتنا ان السيد الاعظم رض نسب الى ابن ابي عبيدة ان فسر الصعيد بالتراب , ولكن هذا غير واضح علينا فكتابه المجازات الموجود فيه معنى الصعيد هو مطلق وجه الارض ولست ادري من اين حصل هذا الاشتباه ؟ .

نعم صاحب الصحاح الجوهري فسر الصعيد بالتراب في كتابه الموجود بين ايدينا ولكن هذا الرجل لم يكن متتبعا باللغة فالاعتماد عليه ليس في محله وانما هو مجتهدا في اللغة والاجتهاد في اللغة غير صحيح والذي يعتمد عليه في اللغة هو النقل فقط .ثم انه استدل على اختصاص التيمم بالتراب بروايات .

الرواية الاولى : معتبرة ذكرها صاحب الوسائل وهي من جهة السند معتبرة ( وبإسناده عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد ، عن أبيه ، عن عبدالله بن المغيرة ، عن رفاعة ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : إذا كانت الأرض مبتلة ليس فيها تراب ولا ماء فانظر أجف موضع تجده فتيمم منه ، فإن ذلك توسيع من الله عز وجل ، قال : فإن كان في ثلج فلينظر لبد سرجه فليتيمم من غباره أو شيء مغبر ، وإن كان في حال لا يجد إلا الطين فلا بأس أن يتيمم منه ) [2] فالإمام ذهب الى الانتقال الى المكان الجاف مطلقا في حالة فقدان التراب وهذا معناه ان التيمم انما يكون بالتراب واجاب السيد الاعظم ان هذا الاستدلال بان الامام فرض الارض مبتلة واذا كان كذلك فعدم التراب من جهة ان الارض مبتلة والارض المبتلة يقال له الطين ولا يقال له الترب وليس في الرواية ما يدل على ان التيمم الا بالتراب , هذا ما افاده السيد الاعظم في نقاشه على هذا الاستدلال .

وهذا غير واضح علينا وذلك لان على كلام السيد الاعظم يكون ذكر التراب لغوا فاذا كان التيمم يصح بالتراب وغير التراب فيكون ذكره لغوا والصحيح في الجواب على هذا الاستدلال ان هذا يصح اذا كان التراب غير الارض وهذا اول الكلام فان هذا الاستدلال ان تم فحينئذ يصح لان التراب هو تفتيت من الارض وليس الطين اذا كانت صافيتا نظيفتا لا يسمى ترابا وانما يسمى ارض جافة ولكن التراب اذا لم يكن جافا صخريا حينئذ يسمى ترابا , فالفرق بين التراب والارض مبني على هذا التفسير للترب وهو ان الطين ليس جافا صلبا بل يكون مطحونا فالطين اليابس المطحون يسمى تراب فان فسر بهذا او فسر بالغبار فيكون الاستدلال صحيح لكن مبني على ان يثبت المستدل ان التراب ليس مطلق الار ض وهذا لم يثبت لحد الآن.

الرواية الثانية : وهي في نفس الباب وهي رواية ابي عبيد الله وهي ( وعنه ، عن أبيه ، عن عبدالله بن المغيرة ، قال : إن كانت الأرض مبتلة وليس فيها تراب ولا ماء فانظر أجف موضع تجده ، فتيمم من غباره أوشيء مغبر ، وإن كان في حال لا يجد إلا الطين فلا بأس أن يتيمم به ) [3] وهذه الرواية من حيث المضمون نفس الرواية المتقدمة فيجري فيها ما قاله السيد الاعظم وما قلناه نحن وهو ان هذا مبني على ان لا يكون التراب هو مطلق الارض اما اذا كان هو الارض كما قال بعضهم فان هذا الاستدلال لا يتم .

ولكن السيد الاعظم عنده اشكال من حيث السند فيقول انها تصل الى ابن المغيرة ولكن لم نعرف انه عن من ينقل هل هي فتواه او ان الرواية مقطوعة وعلى كلا التقديرين ان الروية مرفوضة .

ولكن هذا النقاش منه رض غير واضح علينا

الوجه فيه : ان اصحاب الحديث كمثل صاحب الوسائل وفي الكافي انهم ذكروا هذه الجملة في مجاميع الاحاديث فان كان هناك عندهم شك في كون هذه رواية او ليس رواية فذكره في كتب الحديث غش وتدليس واجلهم الله من ذلك , اذن ذكرها في الكتب الحديثية في الكافي وغيره قرينة واضحة على ان هؤلاء كانوا مطمئنين وليس فتوى ابي عبيدة .

ولكن من المحتمل ان تكون هذه الرواية متفقة مع الرواية السابقة , ولكن الكلام يكون هو عن الامام ع فالإشكال من حيث السند غير واضح .

الرواية الثالثة : في نفس الباب وهي صحيحة زرارة وقد تقدمت (محمد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد ، عن حماد ، عن حريز ، عن زرارة قال : قلت لأبي جعفر ( عليه السلام ) : أرأيت المواقف إن لم يكن على وضوء ، كيف يصنع ولا يقدر على النزول ؟ قال يتيمم من لبده أو سرجه أو معرفة دابته ، فإن فيها غبارا ، ويصلي ) [4] الواقف يعني الشخص في حالة الحرب وهو راكب على الفرس عبر عنه في اللغة بالمواقف , فالإمام ع جعل التيمم بالغبار الموجود في عرف الدابة وانه لا يتمكن ان يصل الى غيره وهذا معناه ان التيمم انما هو مخصص والا كان هو بإمكان الامام ع يقول يضرب يديه على الحائط او على الحجر ونحو ذلك اذا تصل يده اليه فما دام لم يذكر غير الغبار فهذا معناه انحصار جواز التيمم بما هو من قسم التراب والغبار ولكن هذا الاستدلال ايضا ساقط لأنه السائل فرض انه في حالة الحرب والمحارب لم يكن عند الصخور ولا عند الحيطان وانما هو في الميدان وضارب ومضروب ففي هذه الحالة لاتصل يده ولا يتعقل انه يوجد شيء اخر غير عرف الدابة حتى يتيمم به فالاستدلال بهذه الرواية والروايتين غير واضح.


[1] العروة الوثقى، السيد اليزدي، ج2، ص193، ط جماعة المدرسين.
[2] وسائل الشيعة، العاملي، ج3، ص354، ابواب التيمم، ب9، ح4، ط آل البيت.
[3] وسائل الشيعة، العاملي، ج3، ص354، ابواب التيمم، ب9، ح10، ط آل البيت.
[4] وسائل الشيعة، العاملي، ج3، ص353، ابواب التيمم، ب9، ح1، ط آل البيت.