آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الفقه

37/04/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : التيمم _ ما يصح التيمم به.

فصل : في بيان ما يصح التيمم به يجوز التيمم على مطلق وجه الأرض على الأقوى سواء كان ترابا أو رملا أو حجرا أو مدرا أو غير ذلك، وإن كان حجر الجص والنورة قبل الإحراق ، وأما بعده فلا يجوز على الأقوى كما أن الأقوى عدم الجواز بالطين المطبوخ كالخزف والآجر...[1]

كان الكلام في معنى الصعيد في الآية الشريفة وحاول جملة من الاعلام اثبات ان المراد من الصعيد في الآية هو مطلق وجه الارض وكان استنادهم الى بعض الاقوال واهما عندهم قول الزجاج مع انه قلنا انه نحوي في القرن الرابع الهجري وحتى ابن عربي وغيره فلم اجد النقل الذي يُعتمد عليه حسب موازين اللغة , ونحن التزمنا بان المراد في الآية كناية عن المكان النظيف الملازمة عادة للارتفاع.

الا ان السيد الحكيم استدل على هذا الادعاء بما ورد في الرواية الناس يحشرون يوم القيامة على صعيد واحد , والمعلق على النسخة الموجودة لدينا يقول لم نجد هذا النص بهذا الطريق في المصادر نعم هناك رواية رواها الطبرسي ( في مجمع البيان في سورة الرحمن اية 35 ) هناك عن الامام الصادق ( وروى مسعدة بن صدقة عن كليب قال: كنا عند أبي عبد الله عليه السلام، فأنشأ يحدثنا فقال: إذا كان يوم القيامة، جمع الله العباد في صعيد واحد، وذلك أنه يوحي إلى السماء الدنيا أن اهبطي بمن فيك، فيهبط أهل السماء الدنيا بمثلي من في الأرض من الجن والإنس، والملائكة. ثم يهبط أهل السماء الثانية بمثل الجميع مرتين، فلا يزالون كذلك حتى يهبط أهل سبع سماوات، فيصير الجن والإنس في سبع سرادقات من الملائكة. ثم ينادي مناد: (يا معشر الجن والإنس إن استطعتم) [2] الآية. فينظرون فإذا قد أحاط بهم سبعة أطواق من الملائكة , فهذا في الكلام المنسوب الى الامام الصادق ع.

ولكن هذا بعد التأمل ايضا هو كناية على ان الناس هناك كلهم مكشوفون اية كناية عن انكشاف الناس وليس هو بيان لذاك , فليس في الرواية ما يدل على ان الامام فسر الصعيد بمعنى الارض.

وهناك روايات استدل بها على ان التيمم يكون بمطلق الارض في قبال الاستدلال الاخر الذي يقول لا يصح التيمم الا في الارض التي فيها غبار اما اذا كانت الارض يابسة ونظيفة وليس فيها غبار فلا يصح الاستلال بها.

نحن نحاول فهم الروايات التي استدل بها على ان التيمم يصح بمطلق وجه الارض

الرواية الاولى : معتبرة عبيد الله ابن علي الحلبي ( محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن عبيدا لله بن علي الحلبي ، أنه سأل أبا عبدالله عليه السلام عن الرجل يمر بالركية وليس معه دلو؟ قال : ليس عليه أن يدخل الركية ، لأن رب الماء هو رب الأرض فليتيمم ) [3] فهذه دالة على انه يتيمم ولكن هذه الرواية بعد التأمل هي في مقام بيان الوظيفة الوضوء او التيمم وليس في بيان خصوصيات مايوتضأ به بل هي في بيان الوظيفة هذا الفعل وهو الضوء او ذاك الفعل وهو التيمم واما انه التيمم يكون بالحجر والمدر او غير ذلك فليس هي في بيان متعلق الفعل الوظيفة وهو التيمم وليس في بيان متعلق الوضوء وهو ان يكون من البئر او النهر او الحوض او القليل او الكثير فهي كذلك ليس هي في مقام بيان خصوصيات الارض , فلا يصح التمسك بالرواية لإثبات صحة التيمم بكل ما يعد من الارض.

الرواية الثانية : وفي سندها اشكال وظاهرها صحيح عندي ( محمد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد ، عن صفوان بن يحيى ، عن منصور بن حازم ، عن عبدالله بن أبي يعفور وعنبسة بن مصعب جميعا ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : إذا أتيت البئر وأنت جنب فلم تجد دلوا ولا شيئا تغرف به فتيمم بالصعيد ، فإن رب الماء رب الصعيد ، ولاتقع في البئر ولاتفسد على القوم ماءهم ) [4] وهي ايضا في بيان انتقال الوظيفة عند الجنابة الى التيمم وليس في مقام بيان خصوصيات ما يتيمم به فالتمسك بها لإثبات صحة التيمم بكل منطقة من مناطق الارض من حجر ومدر وعلو وارتفاع و .. فهذا غير واضح علينا.

الرواية الثالثة : وهي صحيحة ابن مسلم عن ابي عبد الله (محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن صفوان ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه قال : سمعته يقول : إذا لم تجد ماءاً وأردت التيمم فأخر التيمم إلى اخر الوقت ، فإن فاتك الماء لم تفتك الأرض )[5] ايضا الرواية في مقام بيان الوظيفة وهو ان التيمم لابد ان يكون في اخر الوقت ولا يجوز في آخر الوقت.

ونحن نلتزم بما افتى به الفقهاء رض من انه يصح التيمم بمطلق ما يخرج من الارض ولكن ليس لهذه الرواية ولكن لرواية السكوني ( محمد بن الحسن ، عن المفيد ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن علي بن محبوب ، عن أحمد بن الحسين ، عن فضالة ، عن السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي ( عليه السلام ) ، أنه سئل عن التيمم بالجص ؟ فقال : نعم ، فقيل : بالنورة ؟ فقال : نعم ، فقيل : بالرماد ؟ فقال : لا ، إنه ليس يخرج من الأرض إنما يخرج من الشجر )[6] فالإمام ع في مقام بيان ان كل ما يخرج من الارض يعني يكون بعض الارض او يتولد بالأرض يعني يخرج من الارض ولا يكون حقيقته خارجة عن ذلك يصح التيمم واما ليس يخرج من الارض انما يخرج من الشجر والشجر لا يصح التيمم به وما يخرج من الارض شجر ايضا وهو الرماد فلا يصح التيمم به و هذه الرواية دالة على كفاية التيمم بكل ما يعد من الارض وليس بكلمة الارض الموجودة في الروايات وفي مقابل هذا يوجد رأي وهو لا يصح التيمم الا بالغبار وذهب اليه جماعة.


[1] العروة الوثقى، السيد اليزدي، ج2، ص193، ط جماعة المدرسين.
[2] مجمع البيان، الطبرسي، ج9، ص342.
[3] وسائل الشيعة، العاملي، ج3، ص343، ب3، ابواب التيمم، ح1، ط آل البيت.
[4] وسائل الشيعة، العاملي، ج3، ص343، ب3، ابواب التيمم، ح2، ط آل البيت.
[5] وسائل الشيعة، العاملي، ج3، ص384، ابواب التيمم، ب22، ح1، ط آل البيت.
[6] وسائل الشيعة، العاملي، ج3، ص352، ابواب التيمم، ب8، ح1، ط آل البيت.