آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الفقه

37/04/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : مسوغات التيمم _ المسوغ الثامن

مسألة 36 : لا يجوز التيمم مع التمكن من استعمال الماء إلا في موضعين: أحدهما: لصلاة الجنازة فيجوز مع التمكن من الوضوء أو الغسل على المشهور مطلقا لكن القدر المتيقن صورة خوف فوت الصلاة منه لو أراد أن يتوضأ أو يغتسل، نعم لما كان الحكم استحبابينا يجوز أن يتيمم مع عدم خوف الفوت أيضا، لكن برجاء المطلوبية لا بقصد الورود والمشروعية... [1]

كنا في ما افتى السيد اليزدي وغيره من الاعلام في جواز التيمم والاكتفاء به مع التمكن من استعمال الماء في صلاة الجنازة وقرأنا بعض الروايات التي استدل بها في المقام وهما رواية الحلبي ومعتبرة سماعة واخرى مرسلة , ولكنهم قالوا ان الروايات الدالة على الكفاية مطلقا وذلك انما هو من جهة هذه الرواية المرسلة فلابد من تأييدها بقاعدة التسامح في ادلة السنن والا فان اصل الحكم وهو انه يشرع التيمم مشهور بل ادعي الاجماع في كلمات غير واحد من فقهائنا كالشيخ الطوسي وصاحب الجواهر وغيرهم .

اما دعوى الاجماع فلامعنى ان نصغي اليها مع وجود هذه الروايات لأنه يصير الاجماع معلوم المدرك ومع العلم بمدرك الحكم لا يثبت الاجماع ابدا .

اما قاعدة التسامح بأدلة السنن واننا لا نقول بها ومع فرض القول بها فإنها تفيد فقط في الرواية المرسلة وهي التي دلت على مشروعية التيمم مطلقا حتى مع التمكن من الطهارة المائية , وليس هذه القاعدة تجري في الجميع

ثم قلنا توجد رواية وذكر لها سندان سند للشيخ الطوسي وسندا للشيخ الصدوق اما سند الطوسي ففي السند ابو جعفر ولم يذكر اسمه من هو (وعنه ، عن أبي جعفر ، عن عثمان ، عن سماعة ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) عن المرأة الطامث إذا حضرت الجنازة ، فقال : تتيمم وتصلي عليها ، وتقوم وحدها بارزة من الصف )[2] والمكنى بابي جعفر خمسة اشخاص واغلبهم ضعاف فاذا كان الامر كذلك فأصبحت الرواية مجهولة الحال لأننا لم نعرف من هو ابي جعفر ,

اما السند الثاني وهي بسند الشيخ الصدوق رواها بسنده الى سماعة ابن مهران وسنده اليه قوي ومعتبرة لدى الرجاليين , فعليه عندنا رواية معتبرة في كتاب من لا يحضره الفقيه وهي تدل على ان المرأة الطامث اذا ارادت الصلاة على الجنازة فلها ان تتيمم وتقف خلف الرجال , والكلام من ناحية التيمم فقال الامام ع تتيمم .

لا يقال : ان هذا التيمم لا يكون رافعا لان المرأة طامث يعني هي ايام الحيض لا تتمكن من كسب الطهارة لان حدثها مستمر

فنقول : التيمم ليس لرفع الحدث وانما التيمم لمشروعية عمل معين مثلا مرأة في المسجد وحاضت فتتيم وتخرج وكذلك الجنب في المسجد يخرج بالتيمم من المسجد وهذا التيمم ليس لرفع الحدث فلا تأتي هذ الشبهة وهي ان الرواية واردة في المرأة التي لا يمكن ان تتخلص من الحدث فالتيمم ليس للتخلص من الحدث حتى يشكل علينا , فالرواية تدل على مشروعية التيمم في حق الطامث لأجل الصلاة على الميت ولافرق بين الطامث والمجنب وغيرهما ممن يكون مبتلا بالحدث الاصغر او الاكبر فانتم الفقهاء اعرضتم عن ذكر هذه الرواية في الاستدلال جدا غير واضح[3] .

اما الاجماع فقد انتفى لان مع وجود هذه الرواية الدالة على مشروعية التيمم مع عدم التمكن ومع التمكن ثم تتمسك بالإجماع وتدعي الاجماع التعبدي فهذا جدا غير واضح , والصحيح ان الحكم يكون بمقتضى الروايات فنفتي بكذا .

ولكن قلنا ان هذا التيمم لانحكم بالاستحباب وانما نقول انه يزيد الاجر لان الاجماع في الرواية التي ذكرناها انه الصلاة مع الطهارة احب الي اي ان الانسان مع التيمم او الوضوء او الغسل يكون العمل راجحا وليس الرجحان يستلزم الاستحباب ولكن الاستحباب يستلزم الرجحان , فالرجحان عند الله والمعصوم هو لكسب الاجر فقد يثبت الاجر بدون ان يكون هناك استحباب او وجوب او نحو ذلك , كما قلنا في الرواية المعتبرة ان الرسول ص قال لابي ذر ان الرجل يؤجر عند المواقعة مع زوجته قال هل له فيه اجر قال ص نعم كما العقوبة على الجماع حراما كذلك اجر في الجماع حلالا , فبمطلق الجماع فيه اجر وان لم يكن مستحبا كما لو دخلت فيه عناوين اخرى كطلب المؤمنة فيكون مستحبا من باب استجابة طلب المؤمن ,

اذن هذه الرواية التي تقول ان الكون على طهارة احب الي اي تفيد الاجر محبوبة لدى الامام ولدى النبي ص اي عند الله فالذي يكون محبوبا عند الله عزوجل يكون ماجورا عليه .


[1] العروة الوثقى، السيد اليزدي، ج2، ص191، جماعة المدرسين.
[2] وسائل الشيعة، العاملي، ج3، ص113، ابواب صلاة الجنازة، ب22، ح5، آل البيت.
[3] السيد الاعظم اعرض عن هذه الرواية والسيد الحكيم كذلك ولم اعلم لما لم يذكروا هذه الرواية.