آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الفقه

37/04/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : مسوغات التيمم _ المسوغ الثامن .

مسألة 35 : إذا كان جنبا ولم يكن عنده ماء وكان موجودا في المسجد فإن أمكنه أخذ الماء بالمرور وجب ولم ينتقل إلى التيمم، وإن لم يكن له آنية لأخذ الماء أو كان عنده ولكن لم يمكن أخذ الماء إلا بالمكث، فإن أمكنه الاغتسال فيه بالمرور وجب ذلك، وإن لم يمكن ذلك أيضا، أو كان الماء في أحد المسجدين ... [1]

افاد في العروة انه اذا كان جنبا وامكن له اخذ الماء من المسجد والاغتسال من دون دخول فلايجوز له التيمم ويجب عليه اخذ الماء والاغتسال فيجوز للمكلف ان يأخذ الماء من المسجد ويغتسل خارج المسجد وكذلك اذا كان الماء داخل المسجد وامكنه ان يغتسل من خلال مروره في المسجد لان المرور في المسجد يجوز للجنب اخذ الماء مارا ولايحتاج الى اي شيء , ماعدا المسجدين الشريفين فلايجوز له المرور فيهما وهو جنب .

وهذا التفريع منه رض مبني على جواز اخذ الشيء ووضع الشيء في المسجد للجنب زائدا على جواز المرور وهذا محل كلام بين الاعلام ونحن تبعا لجملة من الابرار التزمنا بعدم جواز اخذ شيء او وضعه في المسجد في حالة الجنابة , والمقصود من اخذ شيء او وضع شيء في المسجد هو من دون ان تدخل اليد الى المسجد بناء على ان جو المسجد حكمه حكم ارض المسجد والا اذا قلنا بان جو المسجد ليس بمسجد وان المسجد هو الارض فقط والحيطان اذا اوقفت مسجدا فلابد ان نفرض ان اخذ الشيء من دون ادخال اليد الى جو المسجد مثلا اذا كان يمكنه اخراج الشيء من دون ادخال يده وباي طريقة كانت ( والكلام لا يكون في الصغرى في خلق الامثلة وليس ذلك بعزيز على طالب العلم ) , فهو رض جوز اخذ الشيء ووضعه في المسجد[2] فيقول اذا امكنه اخذ الماء من المسجد من دون الدخول فيجب عليه ذلك او يغتسل وهو مار بحيث لا يتحقق المكث المحرم ( وهذا في غير المسجدين ) فيقول يجوز الغسل عن الجنب او الحيض اذا توفرت الامور التي يفتقر اليها الانسان لأجل الغسل كما لو كان الماء غزير او كانت فوارة داخل المسجد او ان احدٌ يأخذ الماء ويصب عليه وهو داخل من باب ويخرج من الباب الاخر فعليه ان يفعل ذلك , وهذا المعنى نلتزم به لأنه ليس فيه اخذ شيء او وضعه وتتحقق الطهارة من خلال المرور وفي هذا الفرع نوافق السيد اليزدي رض .

وهذه الفروع على مبناه الشريف وعلى مبنى السيد الاعظم وحكيم الفقهاء انها لا اشكال فيها , ولكن نحن نريد ان نفهم هذه المسالة فقلنا تبعا للأعلام ان الطهارة الترابية تختلف عن الطهارة المائية فالطهارة المائية اذا حصلت ولو كانت لأجل غاية تسوغ جميع الغايات حتى التي كان غافلا عنها حين الوضوء او الغسل لأنه أرتفع الحدث فكل شيء كان الحدث لا يمنعني منه لا يمنعني الآن لان الحدث قد ارتفع وهذا بخلاف الطهارة الترابية فانه التزم رض كما تقدم والتزم به العلمان السيد الحكيم والسيد الاعظم وجملة بل عموم الفقهاء قالوا ان المسوغ للتيمم يختلف فاذا كان المسوغ للتيمم ضيق الوقت فحينئذ قالوا لا يصح بهذا التيمم الا تلك العبادة التي ضاق وقتها اما الصلاة الاخرى او مس كتابة القرآن فلا تسوغ له فعلى هذا الاساس لابد من دليل يدل على ان التيمم سائغ لهذا العمل فنلتزم به حينئذ , نعم دل دليل انه يسوغ له الخروج من المسجد فكان في المسجد واجنب بفعل حرام او ليس بفعل حرام فعندما يريد ان يخرج من المسجد فهنا يتيمم ويخرج فهذا ثابت بالأدلة وانت تريد ان تدخل الى المسجد لا لأجل الصلاة وانما لأجل الوصول الى الماء فعليك ان تثبت بان الشارع المقدس سوغ التيمم لمثل هذا العمل وليس لأجل الصلاة اما الدخول للمسجد لأجل الصلاة بالتيمم فذلك جائز اذا كان المسوغ للتيمم موجود كما لو كان مريضا والطبيب منعه من الغسل او الوضوء فيجوز له ان يذهب الى الحرم او الى المسجد ويصلي ولكن التيمم لأجل الوصول الى الماء فقط هل دل دليل على انه يسوغ التيمم كما افاده رض وسكت عنه الفقهاء وقالوا على مبناه من جواز الاخذ ووضع الشيء في المسجد يجوز للجنب ؟ .

ربما يتخيل احد بوجود عمومات في الروايات مثلا ( التراب احد الطهورين ) ( التراب مثل الماء ) وفي بعض الروايات ولو الغير معتبرة ( يكفيك عشر سنين ) وهذا تشبيه وتنزيل وفي التشبيه والتنزيل قلنا ان فيه ثلاث احتمالات وحسب الاستقراء الاحتمال الاول ان يثبت كل ما للمشبه به للمشبه الا ما خرج بالدليل مثلا تشبيه الرسول ص بموسى ع والامام ع بهارون الا النبوة والنبي ع ابن اسماعيل والنبي موسى ع ابن اسحاق فهذا النسب لا يصح نسبة احدهما من جهة النسب للآخر فهذا خارج , الاحتمال الثاني ان ابرز الاحكام الثابتة للمشبه به تثبت للمشبه , الاحتمال الثالث انه اجمال ولانعلم ما هو سببه فليس عندنا قاعدة ان يثبت كل ما للمشبه به يثبت للمشبه فليس لك الحق ان تأخذ من هذه الروايات التراب احد لطهورين وانه كالماء فهذا صحيح انه تشبيه ولكن هناك نأسس قاعدة اولا والقائلون بالتشبيه نادر فاغلبهم لا يلتزمون بذلك فالنتيجة ان هذه الروايات لا تفيدنا وعلى الاسيد اليزدي ان يثبت ان من مسوغات التيمم الوصول الى الماء اذا كان متوقف على الطهارة .

 


[1] العروة الوثقى، السيد اليزدي، ج2، ص190، جماعة المدرسين.
[2] اما بناء على ما التزمنا به بعدم جواز اخذ الشيء او وضعه في المسجد للجنب وهذا للتعبد فلاياتي هذا الكلام.