آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الفقه

37/03/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : مسوغات التيمم

مسألة 32 : يشترط في الانتقال إلى التيمم ضيق الوقت عن واجبات الصلاة فقط، فلو كان كافيا لها دون المستحبات وجب الوضوء والاقتصار عليها، بل لو لم يكف لقراءة السورة تركها وتوضأ، لسقوط وجوبها في ضيق الوقت[1]

قلنا انه افتى السيد اليزدي في المسالة بفتوتين احداهما انما يصح التيمم للأجزاء الواجبة لضيق الوقت اما المستحبات اذا كان الوقت يسع للواجبات دون المستحبات فعليه ان يتوضأ ويصلي ويترك المستحبات ويكتفي بالواجبات

وفي الفتوى الثانية ان عنده تفصيل وهو ان السورة يجب عليه ان يتركها اذا كان الوقت لا يسع لفعل الصلاة مع السورة في الركعة الاولى والثانية .

قلنا ان هذه الفتوى الثانية مبنية على ما فهمه الاعلام من الروايات الواردة في شأن السورة ففي بعضها انها واجبة مطلقا وفي بعضها لا تجب مطلقا وفي بعضها تفصيل اذا كان الانسان في ضيق الوقت او مستعجلا فيترك السورة اما مع عدم الاستعجال فلا يجوز ان يترك السورة وقلنا ان هذه الطائفة الثالثة يكون وسيلة للجمع وايقاع المصالحة بين ما دل على عدم وجوب السورة مطلقا وبين ما دل على وجوب السورة مطلقا وهذا الجمع صحيح بلا اشكال ولكن كلامنا مع الاعلام هو انه ما هو المقصود من كلام الامام ع وهو في الرواية ( وعنه ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد بن عثمان ، عن عبيد الله بن علي الحلبي ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : لا بأس بأن يقرأ الرجل في الفريضة بفاتحة الكتاب في الركعتين الأوّلتين إذا ما أعجلت به حاجة أو تخوّف شيئاً )[2] , ( وبإسناده عن الحسين بن سعيد ، عن محمّد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن الحسن الصيقل قال : قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) : أيجزي عنّي أن أقول في الفريضة فاتحة الكتاب وحدها إذا كنت مستعجلاً أو أعجلني شيء ؟ فقال : لا بأس )[3] ما هو المقصود بالعجلة فقد يكون العجلة في نفس فعل لصلاة وهو محل لكلام فعلا ولكن قد يكون الاستعجال لقضية اخرى كما اذا تفوته القافلة او الطائرة فيتعرض للخطر ونحو ذلك , والمفهوم والواضح وحسب تخيلنا ان لرواية ناضرة الى المعنى الثني وهو ان تكون العجلة في فعل اخر لا في نفس لصلاة فتكو الرية جنبية عن محل لكلام فلا يكون فيها دلالة عل ترك السورة والاكتفاء بفاتحة الكتاب لأجل ان يتوضأ اويغتسل ويترك التيمم , والصحيح والعلم عند الله انه لا يجوز ان يتوضأ او يغتسل ويكتفي بصلاة بدون السورة بل يجب عليه التيمم والاتيان بكلتا السورتين .

اما الفتوى الاولى وهو دوران الامر بين ان يتوضأ ويصلي بدون الاتيان بالمستحبات وبين ان يتيمم ويصلي ويأتي بالصلاة بالواجبات والمستحبات ضمن الصلاة كالقنوت والصلاة على النبي ص ضمن السجود والركوع مثلا .

قلنا ثلاثة من الاعلام متفقون انه يترك المستحب المؤكد ضمن لصلاة ويكتفي بالوضوء او الغسل , وقلنا ان هذا غير واضح علينا والوجه في ذلك لأنه سوف يأتي من السيد الاعظم في المسالة القادمة انه يجوز فعل المستحبات المؤقتة بواسطة التيمم وهذا القنوت ايضا من المستحبات المؤقتة لكنه مؤقت في ضمن الصلاة فلما لا يصح فعل هذه المستحبات اثناء الصلاء بواسطة التيمم .

السيد اليزدي صرح بذلك واما السيد الحكيم فيميل مرة الى هذا الجانب ومرة الى ذلك الجانب اي انه غير مقتنع بأحد الجانبين , فلِما لا يكون الأمر في المستحبات المؤقتة كذلك ؟ اقصى ما يقوله الفقهاء على ذلك انه اذا فرغ من الحمد والسورة الآن ان كان متيمما فيمكنه فعل القنوت وان كان متوضئا فلا يمكنه فعل القنوت فيكون مستعجلا في الركوع وغير الركوع من اجزاء الصلاة فحينئذ ترك واجب آخر لأجل فعل هذا ليس ملزما ابدا ولكن المسالة غير واضحة عندنا كما قلنا والمسالة مشكلة ومقتضى الاكتفاء بالتيمم لفعل المستحبات المؤقتة ان يكتفى في المقام ايضا .

مسألة 33 : في جواز التيمم لضيق الوقت عن المستحبات الموقتة إشكال فلو ضاق وقت صلاة الليل مع وجود الماء والتمكن من استعماله يشكل الانتقال إلى التيمم.[4]

ثم تعرض الاعلام رض للمستحبات المؤقتة فقال السيد اليزدي انه مشكل والسيد الاعظم يقول لا فرق من هذه الجهة جهة الاكتفاء بالتيمم بين المستحبات المؤقتة وبين الواجبات المؤقتة كما يصح فعل الواجبات المؤقتة بالتيمم كذلك يصح فعل المستحبات المؤقتة بالتيمم وابرز مثال هو فعل صلاة الليل فان صلاها بالتيمم فيمكنه ان يأتي بها في وقتها وبين ان يتوضأ فيفوته صلاة الليل او بعضها في الوقت , السيد الاعظم يقول ان الآية تقول ( اذا قمتم الى الصلاة ) فهي شاملة وبدون فرق بين الصلاة الواجبة والمستحبة

والذي ينبغي ان يقال في المقام ان المستحبات المؤقتة تنقسم الى قسمين الاول يكون المستحب مطلوب في ضمن القت بنحو مطلوب واحد بمعنى انه اذا فاته الوقت فات المستحب الا بعنوان القضاء وهذا خارج عن محل الكلام , ومرة يكون بنحو تعدد المطلوب اي ان هناك مستحبان احدهما نفس العمل والآخر ايقاعه في هذا الوقت ففي الاول الذي هو على نحو وحدة المطلوب حينئذ ما افاده السيد الاعظم نلتزم به اي انه يأتي بالمستحب بالتيمم حتى لا يفوته .

اما اذا كان المستحب من قبيل الثاني فعليه في هذه الحالة ان يتوضأ حتى يأتي بهذا الفعل المستحب ولو خارج الوقت لأنه لا يفرق فيه بين خارج الوقت او داخل الوقت غايته ان المستحب الثاني وهو ايقاع نفس هذا المستحب ضمن الوقت يفوته ففي هذه الحالة لا يسوغ التيمم , وللكلام تتمة .


[1] العروة الوثقى، السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، ج2، ص188، ط جماعة المدرسین.
[2] وسائل الشيعة، العاملي، ج6، ص40، ابواب القراءة، ب2، ح2، ط آل البيت.
[3] وسائل الشيعة، العاملي، ج6، ص40، ابواب القراءة، ب2، ح4، ط آل البيت.
[4] العروة الوثقى، السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، ج2، ص189، ط جماعة المدرسین.