آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الفقه

37/03/15

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : مسوغات التيمم

مسألة 31: لا يستباح بالتيمم لأجل الضيق غير تلك الصلاة ... [1]

واما ان قلنا ان الوجوب جزئي ففي هذه الحالة يمكن التعليق ولكن لا يمكن التقييد , ولعل قائل يقول وجوب صلاة الظهر معلق على الزوال لما لا تلتزم بذلك ان الوجوب يثبت حينما يتحقق المعلق عليه وهو زوال الشمس ؟

وهذا الكلام ايضا فيه بحث وهو ان التعليق على ثلاثة اقسام فعلا من باب الاستقراء فربما يجد غيرنا اقسام اخرى

القسم الاول : ان يكون المعلق عليه في القضية الشرطية علة مؤثرة او مقتضيا بالقياس الى مفاد الجزاء .

القسم الثاني : بان يكون المعلق عليه في القضية الشرطية ان يكون معلولا او مقتضى بالقياس الى مفاد الجزاء وهنا امثلة معروفة في العلة وهو ان كانت الشمس طالعة فالنهار موجود فالشمس علة لطلوع النهار والعكس ان كان النهار موجودا فالشمس طالعة فهنا الشمس المعلق عليه في الشرطية معلول في ذلك الجزاء . قد يكون مقتضيا ولايكون علة ان شرب السم فسوف يموت , من شرب سما مات فشرب السم ليس علة للموت ﴿ الله يتوفى الانفس حين موتها[2] بنفسه او بملائكته يقبض الارواح وليس السم هو الذي يقبض الارواح انما هو مقتضي ان وجدت شرائط الموت يموت والا فان الله لو منع عزرائيل عن قبض الروح فلو شرب السم ستين سنة فلا يموت اذن فشرب السم مقتضي والموت مقتضي .

القسم الثالث : ان لا يكون اي من الشرط والجزاء علة للأخر ولا معلولا للآخر بل يكون المعلول والعلة شيء اخر غيرهما مثلا ( ان جاءك زيد فاكرمه ) مجيء زيد علة للوجوب فليس هو الذي اوجب على نفسه الاكرام فلامعنى لذلك بل ان المنشأ للوجوب هو المولى الحقيقي او العرفي ومجيء زيد انما يحقق ضرفا ملائما لتحقق الاكرام لا ان الوجوب انشأه زيد بمجيئه . فالنتيجة ان الانشاء او الوجوب او النسبة الطلبية بين الآمر والمأمور والمأمور به هذه النسبة يكون فاعلها هو المولى ليس زيد فهاهنا نقول تعليق ولكن التعليق في الواقع المعلق هو الفعل الواجب وليس الوجوب هو معلق على مجيء زيد لان الوجوب انشأه المولى وانتهى , فبعد هذا التمهيد نأتي الى الاحكام لشرعية

فالنتيجة ان القسم الثالث من التعليق لا يكون شيء من الشرط والجزاء علة وانما يكون ضرفا لتحقق متعلق الحكم فقط وزوال الشمس كذلك فهو يهيئ ضرفا الذي حدده الله تعالى لفعل صلاة الظهر لا الشمس انشأت وجوبا , اذن دائما الحكم من الله سبحانه فلا معنى لان يكون الوجوب متوقفا على دلوك الشمس او على زوالها فهذا غير واضح فعلى ذا مادام الجوب لذي المقدمة موجود فتجب المقدمة بناء على ان وجوب المقدمة حاصل من وجوب ذي المقدمة وان كان عندنا تحقيق في مقدمة الواجب ان لكل منهما جب بوجوب مستقل ولكن هذا نقوله مماشاتا مع القوم , فما افاده السيد الاعظم غير واضح نعم ان قال المولى لا يجب عليك الوضوء قبل الوقت آمنا وان قال يجوز لك اراقة الماء امنا فالعقل ليس له دخل .

ثم ان السيد الاعظم عنده مطلب في المقام يستدل برواية ( محمد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد ، عن حماد ، عن حريز ، عن زرارة قال : قلت لأبي جعفر ( عليه السلام ) : يصلي الرجل بتيمم واحد صلاة الليل والنهار كلها ؟ فقال : نعم ، ما لم يحدث ، أو يصب ماءاً )[3] وهي الاولى الوسائل يقول ان كان التيمم جل موضوع كالمرض وان كان الموضوع مستمرا فالتيمم ثابت للصلاة الاخرى وان كان لضيق الوقت فلايكفي وهي رواية زرارة ابن اعين عن رجل يجوز له ان يصلي صلوات متعددة بتيمم واحد قال ع نعم مادام لم يحدث ومادام لم يصب الماء , يعني لم يتمكن من الماء , نقول ان اصالة عدم التمكن سواء لمرض او لسبب آخر فلما تقول ان المقصود هو عدم التمكن لأجل المرض هذا غير موجود في الرواية كيف يستدل فغير واضح ؟

والصحيح والعلم عند الله انه اذا تيمم لصلاة العصر لضيق الوقت كان عاجزا شرعا ودخل في الصلاة وهو عاجز عن الوضوء لأنه لا يجوز له قطع الصلاة وبعد فراغه من الصلاة وقبل ان يتوضأ لصلاة المغرب فقد الماء فهذا عجز مستمر ومادام العجز مستمرا فذلك التيمم يكفي كما افتى السيد الحكيم , نعم خلافنا هنا مع السيد الاعظم وصاحب العروة .

ثم قال السيد في العروة رض اذا تيمم لصلاة لضيق الوقت فلا يصح له ولايسوغ له الا تلك الصلاة اما اي عمل آخر مشروط بالطهارة فلايسوغ ولايجوز له بهذا التيمم حتى مس كتابة القرآن ووافقه على ذلك الاعلام وهو الصحيح .

ولكن يأتي سؤال اليس الله قال على لسان اوليائه التراب احد الطهورين يكفيك عشر سنين , ورب الماء والتراب واحد فلما تكتفي بوضوء واحد ولاتكتفي بتيمم واحد , والذي يمكن ان يدعم به مبنى صاحب العروة وهو ان نقول ان الآية قالت ﴿ ان لم تجدوا ماء[4] [5] وعدم الوجدان هو عدم التمكن والتمكن يختلف بين شخص وشخص كأن يكون شخص عنده ماء فهو متمكن وبجنبه شخص ليس لديه ماء لان الماء ملك للأول كما يمكن ان يكون الشخص واحد وبلحاظ حالة يكون متمكن وبلحاظ حالة لا يكون متمكنا فمادام الاحوال والحيثيات تختلف فمن حيثية متمكن ومن حيثية اخرى غير متمكن مادام اخذ التمكن في مشروعية التيمم فيجري هذا الحكم وهو من حيث لا يكون متمكنا ومن حيثية يكون متمكن يكفي التيمم والا فلا , فما افتى به اليزدي هو الصحيح .


[1] العروة الوثقى، السيد اليزدي، ج2، ص187، ط جماعة المدرسين.
[2] الزمر/السورة39، الآية42.
[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج3، ص379، أبواب التيمم، باب20، ح1، ط آل البیت.
[4] النساء/السورة4، الآية43.
[5] المائدة/السورة5، الآية6.