آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الفقه

37/03/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : مسوغات التيمم

مسألة 31: لا يستباح بالتيمم لأجل الضيق غير تلك الصلاة ... [1]

افاد السيد الاعظم مطلبا علميا وهو ان الاحكام الشرعية المتعلقة بالواجبات الموقتة لا تثبت قبل حصول ذلك الوقت فمثلا صلاة الظهر لا تجب قبل دخول وقتها وكذلك باقي الواجبات ,

قلنا الوجوب ينشأ بعد حصول الوقت فاذا كان كذلك فما لم يتحقق وقفت صلاة المغرب فلم يتحقق وجوب الصلاة ووجوب التيمم والغسل والوضوء تكون واجبة بالوجوب الغيري والوجوب الغيري انما يكون مع فرض تحقق وجوب ذي المقدمة والمفروض ان صلاة المغرب لم تجب بعد فعليه يكون الوضوء والغسل والتيمم لم يجب ايضا فاذا لم يجب لا يشرع التيمم بالقياس الى فعل المغرب ايضا فلا يشرع التيمم وقال تعالى ( اذا قمتم للصلاة ) اي اذا بنيت وعزمت على فعل الصلاة الصلاة المؤقتة لم يحل وقتها ومالم يكن هناك وقت المغرب لا يجب الوضوء والغسل ولايشرع التيمم لان مشروعيته للذي قام لأجل الصلاة في وقتها وان الآية ( ولم تجدوا ماء ) جاء في ذيل الامر بالوضوء والامر بالوضوء جاء لأجل الصلاة , فاذا كان الامر كذلك فيقول لذلك التزمنا بجواز اراقة الماء قبل دخول الوقت مع علمه بعدم وجدانه بعد دخول الوقت لأنه غير واجب الوضوء فلا يجب عليه المحافظة على ابقاء لماء

وعلى هذا الاساس التيمم الذي شرع لأجل صلاة العصر مختص بصلاة العصر ولا يشرع هذا التيمم بالنسبة الى صلاة المغرب , هذا مافاده قده وعندنا محل نظر في كلامه الشريف بعض مبنائي وبعض النظر غير مبنائي .

الملاحظة المبنائية : ان هذا الذي ذكره مبني على ما هو المشهور عندهم من ان الوقت في الواجبات المؤقتة قيد للوجوب اي لا وجوب للمغرب قبل زوال الحمرة المشرقية فوجوب صلاة المغرب مقيد بالوقت وهذا الكلام يعني تقسيم الوجوب الى الكلي والجزئي لان القابل للتقييد هو الكلي لان التقييد معناه هو تضييق الدائرة كان للوجوب مثلا الف فرد بعد التقييد بقي خمسمائة فرد مثلا فيخرج بعض الافراد بمقتضى تضييق دائرة الوجوب وهذا انما يصح اذا كان الوجوب قابل للتقييد ولكن قلنا مرارا ان وصف الكلي يثبت للمفهوم واما المتحقق في نفس الامر والواقع فهو جزئي حقيقي دائما ,

والسيد الاعظم وغيره آمن بان الشيء مالم يتشخص لم يوجد فاذا لم يكن الوجوب مشخصا في عالم الانشاء والتشريع فلايوجد فالوجوب المنشأ من قبل المولى جزئي حقيقي دائما فاذا كان كذلك فلا معنى لتقييد او تضييق دائرة الوجوب فكيف تقول ان الوجوب مقيد بالوقت , نعم الجزئيات غير قابلة للتقييد ولكنها قابلة للتعليق بان يكون الوجوب الجزئي وجوده معلق على شرط ممكن ( ان جاءك زيد فاكرمه ) فوجوب الاكرام شخصي معلق على مجيء زيد , ووجوب صلاة المغرب جزئي معلق على مجيء الوقت هاهنا ممكن , ولكن هذا غير ممكن في الاحكام الشرعية لأنه يلزم ان يكون انشاء الوجوب معلق وايجاده متوقف على زوال الشمس او زوال الحمرة وهذا ليس له معنى انه ليس معلقا عليه , فاذا قلت الشارع الآن انشأ الوجوب ويتحقق بتحقق الزوال مثلا فمعنى ذلك ان الوجوب غير موجود ويوجد بعد ذلك , وبعد تحقق الشرط يوجد فمن فاعل هذا الوجوب هل هو الله ؟ قلنا ان الله انشأ الوجوب فالموضوع الخارجي هو جزئي فمعنى ذلك ان لا يكون هذا الحكم من مجعولات الله تعالى وانما هو من مجعولات الوقت حينئذ فعلى هذا الاساس مع ان الشرائط الالهية قد تم تشريعها قال الله تعالى ﴿ اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي[2] فقد جف قلم التشريع فاذا قلت وجوب جزئي معلق يوجد بعد تحقق غرب الشمس فمعنى ذلك ان هذا الوجوب قبل الزوال وقبل وقت المغرب لم يكن موجودا فاذا لم يكن موجودا لم يكن منشئا فكيف يقول الله تعالى ان الاحكام قد انشأت كلها ؟ .

وعلى هذا الاساس لا معنى لان يكون الوجوب كليا انما هو جزئي والجزئي يكون معلقا وليس مقيدا والتقييد في المقام غير معقول لأن الذي عٌلق غير موجود قبل تحقق المعلق عليه فاذا كان غير موجود فقوله رض ان الوجوب مقيد بالغروب غير واضح فاذا كان غير واضح فما بناه عليه ايضا غير واضح ايضا , فما افاده غير واضح .


[1] العروة الوثقى، السيد اليزدي، ج2، ص187، ط جماعة المدرسين.
[2] المائدة/السورة5، الآية3.