آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الفقه

37/03/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : مسوغات التيمم

مسألة 30 : التيمم لأجل الضيق مع وجدان الماء لا يبيح إلا الصلاة التي ضاق وقتها فلا ينفع لصلاة أخرى غير تلك الصلاة[1]

قال السيد اليزدي رض اذا انشغل المكلف بالصلاة بالتيمم عن الطهارة لمائية لضيق الوقت عن الطهارة المائية وبعد ذلك وجد الماء ثم فقد الماء اثناء الصلاة قيل ان يتوضأ للصلاة الاخرى فهل يجوز له ان يكتفي بهذا التيمم للصلاة الاخرى ؟

يفتي بعدم الجواز ويحتمل عدم الجواز فأفتى عليه ان يتيمم من جديد للصلاة الاخرى ووافقه السيد لحكيم رض والسيد الاعظم يقرر لا يجوز له الدخول في الصلاة الاخرى .

فعلا نحاول تقرير انه كيف يصح الدخول في الصلاة الاخرى فنقول ا مشروعية التيمم هي لأجل الفقدان او عدم التمكن من الماء وعدم التمكن قد يكون تكوينيا وقد يكون شرعيا فاذا كان عدم التمكن حاصلا لضيق الوقت ودخل في الصلاة فهذا غير متمكن فصح دخوله في الصلاة ولما وجد الماء اثناء الصلاة كان متمكنا تكوينيا ولكنه الآن يتمكن من استعمال الماء تكوينا ولكنه ممنوع من استعمال الماء شرعا باعتبار ان الانشغال في الوضوء او الغسل يعني ابطال هذه الصلاة التي هو فيها ثم بعد ذلك طرئ العجز عن استعمال الماء من جديد قبل ان يفرغ من الصلاة او بعد الفراغ من الصلاة قبل ان يأتي بصلاة اخرى فهل ذلك التيمم باق ويجوز له الدخول في صلاة اخرى او لا يجوز ؟

السيد الحكيم قال بجواز الدخول بتقريب ان المعتبر في مشروعية التيمم فقدان القدرة شرعا وعقلا وهو فاقد للقدرة شرعا قبل الدخول في الصلاة لضيق الوقت ونفس ضيق الوقت ارتفع ولكنه جاء مانع شرعي اخر بدل المانع الشرعي السابق كان السابق هو الضيق الآن المانع الشرعي الاخر هو انشغاله بالصلاة

فالنتيجة المانع الشرعي كما كان موجودا فكذلك الان وان تبدل بمانع اخر , والآن المانع هو عدم تمكنه من استعمال الماء لأجل انشغاله في الصلاة فاذا فرغ من الصلاة وهو عاجز عن الطهارة المائية مرة اخرى فيجوز له الصلاة بالتيمم السابق , هذا هو ملخص كلام حكيم الفقهاء واحد احتمالات صاحب العروة

ولكن لابد ان نلتفت الى خصوصيات مورد البحث منها هذا الكلام يأتي اذا كان الدخول في الصلاة لأجل ضيق الوقت اما اذا لم يكن لذلك بل لمانع اخر مثل المرض ونحوه هذا خارج عن محل الكلام ومحلُ الكلام هو في ما اذا كان الدخول في الصلاة بالتيمم لأجل ضيق الوقت فقط بحيث يكون المانع شرعي وجانب اخر انه ليس الانسان اثناء الصلاة تمكن تكوينا ولم يتمكن شرعا وهذا مال اليه لأجل اخراج صورة يأتي الكلام عنها وهو اذا ضاق الوقت ولم يكن عنده ماء وتيمم وصلى ثم بعد ذلك وجد في الطريق الماء بعد فراغه من الصلاة السابقة واحتمل بوجدان الماء في الطريق فلم يغتسل او لم يتوضأ بهذا الاحتياط بال ثم لما وصل الى منزل اخر لم يجد الماء فهنا الرواية الصحيحة ذكرت انه انتقض التيمم السابق لتمكنه من الوضوء تكوينا وشرعا , هذه الصورة نريد ان نحترز منها بدعوى ان وجود الماء اثناء الصلاة لا يكون مصداقا لتلك الرواية التي فيها يكون المكلف فيها تمكن تكوينا وشرعا اما هنا فهو متمكن فقط تكوينا وغير متمكن شرعا ,

فعلى هذا الاساس مال السيد الحكيم للاكتفاء بالتيمم السابق للصلاة الاخرى وبما انه فقدان الماء هاهنا شرعي وانما شُرع التيمم لأجل الصلاة فقط فلا يجوز له الاتيان بما يشترط فيه الطهارة غير الصلاة كمس كتابة القرآن ولو في اثناء الصلاة هذا لا يجوز

السيد الاعظم مال الى ما مال اليه اليزدي من انه التمكن من الماء في اثناء الصلاة يوجب نقضان الصلاة الترابية بالقياس الى الصلوات القادمة لان هناك مزاحمة بين الصلاة وبين الوضوء وفي المتزاحمين يكون التكليف ثابتا لكلا المتزاحمين ولكن يقدم الاهم الزاما اذا كان احدهما اهم وفي المقام التكليف بالماء ثابت حسب الفرض وعليه فهو متمكن منه شرعا فاذا كان متمكنا فقد انتقض التيمم بالقياس الى صلاة اخرى فعليه التيمم مرة اخرى

هذا لب كلام السيد الاعظم ويأتي تفصيله ان شاء الله تعالى.


[1] العروة الوثقى، السيد اليزدي، ج2، ص187، ط جماعة المدرسين.