آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الفقه

37/03/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : مسوغات التيمم

(مسألة 29) : من كانت وظيفته التيمم من جهة ضيق الوقت عن استعمال الماء إذا خالف وتوضأ أو اغتسل بطل لأنه ليس مأمورا بالوضوء لأجل تلك الصلاة، هذا إذا قصد الوضوء لأجل تلك الصلاة، وأما إذا توضأ بقصد غاية أخرى من غاياته أو بقصد الكون على الطهارة صح على ما هو الأقوى من أن الأمر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضده. ولو كان جاهلا بالضيق وأن وظيفته التيمم فتوضأ فالظاهر أنه كذلك فيصح إن كان قاصدا لإحدى الغايات الأخر، ويبطل إن قصد الأمر المتوجه إليه من قبل تلك الصلاة )[1]

كان الكلام في ما اذا ضاق الوقت ولايسع للصلاة مع الطهارة المائية فوظيفته الصلاة بالطهارة المائية ولكن المكلف اتى بها بالطهارة المائية

قالوا ان كان عالما بالتيمم وليس بالوضوء او الغسل لهذه الصلاة قالوا ان كان تشريعا يكون وضوئه باطلا لأنه لم يكن مأمور به .

هذا الكلام فيه خلط بين الكذب على الله وبين التشريع فالتشريع ان الشخص ينصب نفسه حاكم شرعيا على العباد بانه امير المؤمنين او انه نبي او خليفة رسول الله , واما الكذب على الله هو ان يقول ان الله امرني بهذا الفعل وهو لم يأمره الله تعالى في الواقع فهذا ليس تشريعا.

في كلتا الحالتين الكذب على الله والتشريع يمكن الالتزام ببطلان الوضوء في حالة وبصحة الوضوء في حالة اخرى في حال التشريع انه شرع ولكن في مقام العمل ايضا يأتي تطبيقا للشريعة التي شرعها هو فهنا يحكم بالبطلان لأنه لم يكن مقربا الى الله نعالى وانما يكون مقربا الى نفس المشرع ومرة انه شرع ولكن في مقام العمل لم يبق ما شرعه بل طبق التشريع الالهي وهو الوضوء او الغسل لطبيعي الصلاة فالتشريع موجود ولكنه يمتثل التشريع الالهي فالتشريع فعل محرم ولكن الفعل الوضوء او الغسل صحيح .

اما اذا نسب الامر بوجوب الصلاة الى الله تعالى وهو يعلم انه تعالى لم يوجبه فقد كذب على الله سبحانه ففي هذه الحالة حينما يكذب على الله وينسب له مالم يثبت انه فعله فحينئذ اما يأتي بالوضوء امتثالا للأمر الذي كذب به على الله فهنا لا يكون الفعل مقربا الى الله فيكون العمل باطلا , ومرة انه نسب الامر بالوضوء لأجل هذه الصلاة ينسبه الى الله تعالى ولكنه في مقام العمل لم يمتثل هذا الامر المنسوب الى الله كذبا بل هو يمتثل الاوامر الشرعية الثابت في الشرع الشريف فهذا الافتراء والكذب موجود ولكن الفعل مع ذلك صحيح .

واما مسألة التضاد فقلنا انه يأتي مسألة الضد في المقام في ما اذا قصد امتثال الامر الالهي المتعلق بالوضوء لطبيعي الصلاة قلنا ان مسالة الضد لا تأتي في المقام فان التضاد يأتي فيما اذا كان كل من العملين في نفسه مقدورا ولكن المكلف يعجز عن الجمع بينهما وفي المقام المكلف غير قادر على الوضوء او الغسل لان الوقت لا يسع له ولصلاته , هذا في ما اذا كان المكلف يعلم بانه لا يسع وقته للصلاة مع الوضوء او الغسل .

اما اذا كان جاهلا ولايعلم بان وقت الصلاة ضيق ومع ذلك اقدم على الوضوء او الغسل فمرة امتثالا للأمر الذي تخيله لهذه الصلاة ومرة انه تخيل الامر الذي وجد في الشرع المقدس للوضوء لطبيعي الصلاة فاذا كان بالنحو الثاني فهو يحكم بالصحة باعتبار انه الوضوء نامور لأجل طبيعي الصلاة وهو اتى بذلك امتثالا لذلك الامر فالوضوء صحيح والصلاة ايضا صحيحا .

وهنا ايضا جاء الاعلام بمسالة الضد وقد قلنا انها لا تأتي هنا مسالة الضد وانما تأتي في ما اذا كان كل من الامرين مطلوبا في نفسه شرعا ويكون مقدورا عقلا وشرعا كل منهما وفي المقام ليس الوضوء او الغسل مقدور شرعا وانما مقدور عقلا فقط .


[1] العروة الوثقى، السيد اليزدي، ج2، ص186، ط جماعة المدرسين.