آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الفقه

37/02/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : مسوغات التيمم

تحصل مما اذكرنا ان لا دليل على ان المكلف يعتبر عاصيا اذا اخر لوضوء او الغسل الى ان ضاق الوقت للصلاة مع لطهارة المائية وما احتمل من الاستدلال غير تام ,

وبقي علينا ان نفرق بين هذه المسألة والمسألة لمتقدمة في باب التيمم في من اتلف لماء عمدا من دون مسوغ للإتلاف وهناك التزمنا بالتيمم والعصيان واما في المقام فهو اتلف الوقت فقط فقلنا هنا لم يتم ندينا دليل على ان المكلف عصى لأنه عجز نفسه من حيث لم يبادر الى الطهارة المائية ,

فلماذا هناك التزمنا انه عاصيا وان صححنا الصلاة لأنها لم تسقط بحال وقلنا هنا بلزوم لتيمم وليس هو عاصيا

في مقام التفرقة بين المقامين ان هناك اتلاف للماء وهنا الماء موجود فهو عجز نفسه عن الطهارة المائية بتأخير الطهارة باختياره الى ضاق وقت الصلاة حتى يأتي بالطهارة الترابية , وقلنا اذا حكمنا هنا بالعصيان فيلزم في كثير من الموارد ان نحكم بان السفر سفر معصية لأنه لم يحمل معه الماء وسافر سفرا مستحبا وهو يعلم بعدم وجود الماء امامه وهكذا في من نام متعمدا ( هذا عندهم وان كان عندي محل اشكال ) مع سعة الوقت الى ان ضاق الوقت بالصلاة في الطهارة المائية فلآن اذا تيمم امكن له ان يدرك الصلاة في الوقت قالوا انه ليس بعاص فبسفره ونومه قالوا انه ليس بعاص وهناك امثلة كثيرة افتى الاصحاب بعدم العصيان , فحل المشكلة هو ان معنى الطهارة المائية مبدل منه والطهارة الترابية بدل وهو انه مع التمكن من الاول لا يسوغ له الثاني اما انه يجب عليه المحافظة على المبدل منه لا دليل عليه والا كنا افتيتا بحرمة هذه الاعمال كلها ,

تعجيز النفس له صورتان مرة اتلف الزمان واخرى اتلف المكان كما لو ابعد نفسه عن الماء والدليل عندنا عجز نفسه وهذه قاعدة نمشي عليها , سفر فعجز نفسه وليس نفس الفعل الحرام لأنه فعل فعلا ترتب عليه ترك الوضوء او الغسل فهو فقد القدرة ,

فهاهنا تعجيز بمعنى صرف الوقت والزمان في غير الطهارة المائية وهناك اراق الماء فهو اتلف الماء ولم يستعمله في المباح وهو كان عليه ان يحافظ على الماء فحمكنا عليه بالمعصية لأنه اتلف الماء وكان يجب عليه المحافظة على الماء ومن الادلة الدالة على وجوب البحث عن الماء استفدنا وجوب المحافظة على الماء فهو لم يحافظ فقلنا انها معصية لترك الواجب فهذا يأتي اشكال على السيد انه السفر يكون معصية والنوم معصية اذا ترك الطهارة المائية وضاق الوقت ؟ فهذا ما يترتب على فعل المعصية من الوازم ولآثار

فالنتيجة نبقى على التزمنا والعلم عند الله من انه فرق بين المسألتين فهناك المحافظة على الماء واجب والدليل هو وجوب البحث واستقدناه من لسان بعض الروايات في طلب الماء , فاذا وجب الايجاد وجب المحافظة عليه كما قلنا اذا حرم الفعل حرم المحافظة عليه كما في مثال تطهير المسجد انه ورد وجوب التطهير ولم نجد رواية تدل على حرمة تنجيس المسجد وانما الادلة تدل على وجوب التطير , فمن هذا نستفيد انه يجب علي المحافظة على الماء لآجل الوضوء او الغسل وان لم احافظ لم امتثل وان لم امتثل فلم احافظ على حكم المولى فهناك معصية وهنا ليس بمعصية والعلم عند الله .

مسألة 27 : اذا شك في ضيق الوقت وعدمه بنى على البقاء وتوضأ او اغتسل ..[1] .

ثم انتقل السيد اليزدي الى مسألة اخرى وهي اذا شك في ان الوقت ضيق اوليس بضيق فان كان غير ضيق فعليه ان يتوضأ او يغتسل ويصلي واما اذا كان ضيق فيتيمم وقسم المسألة الى صورتين

الصورة الاولى : انه يعلم ان الطهارة المائية والصلاة يستغرق خمسة دقائق مثلا ولكن هل الباقي خمسة دقائق او لا .

الصورة الثانية : اني اعلم ان الباقي خمسة دقائق ولكن لا اعلم ان هذه الفترة كافية للطهارة المائية او غير كافية ففي الصورة تمسك السيد اليزدي بالاستصحاب فاذا جرى الاستصحاب فوظيفته الطهارة المائية والصلاة , والسيد الحكيم طرح بعض الشبهات على هذا الاستصحاب منها انه لعله اصل مثبت باعتبار ان الفريضة هو ايقاع الصلاة في الوقت واستصحاب بقاء الوقت لازمه وقوع الصلاة في الوقت وهذا اصل مثبت , انه هذا الماء واستصحب بقاء الكرية يعني فيكون المستصحب هو مفاد كان التامة واثبت في مفاد كان الناقصة فهذا اصل المثبت

والسيد الاعظم يقول ليس اصل مثبت وانما الوظيفة هو الانسان يوقع الصلاة والجزء الثاني ان يحرز انه لم يقع شيء من الصلاة خارج الوقت فالأول احرزه بالوجدان وهو قام فصلى والجزء الثاني من وضيفته وهو انه يتم وضيفته داخل الوقت وه بالاستصحاب

هناك مشكلة اخرى اثرناها في بحث الاستصحاب وهي هل يجري الاستصحاب في الامور المستقبلية كما يجري في الامور الماضية والحالية العلماء رض يجوزون الجريان في الامور المستقبلية اما نحن فقلنا ان ادلة الاستصحاب منصرفة او غير شاملة اصلا اذا كان الشك واليقين كلاهما في المستقبل فلم اجد دليلا على حجية الاستصحاب في الامور المستقبلية فيكون الاشكال من جهتين.


[1] العروة الوثقى، السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، ج2، ص184، ط جماعة المدرسین.