درس خارج اصول استاد اشرفی

91/12/26

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث: في منصب القضاء للفقيه

بعد ما عرفت ثبوت جواز التصرف للفقیه فی الأمور الحسبیة - مع ما فيه من الخلاف في‌ أنه علي سبيل الولاية أو الإباحة من دون ولاية و بعد ما عرفت من الثمرة بين الوجهين و أيضا بعد ما عرفت أن ثبوت الجواز لخصوص الفقيه الجامع للشرائط أو ولايته مختص بموارد قاعدة الإشتغال كالتصرف في أموال اليتامي و أما موارد قاعدة البرائة كتجهيز الميت فلاحاجة إلي شيء من الولاية للفقيه أو جواز تصرفاته – يقع الكلام في إشتراط الأعلمية و عدمها لاريب في أن مقتضي الأصل في القسم الأول الممنوع من التصرف، الأكتفاء بالأعلم من الكل لأنه القدر المتيقن في قبال أصالة المنع لكن في الأمور الحسبية لايمكن الحصر بالأعلم مطلقا لأنه خارج عن طرقه لكن مقتضي الأخذ بالقدر المتيقن الرجوع إلي الأعلم النسبي و هو أعلم البلد و المشهور عدم إعتبارها بل إدعي الإجماع علي عدم الإعتبار في بعض الكلمات و لعله أخذا بإطلاقات أدلة ولاية الفقيه الماضية و لكن مقتضي الأصل هو الإعتبار أخذا بالقدر المتيقن حسبما ذكر سيدنا الأستاذ و من ذلك التصرف في مجهول المالك المنوط بإذن الحاكم و منه سهم الإمام لأن مالكه و إن كان معلوما لكنه ملحق بالمجهول في عصرنا فاللازم الرجوع إلي الأعلم مطلقا .

و بعد ذلك يقع الكلام في القاضي

لاريب في أن الأصل عدم نفوذ حكم أحد بالنسبة إلي نفس الغير أو ماله غير الله تعالي لكنه ورد جواز الحكومة للأنبياء «يا داود إنا جعلناك في الأرض خليفة فاحكم بين الناس بالحق» و قوله تعالي «فلا و ربك لايؤمنون حتي يحكموك فيما شجر بينهم ثم لايجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت» و قو له (عليه السلام) في صحيح سليمان بن خالد «إتقوا الحكومة‌ فإن الحكومة إنما هي للإمام العالم بالقضاء ... العادل في المسلمين» (وسائل الشيعة باب أبواب صفات القاضي ح3) و في رواية إسحاق بن عمار «قال أمير المؤمنين لشريح يا شريح قد جلست مجلسا لايجلسه إلا نبي أو وصي نبي أو شقي» (الباب 3 ح 2) .

لكن العلم بلزوم القضاء إلي الأبد يجعل الفقيه مخولا في تصدي منصب القضاء بنفسه أو بمن نصبه و القدر المتيقن من ذلك هو الفقيه العالم بالقضاء و السياسات الدينية العادل في الرعية (كما أفاده الإمام الخميني في كتابه الإجتهاد و التقليد ص24) خصوصا مع ما يري من تعظيم الله تعالي و رسوله و الأئمه عليهم السلام) للعلم و حملته و ما ورد في حق العلماء من كونهم حصون الإسلام، أمناء الرسل، ورثة الأنبياء، خلفاء رسول الله، و كون منزلتهم منزلة الأنبياء في بني إسرائيل .

و يشهد لجواز تصدي الفقيه للحكومة‌ و القضاء مقبولة عمر بن حنظلة «ينظران إلي من كان منكم ممن قد روي حديثنا و نظر في حلالنا و حرامنا و عرف أحكامنا فليرضوا به حكما فإني قد جعلته عليكم حاكما ...» (وسائل الشيعة كتاب القضاء أبواب صفات القاضي باب 11ح 1) .

هذه المقبولة مشتملة علي نكات :

الأولي: كون الرجل منا فغير الشيعة ليس منصوبا .

الثانية: الناظر في الحلال و الحرام أي القادر علي تشخيص ذلك و العارف بأحكامهم و هو الفقيه و يشهد لذلك قوله عليه السلام «روي حديثنا» فإنه ظاهر فيمن كان له الإهتمام البليغ في حفظ الحديث و روايته بل و درايته و يشهد له أيضا - فيما زعمه سيدنا الخميني- إضافة الحلال و الحرام إلي كلمة «نا» إذ الإضافة إليهم بإعتبار أنهم مبينين لأحكام الله و محل علمه فمعني الناظر في حلالهم و حرامهم هو الناظر في فتاويهم و الأخبار الصادرة منهم و هو شأن الفقيه لا العامي الذي هو ناظر في فتوي المجتهد .

و الحمد لله