درس خارج اصول استاد اشرفی

91/12/23

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث: فی إدارة الأمور الحسبیة بید الفقیه

إن مسألة ولایة الفقیه مما قد إختلف فیها العلماء فذهب جمع منهم إلی إنکاره مستدلا بأن الولایة الثابتة لرسول‌الله (صلی الله علیه و آله) و الأئمة المعصومین(علیهم السلام) بمقتضی الأدلة القرآنیة و الروائیة قوله تعالی «النبی أولی بالمؤمنین من أنفسهم» هی مبتنیة علی إتصالهم بعالم الغیب و الوحی و علمهم بینما لیس للفقیه هذا الإشراف العلمی و العلم المحیط و غایة ما یطلع علیه الفقیه و أحاط به علمه هی الأحکام الشرعیة فیشکل ثبوت ولایة المعصوم للفقیه و إثباته و علی هذا الرأی جمع من أساتذتنا کالشیخ الحلی و السید الخوئی و السید الشاهرودی(ره) .

و لایخفی إثبات الولایة بهذا المعنی الشامل للفقیه فی غایة الإشکال .

ثم إن صاحب الجواهر و الإمام الخمینی (ره) قائلان بأن الفقیه له الولایة فی عصر الغیبة علی أمور المسلمین الإجتماعیة کتشکیل الحکومة و الإفتاء بالحرب و الصلح و الحکم بثبوت الهلال و الروابط مع سائر الملل و الدول و أمور أخر کالتصرف فی سهم الإمام و إدارة أمور الحسبیة و ... و هذا یستفا من مذاق الشرع إذ نعلم بالقطع بأن الشارع لایرضی بإمهال أمور المسلمین و ترکها الذی یترتب علیه کثیر من المشاکل بل الفوضی و الحرج و ذلک سینجر إلی إختلال نظام المسلمین .

و لکن کما قلنا فی الجلسة الماضیة إن غایة ما قال به الأستاذ الخوئی هو القول بجواز تصرف الفقیه و أولویته فی الأمور الحسبیه و لاشک فی إستقلال العقل به لحفظ مصالح المسلمین و منافع الیتامی و الصغار و الموقوفات و غیرها لکنه و لم‌یقبل الأستاذ القول بثبوت الولایة للفقیه لمناقشاته السندیة و الدلالیة فی أدلة القائلین بها و لذلک قال بأن الأصل الأولی فی المقام؛ منع التصرف فی مال الغیر کالیتیم «لایحل أکل مال إمرء إلا بطیب نفسه» و مقتضی هذا الأصل بطلان التصرف فی أموال الغیر کالبیع و الشراء و نحوها لأن الناس مسلطون علی أموالهم و التصرف فی أموالهم مناف لسلطنتهم علیها .

و الفرق بین الولایة و جواز التصرف أن الولایة جواز التصرف بلاحاجة إلی الإیصال إلی حد الضرورة کولایة الأب علی الولد .

و علیه أن القدر المتیقن من مناصب الفقیه هو مقام الإفتاء و القضاوة بمقتضی الأدلة و لا وجه لتشبیه مقام فقهاء الشیعة بمناصب قضاة أهل السنة لیقال کما أنهم کانوا یتولون أمور المسلمین فی جمیع المجالات فکذلک للفقیه الشیعی الولایة فی جمیع ذلک .

و الحق عدم الإعتماد علی مناقشات الأستاذ فی المقام .

و مما قال به الأستاذ الخوئی فی المقام هو أن الأصل الأولی إن کان عدم الجواز و حرمة التصرف فی الأمور الحسبیة فلابد من إذن الفقیه للتصرف و لو کان الأصل البرائة فلاحاجة إلی إذنه .

مثال: إذا إقتضت المصلحة التصرف فی مال الیتیم بالرهن و البیع و نحوهما أو تزویجه، مقتضی أصل الإشتغال المنع من التصرف إلا بالقدر المتیقن و هو تصرف الفقیه الجامع للشرائط. أما إذا کان الأمر مثل تجهیز المیت و تشییعه و دفنه فبما أنها واجب کفائی علی کل مسلم فلاحاجة إلی الإذن من الفقیه .

هذا ما أفاده الأستاذ فی المقام .

ثم إن الفقیه لو لم‌یتمکن من المباشرة بتلک الأمور کما یکون کذلک عادة، یفوض أمره إلی الغیر إما من باب الولایة أو الوکالة فعلی الأول یبقی ولایة الغیر بعد موت المجتهد و علی الثانی یبطل بموته فلابد من الإذن الجدید فعلی مبنی الأستاذ من جواز تصرف الفقیه لا أکثر، یبطل إذنه بعد مماته لکون الإجازة بمنزلة الوکالة .

و من جملة الأمور المفوضة إلی الفقیه هو التصرف فی سهم الإمام حسب ما یراه من المصالح إذ إمهاله أو دفنه أو إلقائه فی البحر کما قال به بعض لایقبلها العقل و الشرع فلابد من صرفه بید الفقیه الجامع للشرائط فی أمور یعلم برضی بقیة الله (عجل الله تعالی فرجه) فیه کإدارة الحوزات العلمیة و لو أجاز المجتهد لغیره فمات یبطل إجازته و لایجوز له التصرف فی تلک الأموال إلا بإذن المجتهد الحی الجامع للشرائط .

و الحمد لله