درس خارج اصول استاد اشرفی

91/12/08

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث: الصورة الثالثة من صور التارك للتقليد بعد تقليده للمجتهد الجامع للشرائط

قد عرفت أنها مما کثر الإبتلاء بها بین العوام هي فرض الشك بأن ما كان يفعله من الوظائف الشرعية هل ينطبق مع فتاوي الأعلم الفعلي أم لا؛ فهنا تارة يشك بالنسبة إلي ما لم‌يمض وقته و أخري بالنسبة إلي الأعمال الماضية .

فعلي الأول يعيد الصلاة إذ الإشتغال اليقيني يقتضي تحصيل فراغ الذمة اليقيني .

و علي الثاني قال المحقق بجريان قاعدة الفراغ المستفاد من قوله عليه السلام «كلما شككت في شيء مما قد مضي فأمضه كما هو» باب 23 أبواب خلل الصلاة ح 3؛ فاستنتج منه صحة الأعمال الماضية فيسهل الأمر مع هذه القاعدة .

ولكن إعتبر بعض في جريان القاعدة‌ أن يكون إحتمال الموافقة و المخالفة للواقع ناش من التذكر و الغفلة لا من باب الإتفاق و الصدفة .

بيان ذلك

إذا شك المكلف بعد الصلاة مثلا في أنه أتاها مع الطهارة أم من دونها، فتجري هنا القاعدة و تحكم بصحة‌ الصلاة المأتي بها و هكذا الحال بالنسبة إلي غيرها من الأجزاء و الشرائط من الصلاة أو غير الصلواة من الأعمال .

و السر في الصحة هو جريان قاعدتي التجاوز و الفراغ و هذا في الجملة كما لاشك و لا خلاف فيه. إنما الخلاف في أن القاعدة مبنية علي أمر عقلائي‌ إرتكازي عرفي كما ذهب إليه جمع كسيدنا الأستاذ الخوئي حيث أن المشتغل بعمل يحاول أن يأتي به علي الوجه الصحيح فهو عادة علي ذُكر مما يعتبر في صحة العمل فلايعتني بما يحدثه من الشكوك بعد العمل و تعدها العقلاء من الوسواس و ما ورد في الروايات أيضا يرشد إلي هذا الأصل العقلائي في قوله عليه السلام «لأنه حين العمل أذكر منه بعد» و «كان حين العمل أقرب إلي الحق منه حين الأنصراف» فلم‌يؤسس الشرع قاعدة جديدة فعليه لاتشمل القاعدة ما إذا أتي المكلف بعمل عن غفلة؛ لفقدان الذُكر حين العمل فيكون الأعمال الماضية محكومة بالبطلان بإستصحاب عدم الإتيان بالصحيح .

أما علي القول بأن العلل المذكورة في ذيل روايات الباب من باب الحكمة لا العلة المعممة و المخصصة كما عليه المحقق النائيني، تجري القاعدة في مفروض المقام و تحكم بصحة ما أتي به المكلف عن غير تقليد كما يقال ذلك بالنسبة‌ إلي لزوم العدة في المطلقة حذرا عن إختلاط المياه و إشتباه النسب؛ حيث تعدها العلماء من قبيل الحكمة‌ فلو إعتزل الرجل عن زوجته مدة ثلاثة أشهر لايغني هذا الزوجة عن عدة الطلاق و إن إطمئنت من عدم الحمل .

و الأغلب في الأسباب المذكورة في الروايات التي جمعها الصدوق (ره) في كتابه «علل الشرائع» كونها حكمة فلايدور الحكم مدار وجودها و عدمها و ينبغي للفقيه أن يحذر من التسرع في الفتوي بمقتضي ظاهر الأسباب المذكورة في سبب الأحكام لئلا يقضي بإرتفاع حكم شرعي بدعوي دوران الحكم مدار السبب بمجرد عدم ملاحظته في موضوع .

يبقي أمر آخر و هو إذا شك بعد العمل في وجوب القضاء عليه لإحتمال بطلانها فعلي القول بكون القضاء بالأمر الجديد يشك في التكليف بالقضاء فمقتضي البرائة الحكم بعدمه .

ولكن يورد عليه بأنه يصح إذا لم يكن في المقام أصل موضوعي كإستصحاب و هو عدم الإتيان بالعمل الصحيح و معه لاتصل النوبة إلي الأصل الحكمي أعني البرائة عن وجوب القضاء و ذلك لأن الأصل الموضوعي إذا أثبت عنوان الفوت يمنع من جريان الأصل الحكمي .

اللهم إلا أن يقال أن إستصحاب عدم الإتيان بالعمل الصحيح أمر عدمي و لايثبت الفوت الذي هو أمر وجودي و لذا يشك في تحقق موضوع «من فاتته الفريضه فعليه القضاء» فيكون مجري البرائة .

و فيه ما سيأتي إن شاء الله تعالي .

و الحمد لله