91/12/07
بسم الله الرحمن الرحیم
موضوع البحث: الكلام في الصورة الأولي
وقع الكلام في صحة أعمال المكلف إذا وقع عن غير تقليد برهة من الزمن فاختلف الأعلام في صحة تلك الأعمال و فسادها من ناحية إختلافهم في سعة دائرة قاعدة لاتعاد و ضيقها بعد إتفاقهم علي أن المتروك من الأجزاء و الشرائط إذا كان من الأصلية الرئيسية كالخمسة المستثناة في حديث «لا تعاد» يحكم ببطلانها و لزوم إعادتها .
أما إذا كان من غيرها فقد ذهب المحقق النائینی إلی بطلان العمل بترکها و عدم شمول الحدیث لغیر الناسی كالجاهل القاصر و المقصر بینما قال الأستاذ الخوئی تبعا لشیخه المحقق الإصفهانی بإمكان شمول القاعدة لمن تركها جهلا عن قصر كان أو تقصير و أورد علي المحقق النائيني إشكالين ذكرنا أوله بالأمس و بقي الثاني و هو أنه قد يمكن توجه الخطالب بـ«لاتعاد» لمن ترك السورة مثلا عن جهل فيما إذا مضي عن محلها و دخل الركوع الذي هو ركن الصلاة فحينئذ تدارك السورة بالرجوع إلي محل المتروك يسبب زيادة الركن و هو موجب لبطلان الصلاة؛ فعليه تشمل القاعدة الجاهل بقسميه و يحكم بصحة الصلوات التي أتي بها المكلف قبل تقليده عن أعلم زمانه .
هذا كله مع غض النظر عن القرينة الخارجية في الحديث .أما مع النظر إليها فيختلف الحكم عما قال به المحقق الإصفهاني إذ القول بشمول لاتعاد للناسي و الجاهل القاصر و المقصر يوجب إنحصار أدلة وجوب الجزء و الشرط بالفرد النادر أي العالم فيصبح وجوب الإعادة في عقد المستثني منه في الحديث لغوا .
مزيد بيانذهب جمع منهم سيدنا الأستاذ الخوئي إلي أن الأوامر الضمنية دائما ترشد إلي الجزئيه و الشرطية و المانعية فعندما يقول الشارع؛ مثلا «من ترك الركوع فليعد صلاته» يرشد إلي جزئيت الركوع و عندما يقول « من صلي بغير طهور أو إستدبر فليعد صلاته» يرشد إلي شرطية الطهارة و الإستقبال للصلاة و عندما يقول مثلا «من تقهقه فليعد صلاته» يرشد إلي مانعية القهقهة في الصلاة و هكذا؛ فعليه لو شملت القاعدة الجاهل لإختصت جزئية السورة و شرطية الإستقبال و مانعية القهقهة أو البكاء لغير الله و غيرها من الأجزاء و الشرائط و الموانع بالعالم بها فلو تركها العالم تبطل صلاته و هو غير معقول إذ هو في مقام أداء الوظيفة فلايترك ما يعلم بدخله في الإمتثال عليه في الصلاة عمدا؛ فحمل أدلة الأجزاء و الشرائط و الموانع لخصوص العالم العامد حمل المطلق علي الفرد النادر و لا يصححه التخاطب العقلائي .
هذا كله في الصورة الأولي .أما الصورة الثانية أي ما إذا طابق ما عمله سابقا بغير تقليد لفتوي الأعلم الفعلي فهنا لا إعادة فيه إذ تكفي مطابقة المأتي به مع المأمور به الواقعي و لاحاجة إلي إستناد العمل إلي فتوي الفقيه حسبما أفاده الأستاذ لكنه غير خال عن المناقشة كما عرفت في معني التقليد و لزوم الإستناد .
أما الصورة الثالثة أي ما إذا لميعلم المكلف أن ما أتي به سابقا كان واجدا للجزء أو الشرط و فاقد للمانع أم لا؛ فهنا إشتغال الذمة بالتكاليف مقتض لتحصيل اليقين بفراغ الذمة من عهدتها .
ثم أنه قد تمسك بعض كالمحقق النائيني بقاعدة التجاوز و الفراغ للحكم بصحة الأعمال السابقة و فيه ما سيأتي البحث فيه .
و الحمد لله