91/11/23
بسم الله الرحمن الرحیم
موضوع البحث: صدق العالم علي المفتي بمقتضي الأصول العملية
قد مر الكلام في نظرية جعل الحكم المماثل و الطريقية و كون الحجة بمعني التنجيز و التعذير التي إختارها الآخوند و ذكرنا ما يورد علي النظرية الأولي و الثالثة و فصلنا الكلام فيها و قوينا نظرية الطريقية و قلنا بأن صدق العالم علي العارف بمؤديات الطرق و الإمارات مما لا إشكال فيه فيكون رجوع الجاهل إلي العارف بها، الرجوع إلي العالم و ذكرنا شواهدها في الآيات و الروايات و عرف العقلاء فلانطيل الكلام بإعادتها .
يبقي سوال في المقام و هو أن الفقيه كثيرا ما يفتي بمقتضي الأصول العملية و نعلم بأن موضوع الأصول العملية شرعية كانت أو عقلية؛ هو الجهل بحكم الله و الشك فيه، فكيف يمكن صدق العالم علي من يفتي بمقتضي تلك الأصول أنه عالم بحكم الله ؟
بيان ذلكإن الأصول العملية علي قسمين الشرعية و العقليةالأول: الأصول العملية الشرعية و هي ما يكون المستند فيه الروايات كأصالة البرائة و أصالة الحلية «كل شيء حلال حتي تعرف أنه حرام بعينه» و أصالة الطهارة «كل شيء طاهر حتي تعلم أنه قذر»
الثاني: الأصول العملية العقلية و هي ما يستقل به العقل كالبرائة العقلية المستفاد من حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان
أما الأول فواضح حيث أن الفقيه عارف بأحكام الله و حكمه عبارة عما تحمل علي الموضوعات؛ مثلا «الصلاة واجبة» و «الصوم واجب» و «الكذب حرام» و «الغيبة حرام» و هكذا و من جملة الموضوعات الشك أو الموضوع المقيد بالشك فمن حيث جعل الشارع حكما للشك و ما يقيد به، يعد حكما شرعيا؛ مثلا «إذا شككت فابن علي الأكثر» و «لاتنقض اليقين بالشك أبدا» و «إذا شككت في نجاسة شيء و طهارته فهو طاهر» فعليه تكون مؤديات الأصول العملية الشرعية، أحكاما شرعيا إلهيا و يكون الرجوع إلي الرجوع إلي العالم .
إن قلت: ما حال الإستصحاب الذي يعتبر فيه اليقين السابق و الشك اللاحق إذ الفقيه يقدر علي جريان الإستصحاب و لكن العامي غير عارف بمواضع جريانه .
قلنا: إن معني الإستصحاب هو جري العملي علي المتيقن السابق و المجتهد و المقلد كلاهما صالحان للجري العملي علي مقتضاه .
و الحمد لله