درس خارج اصول استاد اشرفی

91/11/17

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث: الكلام في نظرية جعل الحكم المماثل

قد تم الكلام إلي هنا في صحة التقليد عند العقلاء و إمضائه من ناحية الشرع و كذلك في الشرائط المعتبرة في المرجع المفتي و الآن نبدأ الكلام في وجه تسمية المفتي المرجع بالعالم و أنه ما هو المصدر لعلمه و عرفانه بأحكام الله ؟

فنقول إن المفتي تارة يعرف أحكام الله بالعلم الوجداني فهذا هو القدر المتيقن من المرجعية و مقام الإفتاء و القضاوة فلاإشكال في أنه مصداق كامل للعالم و الفقيه و العارف بأحكام الله ولكن العلم الوجداني قلما يعثر عليه المفتي فلايكون عادة مصدرا لصدور الفتوي .

و أخري إن الفقيه يأخذ بالطرق المتعارفة لدي العقلاء للحصول علی‌ الواقعيات و تسمي هذه الطرق بالأمارات و الأدلة الإجتهادية و لاريب في أن العارف و المطلع علي الآيات و الروايات يصدق عليه أنه فقيه و عارف بأحكام الله و ناظر في حلاله وحرامه .

و قد إختلفت كلمات الأصحاب في صدق عنوان العالم و الفقيه علي المفتي إذا كان المستند في فتاواه تلك الطرق الظنية فنقول إن هناك عدة نظريات :

الأول: نظرية جعل الحكم المماثل و هي تقول بأن مفاد الحجج و الأمارات التي ثبتت حجيتها شرعا هو وظيفة عملية للمجتهد و مقلده إذ لما إلتزم الشارع المكلف بالعمل بأمارة كقول العادل و الثقة كما ورد في العمري و إبنه «العمري و إبنه ثقتان فاسمع لهما و أطعهما» يكون مؤدي خبر العادل وظيفة دينية و عملية إلا أنها إن طابقت الواقع يكون الحكم الواقعي فعليا و إن لم‌تطابقه يكون مفاد الأمارة وظيفة ظاهرية للمكلف و المراد من «الظاهرية» كونها مأمورا بها إلی أن حصل للمكلف العلم بالواقع .

و هذا نظير الأصول العملية الشرعية كأصالة الطهارة و أصالة الحلية عند الشك في طهارة شيء أو حليته حيث تكون حكما شرعيا و إن خالفت الواقع إلا أن العمل بمقتضاها يكون وظيفة ظاهرية فعلية عند الشك و هكذا مفاد الأمارات حيث أن المجتهد لما درس الأمارات فظهرت له حجيتها عليه يكون عالما بوظيفته العملية فيكون رجوع العامي إليه، الرجوع إلي العالم .

فالأمارات و إن كانت ظنية الدلالة كما تكون بالنسبة إلی بعض الآيات أو ظنية السند و الدلالة كما تكون هكذا في كثير من الروايات ولكن ظنية الصدور و الدلالة لاتنافي قطعية الصدور فنكون موظفين بالعمل بها.

و كونت هذه النظرية حينما لوحظ أن الأئمة (عليهم السلام) أرجعوا الشيعة إلي علماء الأصحاب كزراره و محمد بن مسلم و ابي بصير و غيرهم في زمن حضورهم و عرفوهم كمصدر معتبر لأخذ معالم الدين و أحكامه فلابد أن تكون فتاوي هؤالاء وظيفة عملية و حكما عمليا فعليا للمكلفين و إلا يلزم منه تفويت المصلحة أو الإلقاء في المفسدة .

و الحق عدم الدليل علي هذه النظرية مضافا إلي عدم ملائمتها مع القول بالتخطئة الحقة التي ذهب إليها الشيعة الإمامية.

ثم إنه لو سلمنا صحتها في الأصول العملية لايمكن قبوله بالنسبة إلي الأمارات إذ مثل الأمارات المعتبرة مثل العلم في إحتمال كشف الخطأ فيه و كونه جهلا مركبا و عدم مطابقته مع الواقع و كون العامل به معذورا.

و الحمد لله