درس خارج اصول استاد اشرفی

91/11/14

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث: في كلام الآخوند في عدم جواز الرجوع إلي الإنسدادي

قلنا أن الآخوند منع من رجوع العامي إلي المجتهد الإنسدادي لعدم شمول أدلة‌ التقليد لمثله إذ موضوعها هو رجوع الجاهل إلی ‌العالم مع أن الإنسدادي معترف بعدم العلم بالأحكام فلايصدق علي مبناه أنه فقيه أو أهل الذكر أو عارف بالحلال و الحرام و لا فرق في ذلك بين ما إذا قلنا بأن نتيجة مقدمات الإنسداد هو القول بالحكومة أو الكشف إذ علي كلا المبنين يكون الرجوع إلي الإنسدادي من قبيل رجوع الجاهل إلي مثله فلا تجوزه الأدلة .

إن قلت: ما الفرق بين الظن الخاص الذي يقال بكاشفيته عن حكم الله الواقعي و الظن العام علي مبني الكشف ؟

قلنا: إن أدلة الظن الخاص و الدليل العلمي لاتختص بالمجتهد بل تشمل الجميع إذ آية النبأ أو الإنذار أو ما يدل علي حجية قول الثقات من الروايات مثل «العمري و ابنه ثقتان» أو «لايجوز التشكيك فيما يرويه عنا ثقاتنا» إنما يكون حجة لكافة الناس فيجوز للعامي أيضا أن يستند عمله إلي قول الثقات خلافا للظن العام الذي يُثبِت الفقيه الإنسدادي حجيته علي أساس الكشف بمقدمات الإنسداد فإن هذه المقدمات لاتفيد الحجية للظن العام إلا بالنسبة إلي من تمت له المقدمات و ليس هو إلا المجتهد الإنسدادي .

و أظهر من مبني الكشف في عدم جواز الرجوع إلي الإنسدادي مبني الحكومة لما لا يخفي .

أما المجتهد الإنفتاحي فبما أنه يري طرقا لنفسه و للآخرين إلي الأحكام الظاهرية و الواقعية بعد إثبات حجية الطرق المؤدية إليها فيصدق عليه العالم فيجوز الرجوع إليه بمقتضي الأدلة و المفروض أن حجية تلك الطرق لم‌تختص بالعالم كما إختصت حجية الظن العام بالمجتهد الذي يري إنسداد باب العلم و العلمي و بطلان التقليد و الرجوع إلي الأصول النافية و بطلان الإحتياط التام أو عدم وجوبه فإن الظن حينئذ أصبح دليلا لهذا الإنسان بشخصه .

ثم ذكر الآخوند إشكالين و أجاب عنهما

الأول: كيف يجوز الرجوع إلي المجتهد الإنفتاحي مع أنه تمسك بما يحتمل مخالفته للواقع و حكم الله الواقعي ؟

بيان ذلك: إن القائلين بحجية الأمارات و قول الثقة علي مبنيين

المبني الأول: أن مؤديات الطرق و الأمارات هي أحكام الله الظاهرية لمن قامت عنده الأمارة فإذا أخبر زرارة مثلا بحرمة لحم الإرنب داعيا بأن الصادق(عليه آلاف التحيةو الثناء) قال هكذا تكون الحرمة حكم الله الظاهري للمجتهد و مقلده فإن صادفت الواقع فنعم الوفاق و إن خالفته تكون الحرمة وظيفة‌ ظاهرية أداها المجتهد و المقلد و يبقي الحكم الواقعي في مرحلة الإنشاء و هذا معني قول العلامة الحلي «ظنية الطرق لاتنافي قطعية الحكم» فعليه يكون الرجوع إلی المجتهد الإنفتاحي، الرجوع إلی‌ العالم .

المبني الثاني: - و هو مختار الآخوند- أن حكم الله الواقعي هو ما أنزله الله علي قلب نبينا الأكرم (صلي الله عليه و آله و سلم) و ما وصل إلينا من الأمارات و الطرق ليست لها شأنا إلا المعذرية عند الخطأ و المنجزية عند المطابقة فلايعد المجتهد الإنفتاحي أيضا العالم بأحكام الله فكيف يمكن الرجوع إليه ؟

فأجاب عنه الآخوند بما إختلف فهم المحشين فيه ففسره المشكيني و المحقق الإصفهاني بأن عنوان العالم يصدق علي المجتهد الإنفتاحي لكونه عالما و عارفا بمواقع قيام الطرق و الأمارات إذ هو يعلم بأن حكم الفلاني قامت له أمارة و أن الآخر لم‌تقم عليها أمارة فيرجع الجاهل إلي المجتهد الإنفتاحي بإعتبار علمه بمواقع وجود المعذر و المنجز و إن كانت المسألة مسألة أصولية .

الإشكال الثاني: أن حجية الأمارة لو كانت بمعني طريقيتها إلي الحكم الشرعي و كانت مؤداها بمقدار إنحل العلم الإجمالي بالأحكام، صح القول برجوع الجاهل إليه و أما لو قلنا بكون حجية الأمارة بمعني خصوص التنجيز و التعذير لا الطريق الكاشف عن حكم الله تعالي فلامحالة لا يكون هذا المجتهد عالما بأحكام الله تعالي؛ غايته أنه عالم بما يوجب تنجيز حكم الله أو تعذيره .

ولكنه مردود لما ذكره العلماء من أن التنجيز و التعذير إنما يعدان من آثار الحجة لا نفس الحجة فعندما نقول بأن الشارع جعل الأمارة و الظن الخاص حجة يعني أنه جعل الظن الخاص طريقا إلي الواقع إذ الغالب مطابقته للواقع و من المعلوم أن العقل لايري لما سوي العلم طريقية إلي الواقع و هذا أصل أولي إيدته الآيات «إن الظن لا يغن يمن الحق شيئا» إلا أن العلم لما لايحصل غالبا حتي بالنسبة إلي من يدرك الأئمة (عليهم السلام) في عصرهم فضلا عن الغائبين أو المعدومين في زمانهم فإعتبر الشارع لبعض الظنون طريقية لكي يسهل أمر الدين عليهم فأمضي لأجله سيرة العقلاء في الرجوع إلي الثقات و نهي عن التشكيك في أقوالهم .

و الحمد لله