درس خارج اصول استاد اشرفی

91/10/27

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث: فرعان

قلنا بأن العلماء جلا ذهبوا إلی عدم جواز التقلید الإبتدائی عن المجتهد المیت بل یجب عندهم رجوع الجاهل فی کل عصر و زمان إلی العلماء الخبراء الأحیاء حیث أن المنصرف من أدلة لزوم الرجوع إلي العالم هو العالم الحي الموجود في ذلك العصر كقوله (عليه السلام) «أما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلی رواة أحاديثنا» .

أما الأخباریون فقد قالوا بجواز التقلید عن بعض الأموات من المجتهدین و لاعبرة بقولهم بعد ما أوردنا عليهم من الأشكالات .

أما بالنسبة إلی بقاء التقليد عن المجتهد الميت فقد كثر القائلون بالجواز لاسيما بين المعاصرين من علمائنا تمسكا بإطلاقات أدلة الآمرة‌ بالرجوع من الآيات و الروايات و إن قال بعدمه مثل المحقق الخراساني و ... و الأستاذ الشاهرودي من بين المعاصرين .

ثم إن أصل مسألة التقليد و إن كان فطريا جبليا و قامت سيرة العقلاء علي العمل به مدی الأعصار و لايمكن الإستدلال عليه بفتوي المجتهد ضرورة لزوم الدور أو التسلسل ولكن ليس الأمر بالنسبة إلي بعض خصوصيات التقليد؛ كالتقليد عن الأعلم و الحي و بقاء التقليد عن الميت؛ فطريا جبليا، فنحن بحاجة‌ إلي الإستدلال علی الجواز أو عدمه أو التقليد فيها .

و قد ذكرنا قبل العطلة بعض الفروع التي ذكرها السيد صاحب العروة في كتابه في مسائل الإجتهاد و التقليد و لابأس بإعادة ‌بعضها لفوائد تتضمنها .

منها: قال السید صاحب العروة فی مسألة 61 «لو قلد عن مجتهد فمات ثم قلد عن مجتهد آخر فمات فرجع إلي مجتهد ثالث قائل بجواز التقليد عن الميت فالأحوط البقاء علي تقليد المجتهد الثاني .»

و الدليل علي الإحتياط الوجوبي هو أن التلقيد لما كان عبارة عن الإلتزام بقول المجتهد علي مبني السيد و إنصرف المقلد عن المجتهد الأول بعد مماته و رجع إلي المجتهد الثاني فهو إلتزم بقول المجتهد الثاني فحينئذ يكون الرجوع إلي المجتهد الأول إلتزام جديد و تقليد إبتدائي فلا يجوز ولكن التقليد عن المجتهد الثاني يكون من البقاء علي تقليده فيجوز بفتوي المجتهد الثالث الحي و كذلك الحال لو قلنا بأن التقليد هو العمل إذا فرضنا أنه عمل بقول المجتهد الثاني الميت .

أما بناءا علي مختار سيدنا الأستاذ الخوئي من أن التقليد لا أثر لتفسيره بالعمل أو الإلتزام و إنما موضوع الحكم هو الرجوع إلي العالم الفقيه و السؤال عنه لتنجز الواقع أو العذر علي فرض الخطاء فللازم البحث في هذه المسألة تارة بالنظر إلي المجتهد الحي مع المجتهد الميت الأول و أخري بالنظر إلي غيرهما

فنقول إذا فرضنا أن المجتهد الميت الأول كان أعلم من الثاني و من المجتههد الحي و أفتي الحي بجواز البقاء علي تقليد الميت فحينئذ كان اللازم الرجوع إلي المجتهد الأول و كان عمله علي وفق المجتهد الثاني في زمان حياته مستندا إلي فتوي الثاني بعدم جواز البقاء علي الميت و لذا كان في مخالفته للأول معذورا و مع فوت الثاني و الرجوع إلي الحي الثالث القائل بجواز البقاء كان اللازم عليه الرجوع إلي المجتهد الأعلم علي فرض مخالفة فتاواه للحي كما هو الظاهر .

و بالجملة حينئذ فلو علم بإختلاف الفتاوي و كان المجتهد الأول هو الأعلم فيتعين التقليد عنه

نعم لو لم‌يعلم بالإختلاف كان مخيرا بين البقاء علي القليد عن الأول الأعلم و الثاني الغير الأعلم و لايكون رجوعه إلي الأول و التقليد عن المجتهد الأول تقليدا إبتدائيا بل بقاء علي تقليده و قد عرفت سابقا أنه مع عدم العلم بالخلاف لايجب الفحص عن الأعلم علي مبني الأستاذ الخوئي نعم يجب علي مختارنا كما عرفت .

نعم قلنا مع العلم بعدم الإختلاف لا يجب الفحص .

و لو علم بأعلمية المجتهد الثالث و هو الحي يتعين التقليد عنه و لا يجوز له البقاء و لو علم بتساوي المجتهد الأول و الثالث يتخير بينهما عند المشهور .

أما علي القول بتعارض الأقوال في حال التعارض و تساقطهما يجب الرجوع إلي أحوط القولين و إن لم‌يمكن فيتخير بينهما من باب التنزل من الموالفقه القطعية إلي الموافقة الإحتمالية .

أما إذا علم بأعلمية الأول و الإختلاف بين الأول و الثاني فهنا بعد الرجوع إلي الحي و إفتائه بجواز البقاء يتعين التقليد عن الأول

أما إذا إحتمل أعلمية الثاني يجب الرجوع إليه في الموارد المختلفة فيه .

أما إذا إحتمل الأعلمية في كل منهما أو إحتمل التساوي فلنا الخيار في العمل بهما و أما عند الأختلاف فمقتضي التعارض تساقط القولين و العمل بالإحتياط و لو لم يتمكن من الإحتياط فمختار الشيخ الأعظم و صاحب العروة الأخذ بأحوط القولين و مختار السيد الخوئي الإحتياط و لو لم يتمكن من الإحتياط يكتفي بالإمتثال الإحتمالي .

أما إذا كان فتوي المجتهد الثاني عدم جواز البقاء علي تقليد الميت و كان بين المجتهدين التساوي فمع الرجوع إلي الثاني لا يجوز الرجوع إلي الأول لأنه حينئذ من التقليد الإبتدائي عنه .

و يظهر حكم المسألة في ساير الفروض المتصورة في المقام .

فرع آخر

‌لو أفتی المجتهد الحي بجواز بقاء التقليد عن الميت و كان المجتهد الميت قائلا بعدم الجواز فيها؛ فلابد هنا من خصوص التقليد في تلك المسألة‌ عن الميت و البقاء علی قوله فيها و التقليد عن الحي في سائر المسائل أو التقليد في خصوصها عن الحي و التقليد بالبقاء علي تقليد الميت في ماسوی تلك المسألة و لايمكن الجمع بينها بالإلتزام بفتوی الميت في جميع المسائل حتي مسألة عدم جواز البقاء.

أما الأستاذ الخوئي(ره) فقد حاول حل المسألة من طريق إنحلال العلم الإجمالي إلي العلم التفصيلي بأن الإلتزام بجمیع فتاوی الميت و الجمع بینها غيرممكن؛ لإستلزامه الجمع بين المتناقضين ولكن هذا العلم ينحل إلی العلم بعدم حجية فتوي المجتهد بالنسبة إلي مسألة جواز البقاء علي تقليد الميت إذ العلة في الحكم بجواز البقاء هو الأخذ بالإطلاقات الآمرة برجوع الجاهل إلي العالم سواء عمل بآرائه حال حياته أو لم يعمل و هذا العلم ينقض حكم عدم جواز البقاء فنستنتج منه بطلان فتوی المجتهد الميت بعدم الجواز.

أما القائلون بعدم الجواز فقد إدعوا إنصراف الإطلاقات عن شمول التقليد عن الميت فيسقط فتاواه عن الحجية و منها فتوی عدم جواز البقاء علی تقليد الميت فعلي أي من التقديرين لايكون فتوی الميت بالنسبة إلي عدم جواز البقاء حجة .

و الحاصل عدم حجية فتوی الميت بالنسبة إلی مسألة عدم جواز بقاء التقليد عن الميت إما بمقتضی‌ إطلاقات الأدلة الأمرة بالرجوع و إما لإشتراط الحياة في جواز التقليد عن المجتهد فالعلم الإجمالي إنحل إلي العلم التفصيلي بعدم حجية فتوی عدم جواز البقاء .

و الحمد لله