درس خارج اصول استاد اشرفی

91/09/25

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث: إستدراکان

بقی إستدراکان من کلام الأستاذ الخوئی

الإستدراک الأول: أنه لا شک فی جواز الرجوع إلی غیر الأعلم مع العلم بعدم الإختلاف بین فتواه و فتوی الأعلم کما لا شک فی عدم جوازه مع العلم بإختلاف فتاواهما و لکن مع عدم العلم بالإختلاف بینهما فقد ذهب السید فی العروة‌ إلي وجوب الرجوع إلی الأعلم و إختار سیدنا الأستاذ الخوئی جواز الرجوع إلی غیره تمسکا بإطلاقات أدلة رجوع الجاهل إلی العالم من الآیات و الروایات .

و فیه أن معنی الحجیة علي مسلك الطريقية الحق هو المعذرية عند عدم الإصابة و المنجزية عند الإصابة و بعد العلم الإجمالي بالأحكام الإلزامية و لزوم الإحتياط لا يكون المعذر عن مخالفة الإحتياط إلا التقليد عن الأعلم .

أما إستدلال الأستاذ بإستصحاب عدم المخالفة بنحو العدم الأزلي أو النعتي فغير جائز عندنا حيث أن الإستصحاب الأزلي غير حجة و الإستصحاب النعتي غير مفيد في المقام إذ موضوع إستناد المقلد ليس شخص المجتهد بل فتواه و ليس لفتواه حالة‌ سابقة حيث أن فتوي غير الأعلم يشك في كونه مخالفا لفتوي الأعلم من زمن صدوره فيكون موضوع الإستصحاب بعده متفاوتا عنه قبله إذ غير الأعلم قبل الإستصحاب لم يكن من أهل الخبرة و الإجتهاد و كان عدم مخالفته لقول غير الأعلم من باب السالبة بإنتفاء الموضوع و بما أن الموضوع مأخوذ من الدليل لا من العرف فلا يمكن القول ببقاء الموضوع .

الإستدراك الثاني: قال الأستاذ إن مقتضی الإختلاف بین المجتهدین فی فرض تساوی المجتهدین فی العلم أو إحتمال أعلمیتهما تعارض القولین و تساقطهما و عدم شمول الأدلة له إذ لو الإلتزام بحجیة كلا الفتوائين مع تخالفهما موجب للتعبد بالمتناقضين أو الضدين فیتساقط قولهما و علی المکلف الرجوع إلی أحوط القولین .

و فیه أنه لو قلنا بعدم شمول أدلة الحجیة في المفروض فلابد من القول بعدم معذرية كل منهما فتكون الوظيفة حينئذ الإحتياط لا الرجوع إلي أحوط القولين .

و الحق شمول أدلة الحجية لما نحن فيه إذ كثيرا ما أعرض الشارع عن طلب الموافقة للحكم الواقعي لمصالح و هو المعذر في مقام العمل مثل موارد التقية التي يجب فيها العمل بخلاف الحكم الواقعي بحيث لو خالف المكلف التقية يستحق العقاب و إن كان الحكم الواقعي هنا معذرا عن الواقع كما نري ذلك في قضية وضوء علي بن يقطين بأمر الإمام موسي بن جعفر (عليه السلام) علي مسلك العامة فعليه يمكن علي مبني الطريقية عند العلم الإجمالي بالأحكام الإلزامية أن يجعل الشارع قول الأعلم معذرا و لو كان في مسألة قولين أن يجعل كلا منهما معذرا و لو كان أحدهما مخالفا للواقع .

ثم إنه في فرض تساوي المجتهدين ذهب مشهور الفقهاء إلي القول بالتخيير الظاهري ولكن وقع الخلاف في أن هذا التخيير إبتدائي أم إستمراراي فعلي الأول يجوز الرجوع في كل مسألة مختلفة فيها إلي مجتهد و علي الثاني لا يمكن العدول من المجتهد الأول الذي إختار قوله إلي غيره .

و الحق إستمرار التخییر لعدم تعین أحد القولین لا سیما فی زماننا هذا الذی لم يتفق العلماء علي أعلمية مجتهد و لذا إختار أفاضل الحوزة و مدرسيها جمع من الفقهاء لكي يسهل علي الناس أمر التقليد فبالإمكان أن يأخذ المقلد أحكام الحج من مجتهد و أحكام الصلاة من مجتهد آخر و أحكام الصوم من مجتهد ثالث حسب ما يراه من المصلحة بل تعدي الأستاذ إلي جواز التقليد في عمل واحد بأن يقلد في بعض أجزاء المركب من مجتهد و في بعض الآخر من آخر إلا إذا إستلزم التبعيض بطلان العمل عند كلا المجتهدين مثلا أفتي أحد منهما بوجب ثلاث تسبحات في الركعتين الأخيرتين و إستحباب قرائة السورة بعد الحمد بينما أفتي الآخر بوجوب السورة و إستحباب الثلاث في التسبيحات فحينئذ لو إكتفي المكلف بتسبيح واحد تقليدا عن المجتهد الثاني و لم يقرأ السورة تقليدا عن الأول تبطل صلاته لبطلان الصلاة عند المجتهدين لعدم جامعية الصلاة للشرائط من منظرهما .

إذا لم يفت الأعلم في مسألة و إحتاط فهل يجوز الرجوع إلي غير الأعلم أم لا ؟

الحق عدم كلية جواز الرجوع إلي غير الأعلم في فرض إحتياط الأعلم و إن إشتهر الجواز إذ تارة لايفتي الأعلم بشيء لأنه لم يدرس الأدلة‌ فيحتاط و لكن إذا إستنتج من دراسة الأدلة مثلا عدم تعين صلاة الجمعة و عدم تعين صلاة الظهر يوم الجمعة أو عدم تمامية دلالة أخبار القصر و لا التمام عند أربعة فراسخ مع البيتوتة فيحكم بلزوم الإحتياط فحينئذ لا يجوز الرجوع منه إلي غيره فبين المقامين فرق .

بعد ذلك يقع الكلام في إشتراط الحياة في المفتي فذهب العامة إلي جوازه و تقليدهم عن أئمتهم الأربعة‌ دليل علي ذلك و قيل هو مختار المحقق القمي في جامع الشتات و ذهب جمع إلي عدم جوازه و عليه سيدنا الأستاذ الشاهرودي و ذهب جمع ثالث إلي جواز بقاء التقليد عن الميت و عدم جواز التقليد عنه إبتداءا و سيأتي البحث فيه إن شاء الله تعالي .

و الحمد لله