درس خارج اصول استاد اشرفی

91/03/08

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث: دراسة روائية في أخبار التخيير

إنه قد أجبنا عن إشكالات الآخوند علی القول بالترجيح في الخبرين المتعارضين في الجلسات الماضية و قوينا القول بالترجيح و وصلنا إلی الكلام في الإيرادات الواردة علی القول بالتخيير الذي كان مختار الآخوند و دراسة أخباره و البحث عن مدی دلالة هذه الطائفة علی التخيير .

فنقول إن الآخوند تمسك للقول بالتخيير بعدة من الروايات الدالة بظاهرها علی جواز الأخذ بكل من الحديثين و أجاب عنها سيدنا الأستاذ الخوئي بأن هذه الأخبار وردت في التخيير بين الأمور المندوبة و المكروهة عمدتا و لاشك في صحة التخيير حينئذ و لا دخل لها بالتخيير في الخبرين المتعارضين علی وجه اللزوم و خلافه و أما التخيير بين الروايتين؛ مثلا تدل أحدهما علی إستحباب ذكر «بحول الله و قوته أقوم و أقعد» عند القيام من السجدة و الآخر تدل علی إستحباب التكبير حينئذ أو التخيير بين الروايتين أحدهما تدل علی الإتيان بالصلاة الندبي في المحمل و الآخر علی الأرض فلا محذور فيه و إلی هذا الوجه صرح خبر طويل رواه الصدوق في كتابه «عيون أخبار الرضا» عن مولانا الرضا عليه السلام في توجيه النهي إعافة أو الأمر المحمول علی الفضل .

حدثنا أبي و محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قالا حدثنا سعد بن عبد الله قال حدثني محمد بن عبد الله المسمعي قال حدثني أحمد بن الحسن الميثمي ( 2 ) انه سأل الرضا عليه السلام يوما وقد اجتمع عنده قوم من أصحابه و قد كانوا يتنازعون في الحديثين المختلفين عن رسول الله ( ص ) في الشئ الواحد فقال عليه السلام إن الله عز وجل حرم حراما و أحل حلالا و فرض فرائض فما جاء في تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحل الله أو دفع فريضة في كتاب الله رسمها بين قائم بلا ناسخ نسخ ذلك فذلك مما لا يسع الاخذ به لأن رسول الله ( ص ) لم يكن ليحرم ما أحل الله و لا ليحلل حرم الله ولا ليغير فرايض الله وأحكامه في ذلك كله متبعا مسلما مؤديا عن الله وقول الله عز وجل ان اتبع إلا ما يوحى إلى فكان متبعا لله مؤديا عن الله ما امره به من تبليغ الرسالة قلت فإنه يرد عنكم الحديث في الشئ عن رسول ( ص ) مما ليس في الكتاب و هو في السنة ثم يرد خلافه فقال و كذلك قد نهى رسول الله ( ص ) أشياء نهى حرام فوافق فذلك نهيه نهى الله و أمر بأشياء فصار ذلك الامر واجبا لازما كعدل فرايض تعالى و وافق في ذلك امره أمر الله تعالى فما جاء في النهى عن رسول الله ( ص ) نهى حرام جاء خلافه لم يسع استعمال ذلك و كذلك فيما أمر به لأنا نرخص فيما لم يرخص فيه رسول الله ( ص ) و نأمر بخلاف ما أمر رسول الله ( ص ) إلا لعله خوف ضرورة فاما ان نستحل ما حرم رسول الله ( ص ) أو نحرم استحل رسول الله ( ص ) فيكون ذلك ابدا لأنا تابعون لرسول الله ( ص ) مسلمون له كما كان رسول الله ( ص ) تابعا لأمر ربه عز وجل مسلما و قال عز وجل «ما آتيكم الرسول فخذوه و ما نهيكم فانتهوا» و ان رسول الله (ص) نهى عن أشياء نهى حرام بل اعافه و كراهة و أمر بأشياء ليس فرض و لا واجب بل أمر فضل و رجحان في الدين رخص في ذلك للمعلول و غير المعلول فما كان عن رسول الله ( ص ) نهى اعافه أو أمر فضل فذلك يسع استعمال الرخص فيه إذا ورد عليكم عنا فيه الخبران باتفاق يرويه من يرويه في النهى و لا ينكره و كان الخبران صحيحين معروفين باتفاق الناقلة فيهما يجب الاخذ بأحدهما أو بهما جميعا أو بأيهما شئت و أحببت موسع ذلك لك من باب التسليم لرسول ( ص ) و الرد إليه و الينا و كان تارك ذلك باب العناد و الانكار و ترك التسليم لرسول ( ص ) مشركا بالله العظيم فما ورد عليكم من خبرين مختلفين فاعرضوهما على كتاب الله فما كان في كتاب موجودا حلالا أو حراما فاتبعوا ما وافق الكتاب و ما لم يكن في الكتاب فأعرضوهما علی سنن رسول الله ... فما كان في السنة نهي إعافة و كراهة ثم كان الخبر الأخير خلافه فذلك رخصة فيما عافه رسول الله صلی الله عليه و آله و سلم و كرهه و لم‌يحرمه فذلك الذي يسع الأخذ بهما جميعا بأيهما شئت وسعك الإختيار من باب التسليم و الإتباع و الرد إلی رسول الله صلی الله عليه و آله و سلم و ما لم تجدوه في شيء من هذه الوجوه فردوا إلينا علمه فنحن أولی بذلك و لاتقولوا فيه بأدائكم و عليكم بالكف و التثبت و الوقوف أنتم طالبون باحثون حتی يأتيكم البيان من عندنا .

و قسم من تلك الأخبار مستند إلی مولانا صاحب الزمان أرواحنا له الفداء و قد عرفت أن الموارد المسؤول فيها من قبيل ترك المندوب أو فعل المكروه أو التخيير بين المستحبين و أما غيرها فلابد من البحث فيها سندا و دلالة فنقول:

منها: مرسلة حرث بن مغيرة عن أبی عبد الله عليه السلام قال إذا سمعت من أصحابك الحديث و كلهم ثقة فموسع عليك حتی تری القائم فترد إلیه (باب 9 صفات القاضي ح41 )

هذه الرواية كما تری لا دخل لها بالتخيير في باب التعارض .

و منها: (الإحتجاج باب 9 ابواب صفات القاضي ) يجيئان رجلان و كلاهما ثقة بحديثين مختلفين و لا نعلم أيهما حق قال فإذا لا تعلم فموسع عليك بديهما أخذت .

لا إشكال في دلالة الرواية إلا أنها مرسلة فلا يعتبر بها .

و منها: مرفوعة زرارة من غوالي الئالي التي مر الكلام فيها في الجلسات السابقة و قلنا بأنها ضعيفة السند مضافا إلی أن التخيير فيها مذكور بعد الرجوع إلی المرجحات فلا دخل لها بمختار الآخوند .

و منها: موثقة سماعة «أنت في سعة بأيهما أخذت» و هذه أيضا تدل علی التوسعة بعد الرجوع إلی المرجحات .

يبقی في المقام كلام الكليني الذي أخذه الآخوند مؤيدا علی نظره و الأستاذ إستظهر منه خلافه و الظاهر أنه قال بالترجيح و الرجوع إلی المرجحات المنصوصة .

محصل الكلام

    1. وردت روايات متظافرة مختلفة في الخبرين المتعارضين يدل بعضها علی التخيير و بعض آخر علی الترجيح و لكنها ضعيف السند بعضا و مختلفة من حيث التعرض للمرجحات و قدم الأستاذ القول بالترجيح بموافقة‌ الكتاب و مخالفة العامة مع إستشكاله في سائر الروايات .

    2. ذكرنا أن التخيير الوارد في تلك الروايات تخيير واقعي لإمكان صدور الرواية تقية و لكنها تعد وظيفة فعلية عملية‌ و حكما واقعيا في ظرف الإضطرار و لا منافاة للقول به لمذهب التخطئة‌ .

    3. يصح القول بالتخيير في ظروف التقية لا أن يكون وظيفة دائمية عند تعارض الخبرين .

    4. الحق في الخبرين المتعارضين هو الترجيح .

و الحمد لله