درس خارج اصول استاد اشرفی

91/02/16

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث:‌ التعارض بين اكثر من دليلين

إذا وقع التعارض بين أكثر من دليلين فهل تلاحظ الظهورات الأولية‌ لتلک الأدلة و ما فيها من التنافي أو إمكان الجمع أو لابد من ملاحظة إثنين منها و علاج التعارض بينهما ثم تلاحظ النسبة‌ بين النتيجه و الدليل الثالث .

مثال:‌ ورد عام قرآني «وحرم الربا» و دليل آخر علی جواز الزيادة في المعاملة ثم ورد خاص «لا ربا بين الوالد و الولد» أو خاص ثان «لا ربا بين المولی و المملوك» هل التعارض بين هذه الأدلة ينحل بإنقلاب النسبة‌ بينها أم لابد من ملاحظة الظهورات الأولية في كل منها مع ظهور الثابت للآخر.

معنی إنقلاب النسبة

إذا ورد عام « أكرم كل عالم» ثم ورد خاص «لاتكرم علماء البغداد» و ورد أيضا خاص «لاتكرم فساق العلماء» يكون النسبة بين العام و الخاصين عموم و خصوص مطلق فيقدم الخاص الأول علی العام ثم بعد تخصيص العام بالخاص الأول يكون النسبة‌ بين العام المخصص و الخاص الثاني عموم و خصوص من وجه إذ العام اولا يخصص بعلماء البغداد و بعد خروج علماء البغداد يكون النسبة بين العام و الخاص الثاني و هو حرمة الفساق من العلماء عموم و خصوص من وجه فانقلب النسبة من عموم و خصوص مطلق إلی من وجه .

ثم إن هذا النوع من التعارض يقع كثيرا ما في روايات فقهنا مثلا ورد عام« المسافر يقصر» ثم خاص «لاتقصر الصلاة‌ في سفر المعصية» ثم خاص آخر «لاتقصر الصلاة فيما لم‌تبلغ المسافة ثمانية فراسخ» فهنا هل يخصص العام بكلا الخاصين أو يخصص أولا بالخاص الأول ثم تلاحظ النسبة‌ بينه و بين الخاص الثاني .

ذهب الآخوند تبعا للشيخ إلی‌ إنكار إنقلاب النسبة‌ مستدلا بعدم الفرق بين المتعارضين و بين الأكثر ولكن المحقق النائيني و سيدنا الأستاذ إختارا القول بإنقلاب النسبة .

و لعل الحق ما ذهب إليه الشيخ و الآخوند إذ المدار في الملاحظة هو الظهورات الأولية العرفية فندرس هل يمكن رفع اليد عن ظهور أحد الدليلين لأقوائيته أم لا فإن كان كذلك يخصص العام به و هكذا يخصص العام بالخاص الثاني .

أما الدليل علی وقوع إنقلاب النسبة فهو عند الإستاذ يكون من القضايا التي تكون قياساتها معها و توضيحه متوقف علی بيان مقدميتن

المقدمة الأولی: إن الدلالات علی ثلاثة أقسام

الدلالة التصورية‌: و هي التي تحصل من قيام الألفاظ علی المعاني الموضوعة لها و يتبادر المعنی من اللفظ إلی الذهن و إن لم‌يكن المتكلم قاصدا له و سماها الأستاذ بالدلالة علی ما بني عليه في معنی الوضع و أنه عبارة عن تعهد المتكلم بأنه إذا تلفظ بكلام أراد فيه المعنی الكذائي فما صدر من غير القاصد ليس دلالته دلالة وضعية .

و الدلالة التصديقية الإستعمالية‌: و هي التي تحصل من مجموع كلمات المتكلم منضما إلی ‌القرائن المتصلة في كلامه .

الدلالة التصديقية الجدية‌: و هي الثانية من دون نصب قرينة أو معه مع ملاحظة تلك القرينة و لو منفصلا و هي التي نراها في أسلوب الشارع و كان من دأبه الإتكاء علی القرائن المنفصلة .

ثم إن الحجة‌ علی المكلف هي القسم الثالث الذي يحصل للمستمع بملاحظة‌ القرائن المتصلة و المنفصلة و هذه هي مدار حجية الكلام التي يؤخذ المتكلم بها و يحتج عليها .

المقدمة الثانية: لا شك في أن التعارض إنما يقع بين الحجتين لا الحجة و الذي ليس بحجة و لايتعارض الهزل مع الجد مثلا لكونه غير حجة و إن كان للهزل الدلالة‌ التصورية و التصديقية الإستعمالية و لكن بما لم يكن المتكلم جادا في كلامه فلايكون كلامه معارضا لما قاله جدا .

و بضم هذه المقدمة إلی المقدمة الأولی إستنتج الأستاذ الخوئي صحة القول بإنقلاب النسبة فإنه إذا قام دليل علی‌ عام ثم ورد دليل مخصص لذلك العام وقام دليل آخر معارض للعام فالعام قبل لحاظ مخصصه المنفصل ليس بحجة بل ثبوت الحجية الكاشفة‌ عن مراده الجدي متوقف علی لحاظ ما له من المخصصات حتی المنفصلة منها فلابد من ملاحظة النسبة بين العام و معارضه بعد إخراج ما يشمله المخصص لأن العام لايكون حجة بالنسبة إلی ما خرج منه المخصص .

و الحمد لله