درس خارج اصول استاد اشرفی

91/01/30

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث: في جواب الأستاذ الحَلي عن المحقق النائيني

قال المحقق النائینی(ره): إن الدلیلین المتعارضین مشتملان علی مدلولی المطابقی و الإلتزامی و هما متلازمان فی مقام الثبوت و الإثبات و لایتلازمان فی مقام الحجیة فلو قام دليل علی وجوب صلاة الجمعة مثلا و الآخر قام علی إستحبابه فهما يتعارضان في مدلولهما المطابقي و يتساقط دليل الحجية بالنسبة‌ إلی المدلول المطابقي و يبقی مدلولهما الإلتزامي وهو نفي الإباحة عن صلاة الجمعة بلامعارض فيبقی دليل الحجية‌ بلامعارض فيهما.

و إستشكل عليه الأستاذ بوجود التلازم بين المدلول المطابقي و الإلتزامي في مقام الحجية‌ كما يكون كذلك في مقام الثبوت و الإثبات فلو لم‌يكن المدلول المطابقي حجة فليس المدلول الإلتزامي أيضا بحجة و ذكر له موارد نقض له قد مر ذكرها .

أما الجواب الحلي علی ما حكی عنه المصباح: فهو أن الاخبار عن الملزوم و إن كان إخبارا عن اللازم، إلا أنه ليس إخبارا عن اللازم بوجوده السعي، بل إخبار عن حصة خاصة هي لازم له، فان الإخبار عن وقوع البول على الثوب ليس إخبارا عن نجاسة الثوب بأي سبب كان بل إخبار عن نجاسته المسببة عن وقوع البول عليه، فبعد العلم بكذب البينة في إخبارها عن وقوع البول على الثوب، يعلم كذبها في الإخبار عن نجاسة الثوب المستندة إلی ملاقاة البول لا محالة .

و أما النجاسة بسبب آخر، فهي و إن كانت محتملة، إلا أنها خارجة عن مفاد البينة رأسا و كذا في المقام الخبر الدال على الوجوب يدل على حصة من عدم الإباحة التي هي لازمة للوجوب لا على عدم الإباحة بقول مطلق و الخبر الدال على الحرمة يدل على عدم الإباحة اللازم للحرمة لا مطلق عدم الإباحة، فمع سقوطهما عن الحجية في مدلولهما المطابقي للمعارضة، يسقطان عن الحجية في المدلول الالتزامي أيضا .

و كذا الحال في سائر الأمثلة التي ذكرناها، فان إخبار البينة عن كون الدار لعمرو إخبار عن حصة من عدم كونها لزيد اللازمة لكونها لعمرو و كذا الإخبار بكونها لبكر، فبعد تساقطهما في المدلول المطابقي تسقطان في المدلول الالتزامي أيضا .

فيخطأ القول بثبوت حجية المدلول الإلتزامي علی نحو كلي لولم‌يكن المدلول المطابقي حجة فلوقام دليل علی وجوب صلاة الجمعة يكون مدلوله الإلتزامي و هو نفي الإباحة المستندة إلی نفي الوجوب عنه لا مطلق الإباحة و هكذا في جانب الندب فإن مدلوله الإلتزامي هو نفي الإباحة المستندة إلی ثبوت الندب لا مطلق الإباحة فلا حجية للمدلول الإلتزامي في دائرة‌ أوسع من المدلول المطابقي .

أقول للأستاذ: إن هذا الكلام أنسب بعلم الفلسفة و الحكمة لا بالمسائل العرفية و الإعتبارية كالأحكام الخمسة و لامجال للدقة‌ العقلية في باب الملازمات في المسائل العرفية للمضادة بين كل من الأحكام الخمسة بالنسبة‌ إلی ‌الآخر و يستحيل الجمع بين الحكمين في متعلق واحد في مقام العمل و لذا لو قام دليل علی وجوب عمل فيدل قطعا علی نفي سائر الأحكام بالمرة‌ و هكذا الدليل الدال علی حرمة الغيبة ينفي سائر المحتملات من الوجوب و الإستحباب و الإباحة و الكراهة عن الغيبة و لاينبغی القول بأن الدليل الدال علی حرمته ينفي سائر الأحكام في دائرة مضيقة مستندة إلی خصوص الحرمة بل ينفي تلك الأحكام بنحو كلي .

و عليه لو قام دليل علی وجوب صلاة الجمعة يكون ذاك الدليل قائما علی نفي الإباحة عنها قطعا لدی العرف و هكذا لو قام الدليل علی إستحبابها فبعد تعارض الدليلين في مدلولهما المطابقي و تساقطهما لاموجب لنفي الإباحة عنهما و يكون قياس المقام بالموارد المذكورة مع الفارق .

هذا تمام كلامنا في مقتضی الأصل في المتعارضين و تبين بذلك أن الأصل فيمقام التعارض هو التساقط عند هؤلاء و لازم ذلك نفي الإحتمال الثالث كما قال الآخوند و المحقق النائيني و الشيخ مضافا إلی أن إثبات التخيير في المتعارضين بالأصل الأولي دونه خرط القتاة .

أما علی القول بالسببية‌ فنقول إنها يتصور علی ثلاثة أنحاء

الأول: المصلحة السلوكية القائل بها الشيخ فرارا من إشكال إبن قبة

الثاني: السببية‌ بمعنی التصويب المنتسب إلی الأشاعرة

الثالث: السببية بمعنی المنسوب إلی المعتزلة

الفرق بين السببية المنسوبة إلی الأشاعرة و ما هي منسوبة إلی المعتزلة

أن الأشعري قائل بإنشاء الحكم الواقعي بقيام الأمارة فوقع الأشاعرة به في الدور الباطل إذ مع فرض عدم وجود الحكم الواقعي فكيف يتصور قيام الأمارة عليه و الدليل عم يكون حاكيا ؟!

أما المعتزلي فإنه قائل بوجود حكم الله الواقعي من دون فعليته إلا أن يقوم الدليل عليه فلو لم‌يقم الدليل عليه بل قام علی خلافه لايصير حكم الله فعليا و يكون الخلاف حكما فعليا .

و لايخفي بطلان هذا القول أيضا لإشتراك الأحكام بين العالم و الجاهل .

و الحمد لله