درس خارج اصول استاد اشرفی

91/01/22

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث: في ما يرد علی كلام المحقق النائيني في موارد التزاحم

بعد بیان ما ذکره المحقق النائینی فی موارد التزاحم و مرجحاته نتعرض لبیان ما فیه من منظر الأستاذ الخوئی و تحقيق کلامه .

أما المرجح الأول: و هو ما إذا كان أحد التكليفين موسعا و الآخر مضيقا مثلا دخل وقت الصلاة‌ و تنجس المسجد فوجبت إزالتها عنه أو كان أحدهما تعيينيا و الآخر تخييرا كالعتق في كفارة‌ الظهار و خصال كفارة إفطار صوم شهر رمضان .

و يرد عليه: أنه لامزاحمة بین الواجب الموسع و المضيق لقدرة المكلف علی إمتثال كليهما إذ التكليف في الموسع متعلق بالطبيعي لا الأفراد و المكلف قادر علی إمتثال الطبيعة في ضمن فرد لايزاحم الواجب المضيق و إنما التزاحم بین بعض أفراد الموسع و المضیق و ليس هو الواجب بل الواجب هو الطبيعة .

و كذا الكلام في الواجب التعييني و التخييري فإنه لامزاحمة بينهما لقدرة المكلف علی إمتثالهما إذ التكليف في التخييري متعلق بالقدر الجامع الإنتزاعي بينهما و هو أحد الأمرين أو الأمور و لا مزاحمة بين التكليف بالكلي و الواجب التعييني و إنما المزاحمة بين فرد خاص منه و الواجب التعييني كعتق الرقبة في كفارة الظهار و خصال كفارة إفطار صوم شهر رمضان .

نعم لو كان الواجب هو ما إختاره المكلف يقع التزاحم بينهما ولكن هذا القول قد نسب إلی المعتزلة و قد ينسب إلی الأشاعرة و إن تبرأ كل منه و نسبه إلی‌ الآخر .

أما المرجح الثاني: و هو ما إذا كان أحد الدليلين مشروطا بالقدرة الشرعية و الآخر بالقدرة العقلية فيقدم المشروط بالقدرة عقلية كتقدم أداء الدين المطالب علی الحج لو خرج عن الإستطاعة بأداء دينه و كتقدم تطهير البدن بالماء علی الوضوء و الغسل لو‌لم‌يكن الماء كافيا بهما حيث أن أداء الدين و تطهير البدن غير مشروط بالقدرة خلافا للحج و التطهير عن الحدث فإنهما مشروطان بالإستطاعة و وجدان الماء .

و بيان ما فيه من النظر متوقف علی بيان معنی «المشروط بالقدرة الشرعية»

فنقول معنی‌ ذلك تقييد التكليف في لسان الدليل بالقدرة‌ و الإستطاعة بداهة إشتراط كل تكليف بالتمكن و القدرة العقلية إذ التكيف لايكون فعليا بدونها فمعنی أخذ القدرة في لسان التكليف وجود الملاك عند وجود القيد ففي صورة العجز ليس له ملاكا أصلا فمعنی قوله تعالی «و لله علی الناس حج البيت من إستطاع إليه سبيلا» أن الحج ليس له مصلحة بدون الإستطاعة فلا‌يتحقق وجوبه أصلا و لذا لو حج متسكعا ثم إستطاع لم‌يكف حجه عن حجة‌ الإسلام إذ الحج بعد حصول الإستطاعة‌ يكون واجبا فعليه أن يأتي به بعده .

و هكذا في قوله تعالی «و إن لم تجدوا ماءا فتيمموا صعيدا طيبا» أن القدرة علی إستعمال الماء تكون شرط تحقق وجوب الوضوء بحيث لولم‌يقدر علی الوضوء يجب التيمم

و لايخفی أن إستفادة القدرة من قوله تعالی «و إن لم تجدوا» مع أن معنی الوجدان خلاف الفقدان مبني علی‌ العلم بأن الوظيفة قد‌يكون التيمم مع وجدان الماء كمن كان عنده ماءا و لايقدر علی إستفادته لضيق الوقت أو الضرر المترتب علی ‌إستعمال الماء فبما أن التقسيم قاطع للشركة يكون معنی قوله تعالی «و إن لم تجدوا ماءا»: و إن لم تقدروا علی‌ إستعمال الماء فيكون موضوع التيمم عدم القدرة‌ علی‌ إستعمال الماء .

هذا بخلاف المشروط بالقدرة‌ العقلية فإن المصلحة موجودة فيه و لا تكون القدرة دخيلا في الملاك كإنقاذ النفس المحترمة‌ فلو لم‌يكن قادرا علی إنقاذ الغريق تبق المصلحة و إن كان معذورا لعدم القدرة عليه .

و هكذا بالنسبة‌ إلی‌ فعل الحرام فتكون المفسدة‌ باقية فيه و إن لم‌يقدر المرتكب علی تركه للإجبار مثلا و لكنه معذور بالنسبة‌ إلی فعله .

فعليه لو تزاحم الواجب المشروط بالقدرة‌ الشرعية كالحج مع الواجب المشروط بالقدرة العقلية كأداء الدين يقدم المشروط بالقدرة‌ العقلية .

و لكن الأستاذ ناقش في كلام المحقق النائيني قائلا بأن الحج لايكون واجبا علی المستطيع إذا كان عليه دين مطالب يخرج عن حال الإستطاعة بأدائه إذ وجوبه مشروط بالإستطاعة فلايكون فيه ملاك المصلحة ليتعلق به الوجوب فلا يزاحم وجوب أداء الدين أصلا بل يختص الوجوب بأداء الدين و هكذا في مثال الماء و تطهير البدن المذكور سابقا؛ فلايجب الوضوء حین قلة الماء و عدم كفايته للوضوء و التطهير معا بل يتعين التكليف في التيمم و صرف الماء لتطهير البدن .

هذا ما ذكره الأستاذ أيضا في البحث عن الترتب .

و الحمد لله