درس خارج اصول استاد اشرفی

90/12/06

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث: أصالة الصحة

إذا شككنا في صحة عمل مسلم و لا ندري بأنه عمله علی نحو صحيح حتی نترتب علی عمله آثار الصحة أو لا حتی لانترتب علیه آثاره فمقتضی قاعدة‌ إصالة ‌الصحة الحمل علی الصحة و ترتيب آثار العمل الصحيح عليه .

ما الدليل علی‌ صحة عمله مع أن مقتضی الاستصحاب هو عدم الصحة ؟

مثلا لو شككنا في صحة عقد نكاح هند و زيد يقتضي إستصحاب عدم حصول علقة الزوجية بينهما؛ عدم صحة النكاح و بطلانه مع أن إصالة الصحة تحكم بصحة هذا العقد و الحكم بترتب آثار العقد الصحيح عليه و هكذا بالنسبة‌ إلی الثوب النجس الذي غسله المسلم فمقتضی إستصحاب النجاسة ؛ الحكم ببقاء نجاسته و لكن مقتضی صحة‌عمل المغتسل الحكم بطهارته فيكون الإستصحاب دائما مقابل لإصالة الصحة فيقع الكلام في حجية‌ إصالة الصحة .

إن الشيخ الأعظم ذكر في الرسائل مبسوطا الآيات و الروايات التي تمسك بها العلماء لحمل عمل المسلم علی‌ الصحة و لكن الآخوند و المحقق النائيني لم‌يتعرضا لها تفصيلا إذ الغالب فيها في مقام الحسن الفاعلي و رفع تهمة الفسق عن الأخ المسلم و لا دخل لها بمقامنا هذا الذي يبحث فيه عن حمل عمل المسلم علی ‌الصحة و ترتيب آثار الواقعي علی عمله .

توضيح ذلك

إن بعض الآیات التی أستشهد بها علی أصالة الصحة كآية «يقولون هو أذن قل أذن خير لكم يؤمن بالله و يؤمن للمؤمنين» يكون بصدد بيان سجايا النبي صلی الله عليه و آله و سلم و سعة صدره و مداراته مع الناس و تصديقهم في نفي التهمة عنهم و عدم ترتيب آثار التهمة علی كلامهم و عدم مؤاخذتهم علی كلماتهم و هكذا بالنسبة إلی‌ بعض الأحاديث «ضع فعل أخیک علی أحسنه» أو «يا أبا محمد كذب سمعك و بصرك فإن شهد عندك خمسون قسامة‌علی أن فلانا قال فيك كذا و قال لم‌أقله فكذبهم و صدقه» فإن مثل هذه الآيات و الروايات يكون بصدد ترغيب المؤمنين بالتزيين بالسجايا الأخلاقية و مكارم الأخلاق و العفو عمن أخطأ فأنكره « و لكم في رسول الله أسوة حسنة» و إلا أن العقل لايحكم بتكذيب خمسين و تصديق نفر واحد .

و قد تعرض لهذا الإشكال الشيخ و الآخرون فعليه لا دخل لمثل هذه الأدلة بما نحن فيه من حمل أفعالهم علی‌ الصحة .

ثم إن بعض المحققين كالمحقق الكركي صاحب جامع المقاصد - الذي يكون كتابه من أدق الكتب الفقهية لكثرة أحتوائه علی النكات الدقيقة - تمسك بآية «أوفوا بالعقود» و «تجارة عن تراض» مستدلا بأن مقتضی الوفاء بالعقد و التراضي بالتجارة‌ هو ترتب آثار العقد الصحيح علی عقد المسلم فلو تزوج زيد هندا يلزمنا الحكم بصحة عقدهما و الحكم بصحة عقدهما فلا يجوز تزويج هند و هكذا بالنسبة إلی بيع زيد دارا فعلی الجميع يلزم ترتب آثار عقد الآخرين و حمله علی الصحة .

و لكن أجاب عنه بعض منهم الأستاذ بأن خطاب هاتين الآيتين متوجه إلی نفس المتعاقدين و لو سلمنا دلالتهما فإنهما تدلان علی الحمل علی الصحة في العقود دون الإيقاعات و هو أخص من المدعی .

و الحق أن إجماع المسلمين و سيرتهم من عهد الرسول إلی ‌زماننا هذا قام علی جريان إصالة الصحة و صدق الشيخ و المحقق النائيني الإجماع بين الشيعة بل المسلمين إلا أن المحقق النائيني قال بأن الإجماع محقق قطعا علی‌ نحو الموجبات الجزئيات كالبيع و النكاح و الطلاق و لايبعد دعوی إنعقاد الإجماع بنحو الموجبة الكلية و خرج ما خرج بالدليل و بقي الباقي خلافا لما قال بعض بأن معقد الإجماع هو موجبات جزئية .

ولكن المهم هو قيام السيرة‌ العقلائية و المتشرعة من زمن النبي صلی‌ الله عليه و آله و سلم حتی ‌بين غير المسلمين ‌التي لم‌تردع فتكفينا دليلا عليها.

نكتة

إن قاعدتي التجاوز و الفراغ تجري غالبا بعد العمل و لكن أصالة الصحة تجري حتی حين الإشتغال فإذا رأينا يصلي أحد علی‌ ميت يحكم بصحة صلاته عليه و عدم لزوم إعادة الصلاة عليه و رفع الوجوب عن الآخرين .

و الحمد لله