موضوع : في جريان القاعدتين عند الشك في شرائط العمل

قلنا بأن قاعدة‌ الفراغ لاتجري فيما إذا كانت صورة‌ العمل محفوظة بعد العمل و لايدري الشاك بمطابقتها مع المأمور به .

توضيح ذلك : إن الشك في صحة العمل و فساده لايخلو عن ثلاث جهات

الجهة الأولی: يشك في تعلق الأمر به كمن إغتسل عن الجنابة ثم يشك في أنه هل كان جنبا حتی تعلق به الأمر بالغسل ليجزيه عن الوضوء للصلاة أم لم‌يكن جنبا حتی يكون غسله غيرمأمور به فيكون باطلا فيجب عليه الوضوء للصلاة؛ فهنا لاتجري القاعدتان بلاريب و لا‌موجب للحكم بصحة الغسل و إجزائه عن الوضوء .

الجهة الثانية: يعلم بوجود الأمر بالعمل و لكن صورة‌ العمل محفوظة‌ عنده و يشك في مطابقته للمأمور به كمن صلی إلی جانب الأيمن و يعلم به بعد الصلاة و لايدري بأنها تكون جهة القبلة‌ أم لا؛ فهنا أيضا لاتجري القاعدتان لعدم جريان التعليل في المقام حيث أن الأذكرية و الأقربية إلی الحق، غير موجودة‌ إذ العمل محفوظة بصورته بعده فلم‌يكن حين العمل أذكر و أقرب إلی الحق .

الجهة الثالثة: ما إذا لم تكن الصورة محفوظة‌ عنده بل يحتمل بأنه حين العمل كان ملتفتا إليه فأتی به علی وجهه كمن يعلم بجهة القبلة‌ و لكنه لايدري بأنه صلی‌ إلی جهته أم لا؛ فهنا تجري قاعدة‌ الفراغ لأذكريته و أقربيته إلی‌الحق حين العمل .

و منها ما إذا علم بأن عادته علی تقديم غسل جانب الأيسر في الغسل و لكنه لايدري بأن هذا الشكل من الغسل كان بتقليده عن الخوئي الذي لايعتبر عنده الترتيب بين الجانبين ليكون عمله صحيحا أو كان مقلدا للسيد الحكيم (ره) الذي إعتبر الترتيب بين الجانبين فيكون عمله باطلا؛ فهنا أيضا تجري القاعدة‌ و إن كانت الصور‌ة عنده محفوظة‌ إذ صحة‌ العمل فيه غيرمستند إلی‌ التصادف بل إلی‌ إلتفاته و أذكريته و أن المكلف يكون بصدد إتيان العمل علی وجهه فمن المحتمل بأنه كان يعمل علی ما كان وظيفته .

و علی كل حال أن المدار في جريان القاعدة إحتمال إتيان العمل علی وجهه بحسب إختيار المكلف لا إحتمال التصادف .

ثم إن الشك في صحة‌ العمل و فساده الموجب لجريان قاعدة‌ التجاوز و الفراغ إلی هنا كان ناشئا من الشك في جزء من أجزاء الوضوء و الآن نتعرض لما إذا كان الشك ناشئا من الإتيان بالشرط فنقول إن الشيخ الأعظم بحث عنه في الموضع الخامس من البحث في القاعدتين و المحقق النائيني قد أطال الكلام فيه في الفوائد و ملخص كلامه أن الشك في الشرائط يتصور علی ثلاثة أطوار .

الطور الأول: أن يشك بعد العمل في الشرط الذي كان معتبرا قبل العمل و لايدري بأن العمل هل كان واجدا لهذا الشرط المتقدم أم لا؛ کالشک فی الإتیان بالغسل المستحاظة المتوسطة‌ بعد الفراغ من صيام اليوم التالي و الشك في الإتيان بالإقامة - عند القائلين بشرطيتها لكمال الصلاة – و الشك في الإحرام بعد الدخول في الطواف علی القول بكونها شرطا متقدما لأعمال الحج .

ففيه تجري قاعدة‌ التجاوز إن كان الشك في أثناء العمل و تجري قاعدة ‌الفراغ إن كان الشك بعد الفراغ منه .

الطور الثاني: أن يشك في شرط كان معتبرا في مجموع العمل من الأجزاء و الأكوان كالطهارة الحدثية و الإستقبال في الصلاة من التكبيرة إلی التسليمة‌ بحيث لو خلي عن الشرط بالحدث أو الإستدبار و لو لحظة‌ واحدة تبطل الصلاة‌ .

الطور الثالث: أن يشك في شرط مقارن لأجزاء العمل دون الأكوان كالنية‌ التي تكون شرط الأجزاء في الوضوء من الغسلات و المسحات فقط فلو‌لم ينو في الأكوان بين غسل الوجه و اليد مثلا لايضر الوضوء و هكذا الإستقرار و الطمأنينة‌ في الصلاة‌ المعتبرين حال أفعالها و أذكارها دون حال السكون و السكوت فلو دخل المأموم المسجد و إئتم متأخرا عن الصفوف لدرك فضيلة‌ الجماعة ثم تقدم حال السكوت ليصل الصف صحت صلاته .

ففي جميع هذه الأطوار تجري قاعدة ‌الفراغ بعد العمل كما إذا إشتغل بالتعقيب بعد الصلاة ‌و شك في شيء من هذه الشروط .

أما إذا شك أثناء العمل تجري قاعدة ‌التجاوز في الطور الأول بلاإشكال و لكنه في الطور الثاني علی قسمين .

الأول: ما كان بالفعل محرزا للشرط المقارن للأجزاء و الأكوان فتجري هنا القاعدة‌ ضرورة‌ وجودها من أول الصلاة.

الثاني: ما لم‌يكن بالفعل محرزا للشرط كمن شك في الطهارة‌ أثناء الصلاة و لم‌تكن محرزا لها بالفعل فهنا لاتجري القاعدتين ضرورة بطلان الصلاة‌ حين عدم إحرازها.