درس خارج اصول استاد اشرفی

90/11/25

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث: في الجمع بين الروايات الواردة‌ في حال الهوي و النهوض

ذكرنا إختلاف الأقوال في جريان قاعدة التجاوز عند الدخول في مقدمات الأجزاء بعد الخروج من الجزء كالشک فی الرکوع بعد الدخول في حال الهوي إلی السجود و الشک في السجدة‌ بعد الدخول في حال النهوض إلی القيام. و السر في الأختلاف ما ورد عن عبد الرحمن الذي أجری الإمام (عليه السلام) القاعدة في حال الهوي في إحدی رواياته و لم‌يجرها في حال النهوض في الأخری مع كونهما مقدمتين للأجزاء اللاحقة .

عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال «قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) رجل رفع رأسه من السجود فشك قبل أن يستوي جالسا فلم‌يدرأسجد أم لم‌يسجد قال يسجد، قلت رجل نهض من السجود فشك قبل أن يستوي قائما فلم‌يدر أسجد أم لم‌يسجد قال يسجد » فإن هذه الرواية‌ تدل علی الإعتناء بالشك عند الدخول في المقدمات و روی نفس الراوي في رواية أخری «قلت رجل أهوی إلی السجود فلم‌يدر أركع أم لم‌يركع قال قد ركع » فيُسأل عن الفرق بينهما و أنه هل هو تعبد خاص في المقام أم لا؟

فنقول إنه يبعد التعبد لأن المدار إن كان هو الدخول في الغير يشمل أيضا الدخول في المقدمات لصدق الغير عليه و إن كان المدار علی الدخول في الجزء اللاحق يجب الإعتناء به ما لم يدخل في الجزء الأخيرسواء كان الشك في الركوع أو السجود .

و أجاب المحقق النائيني عن التنافي بين الروايتين بأن الرواية‌ الثانية‌ عن عبد الرحمن الدالة علی عدم الإعتناء بالشك في الركوع حال الهوي إلی السجود؛ مطلقة‌ فتشمل ما إذا وصل إلی السجود و ما لم‌يصل و رواية‌ إسماعيل بن جابر تدل علی عدم الإعتناء بالشك في الركوع حال السجود فنقيد إطلاق رواية‌ عبد الرحمن بصحيحة ‌إسماعيل بن جابر لتقييد عدم الإعتناء بالشك بما إذا دخل في حال السجود أما ما حكم بعدم الإعتناء بحال النهوض فلأنه لم‌يدخل في الجزء الأخير .

و فيه: إن حمل المطلق علی المقيد إنما يصح فيما إذا وقع التنافي بين الدليلين إيجابا و نفيا كما إذا قال أحدهما «أعتق رقبة‌» و ثانيهما «لاتعتق رقبة كافرة‌» و لكن الدليلين في المقام إيجابيان .

نعم يمكن فرض التنافي بينهما فيما إذا كان لأحد الدليلين مفهوما يقيد إطلاق الدليل الآخر «أعتق رقبة» و «إن ظاهرت أعتق رقبة مؤمنة‌» التی تدل علی عدم كفاية عتق رقبة كافرة .

و استشكل عليه الأستاذ بعدم وجود المفهوم لقوله «إن شك في الركوع بعد ما سجد» لكون القضية من قبيل السالبة‌ بإنتفاء الموضوع فيكون حاله حال قضية «إن رزقت ولدا فأختنه» في عدم وجود المفهوم كما ذكره الشيخ في الرسائل فليس لصحيحة إسماعيل بن جابر مفهوما حتي نقيد به صحيحة‌ عبد الرحمن.

ثم إن الأستاذ حاول رفع التنافي بأنه لا فرق بين الهوي و النهوض من المقدمات في الإعتناء بالشك و الأتيان بالمشكوك فيه لعدم مضي المحل و عدم الدخول في الجزء المتأخر إلا أن قوله «أهوی إلی السجود» ظاهر في إنقضاء المبدأ لكونه ماضيا فيدل علی الوصول إلی حال السجود فلا يدل علی أنه في حال الهوي بل يدل علی مضي الهوي فيكون مطابقا لمدلول صحيحة إسماعيل بن جابر من عدم الإعتناء بالشك بعد الدخول في السجدة .

و الشاهد علی هذا الفرق بين «أهوی» و «يهوي» عند المستمع إذ الثاني يفيد أنه وقع في حال الهوي دون الأول .

و فيه:‌ أن قوله «أهوی» ظاهر في الماضي الإستمراري فالحق رفع اليد عن هذه الرواية لكونه غير معمول به عند الفقهاء .

ثم إنه وقع الكلام في أنه هل يشترط جريان قاعدة‌ التجاوز و الفراغ بإلتفات المكلف حين العمل بحيث لو كان غافلا أو جاهلا أو ناسيا لم‌تجر القاعدة أم لايعتبر فيها حال الذكر ؟

قال الأستاذ الخوئي و الخميني تبعا لجمع من المحققين منهم الإصفهاني بعدم جريان القاعدة‌ في المقام لكون القاعدة قاعدة عقلائية‌ التي جرت عند العقلاء لأذكرية‌ العامل حين عمله منه بعد العمل و إليه أشار الإمام بقوله « لأنه حين العمل أذكر» و «لأنه أقرب إلی الحق حين العمل» فلاتجري في فرض الغفلة و الجهل و النسيان .

و لكن المحقق النائيني قال بجريانها تبعا للشيخ لإطلاق الروايات «كلما شككت في شيء و قد دخلت في شيء آخر فشكك ليس بشيء» فتشمل الضابطة‌ الفروض السابقة‌ .

إن قلت: فما معنی الأذكرية الواردة في التعليل المقتضية للتعميم و التخصيص ؟

قلنا: الظاهر كونها الحكمة للقاعدة كحكمة العدة من عدم إختلاط المياه لا العلة‌ التي تقتضي التعميم و التخصيص .

و فيه: أن الأصل كونها علة لقاعدة التجاوز و الفراغ فالقول بالحكمة تحتاج إلی الدليل و هو مفقود في المقام .

و الحمد لله