درس خارج اصول استاد اشرفی

90/11/24

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: جريان القاعدة بعد الدخول فِي الجزء المستحب وجزء الجزء/قاعدة الفراغ والتجاوز

 

قلنا: إِنَّهُ لا إشكال في جريان قاعدة‌ التجاوز في الشك في غير الجزء الأخير وذلك عند الشك في جزءٍ بعد الدخول في الجزء المتأخر عنه إلا أنه وقع الكلام في أمرين:

الأمر الأول: في جريانها بعد الدخول في الجزء المستحب كالشك في القراءة‌ بعد الدخول في القنوت، أو الشك في ذكر السجدة‌ بعد الدخول في دعائها.

هنا أفاد السید الطباطبائي صاحب العروة‌ بجريان قاعدة‌ التجاوز؛ ذَلِكَ لأَنَّ الضابط هو الدخول في الغير (سواء كان الشيء مستحباً أم كان واجباً) بينما ذهب جمع من الفقهاء منهم السيد الحكيم ره وسيدنا الأستاذ الخوئي ره إلی‌ عدم جريان قاعدة‌ التجاوز قائلين بأن المستحب لا يُعد جزء ماهية‌ العمل، ولا جزء الفرد الطبيعي والكلي، بل المستحبات تقع في ظرف الواجب.

واستدل السَّيِّد الأَسْتَاذ الْخُوئِيّ ره علی امتناعه ببرهان الصبر والتقسيم العقلي، كأدعية شهر رمضان التي يكون الشهر أو الصیام ظرفها.

وفي مقابله قول يقول بأن الطبيعي مشتمل علی الواجب والمستحب عند الشارع، واختار صاحب الكفاية‌ بأن المستحبات ليست جزءاً للعمل الواجب، بل تکون من المشخصات الفردية للواجب.

ولعل الحق جریان القاعدة في مفروض البحث والاستدلال ببرهان الصبر والتقسيم أنسب بحال علم الفلسفة والمعتبر في المقام استفادة‌ العرفية من الروايات.

الأمر الثاني:‌ في جريانها بعد الدخول في جزء الجزء، كالورود في السورة بعد الفراغ من الحمد (إذا اعتبرنا القراءة‌ جزءاً وقلنا بكونها مركباً من الحمد والسورة كاملةً وإن كان الحق كون الحمد والسورة جزأين مستقلين؛ لاستفادة‌ الجزئية‌ من الروايات «لا صلاة‌ إلاَّ بفاتحة الكتاب») ومما يدل علی وجوب قراءة‌ سورة كاملة بعد الحمد هو الروايات المتظافرة ومنها الدخول في آية‌ بعد الخروج عن الآية‌ السابقة.

ربما يقال: نعم تجري قاعدة‌ تجاوز هنا لكون المدار علی الضابطة‌ ولصدق «الخروج من شيء والدخول في شيء آخر» في المقام.

واستشكل المحقق النائيني (الذي يكون الأصل عنده قاعدة ‌الفراغ) في جريان قاعدة‌ الفراغ فيه مستدلاً بلزوم الاقتصار علی الموارد المنصوصة في الروايات الصحيحة في التنزيل الوارد في أجزاء الصلاة‌ التي جعل الشك في خصوص أجزاء الصلاة‌ منزلة‌ الشك في الكل وهي الشك في الأجزاء الأصلية‌ كالشك في الركوع والسجود والقراءة‌...

وإن شئت قلت: الاقتصار علی ما اختص الفقهاء به باباً في الكتب الفقهية، كبابِ الركوع وباب السجود وباب التشهد و... أما جزء الجزء كجزء التشهد وجزء الحمد لا ينزل الشك فيه منزلة‌ الشك في الكل، فلا تجري فيه قاعد‌ة الفراغ.

وفي مقابله القول بكون الأصل في القاعدتين هو قاعدة التجاوز كما هو مختار سيدنا الخوئي أو القول بأن القاعدة‌ هو التجاوز فحسب كما هو مختار سيدنا الخميني، فعليهما لا يكون تنزيلاً في المقام بل المدار علی كلي الضابطة‌.

نعم لو يری العرف أجزاء الحمد أشياء متعددة تجري فيه أيضاً قاعدة‌ الفراغ، ولعل الحق استقلالها لدی العرف وإن كان الأمر بالنسبة‌ إلی الكلمات مشكل.

الأمر الثالث: في جريانها بعد الدخول في مقدمات الأجزاء اللاحقة كالهوي إلی‌ السجود والنهوض إلی‌ القيام، فنقول مقتضی القاعدة‌ عدم جريانها لعدم مضي محل الجزء وبقاء محل الجزء السابق؛ إذ مقدمة الجزء لا تعد جزء جزءِ اللاحق، بل لا تعد جزء المركب أيضاً ودائماً تكون المقدمة مختلفة عن ذي المقدمة ولذا إذا تذكر أنه لم‌ يأت بالركوع مثلاً حال الهوي إلی السجود يجب عليه الرجوع والإتيان به.

ولكن صاحب المدارك فرَّق في خصوص الصلاة بين الهوي والنهوض بتدارك المشكوك فيه حال النهوض دون الهوي واعترض صاحب الحدائق علیه بکون الفرق بلا وجه ومفصِّل.

ونقول فی الجواب عن إشكال صاحب الحدائق بأن الممتنع تطرق التخصیص في القواعد العقلية دون الشرعية‌ وللشارع أن يخصص ما وضعه من القواعد وبالنظر إلی الروايات تظهر لنا صحة كلام صاحب المدارك؛ إذ أن رواية ‌عبد الرحمن بن أبي عبد الله تدل علی الفرق حيث أمر الإمام في أحدهما بعدم الاعتناء بالشك في الركوع حال الهوي إلی السجود، وفي ثانيهما بالاعتناء بالشك بالرجوع إلی السجدة والإتيان بالمشكوك فيه.

ولكن يبقی الكلام في أن الفرق المذكور هل هو مقتضی الجمع بين الروايات أو يكون مستنداً إلی التعبد.